إقتصادالجزائر من الداخلسياحة و سفرمال و أعمال

السياحة الإلكترونية … كل شيء عن السياحة الالكترونية

حديد نوفيل


في هذه المداخلة سوف نتطرق إلى موضوع السياحة من حيث أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جعل السياحة تتأقلم وتتكيف مع الاحتياجات الجديدة لمستهلك الألفية الثالثة، أو ما يسمى بالمستهلك 2.0.

هذا المستهلك الذي أصبح يتخذ قراراته بصفة جماعية واستنادا إلى آراء الغير، فهو في بحث مستمر عن المعلومات في كل وقت وفي كل مكان من أجل إشباع حاجته المستمرة في الحصول على معلومات واضحة وشفافة عن السلع والخدمات التي يستهلكها، وهذا ما تسمح به خدمات الانترنت وخاصة ما يعرف باسم خدمات الويب 2.0. حيث أنه أصبح بإمكانه التطلع علي آراء المستهلكين الآخرين أو إبداء رأيه عن سلعة خدمة أو مؤسسة ما وتشاركة مع الآخرين عبر ما يسمي بالشبكات الاجتماعية وغيرها من أدوات الويب 2.0

إن المستهلك الحديث أصبح لا يبحث فقط عن إرضاء حاجاته من سلع وخدمات بل أصبح يبحث عن ما يسمى بتجربة الاستهلاك أي انطباعاته وشعوره قبل وأثناء وبعد استهلاك السلعة أو استعمال الخدمة. وينعكس هذا في مجال السياحة بظهور ما يعرف بالسياحة الإلكترونية والتي جعلت من الخدمات التي يقدمها المجال السياحي أكثر تكيفا وتفاعلا مع رغبات المستهلك.

مقدمة:
إن الإنترنت جعلت العالم يظهر بشكل شبكة عملاقة بلا حدود. حيث أصبح لا مادي، رقمي ويتسم بالتواصل المستمر بين مختلف أطرافه وخاصة بفضل ما سمح به انتشار وتداول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. حيث برزت نتاجا لذلك عدة مفاهيم، فنجد إدارة الأعمال الإلكترونية، التجارة الإلكترونية وكذلك السياحة الإلكترونية.

لقد أصبحت المعلومات بكافة أشكالها رقمية وقابلة للانتقال على الشبكات مما سمح بتداولها بسهولة. حيث أن التطور المستمر للانترنت وظهور الويب 2.0 جعل من مستخدم الانترنت ينتقل من مجرد متصفح إلى منتج للمعلومة وبالتالي من مجرد مستهلك إلى مستهلك فعال.

هذا ما جعل المؤسسات ومن بينها المؤسسات السياحية تهتم بوجودها في هذه الشبكة التي أصبحت مركز نشاط زبائنها وهذا الوجود يتضمن استعمال الإنترنت لتقديم وعرض منتجاتها، كوسيلة لاقتناء منتجاتها على الخط، وكذلك كوسيلة لتفعيل والحفاظ على صورتها.

إذن ما هو أثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على المؤسسات السياحية وما هي الوسائل التي تتيحها في هذا المجال؟

إن المنتجات التي تقدمها المؤسسات السياحية هي منتجات تتسم باللامادية وبالتالي لا يتسنى للزبون تقييم المنتج قبل استهلاكه وبذلك فهو يحتاج إلى كم هائل من المعلومات المختلفة بسرعة وبسهولة وحتى يحصل على خدمات بأقل تكلفة.

سنحاول من خلال هذه المداخلة الإجابة على التساؤلات المطروحة أعلاه وذلك عبر النقاط التالية:

  1. مفهوم السياحة الإلكترونية
    إن السياحة الإلكترونية هي عبارة عن ظهور التجارة الإلكترونية في السياحة وهي وسيلة لإقامة علاقات تجارية بين عدة بائعين يستعملون الإنترنت من أجل تقديم منتجات سياحية.

كما يمكن أن نعرف السياحة الإلكترونية على أنها تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الميدان السياحي أي أنها تمثل رقمنة كافة العمليات وسلاسل القيمة في الميدان السياحي، ففي المستوى التكتيكي تشمل إقحام كل من التجارة الإلكترونية وتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تعظيم كفاءة وفعالية المنظمة السياحية، أما في المستوى الاستراتيجي فإن السياحة الإلكترونية تؤثر على كامل عمليات المؤسسة من سلسلة القيمة وكذلك العلاقات الاستراتيجية للمؤسسات السياحية مع كافة المتعاملين معها.

إن ظهور الإنترنت أثر على سلوك المستهلك بصفة عامة والسائح بصفة خاصة بفضل أدوات الويب. حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت سنة 2014 (شكل رقم 1) 2.484.915.152 مستخدم إضافة إلى 1.856.680.680 ناشط في الشبكات الاجتماعية و6.57.950.124 من مستعملي كل ما هو نقال (الإنترنت المحمولة).
ففي فرنسا على سبيل المثال بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في 2018 ، 54.473.474 مستخدم و28.000.000 ناشط في الشبكات الاجتماعية (فايسبوك) و72.180.000 من مستعملي كل ما هو نقال (الإنترنت المحمولة).
إن هذه الإحصائيات تبرز الدور الذي تلعبه الانترنت، والتي أصبحت كذلك وسيلة يستعملها المستهلك لاقتناء سلعة وخدماته بأقل تكلفة وفي أقصر وقت.

حيث إنه في فرنسا مثلا نجد أن 33.8% من المستهلكين قاموا بعمليات شراء على الانترنت في الثلاثي الأول لسنة 2014 وذلك بزيادة تقدر بنسبة 1230000 بالنسبة لأربع سنوات

أما بالنسبة للمجال السياحي نجد أنه في اووربا مثلا تمثل السياحة الإلكترونية 42% من سوق السفر، حيث أن 62% من الفرنسيين قاموا بالبحث عن معلومات عبر مواقع الويب من أجل ترتيب عطلتهم . كما أن المجال السياحي يأتي في المرتبة الأولى بالنسبة للسلع والخدمات المشتراة على الخط .

  1. أدوات السياحة الإلكترونية
    لقد غيرت الإنترنت من سلسلة القيمة التقليدية للسياحة والتي تفصل ما بين المنتجين والموزعين، حيث مكنت من تسهيل التوزيع على الخط بواسطة وسائل متعددة وسمحت للمنتجين من تطوير توزيعهم الذاتي، فلم يعد هناك وسيط بين المنتج والمستهلك الذي أصبح بإمكانه الاستفسار ومقارنة ما يعرض عليه في أي وقت.
    أن السياحة قبل الإنترنت كانت تعتمد على وجود وسيط ما بين المنتج والمستهلك، أما بعد الإنترنت أصبح المنتج على علاقة مباشرة مع المستهلك، كما أنه أصبحت تحت تصرفه مجموعة من الأدوات التي تمكنه من البحث عن المعلومات المتعلقة بالخدمة التي يطلبها، عبر مقارنة عدة توليفات من الخدمات وبالتالي اختيار التوليفة المناسبة له وكذلك الاستفادة من آراء المستهلكين الآخرين هذا ما يسمح له الحصول على خدمة مشخصة تطابق احتياجاته ورغباته الاستهلاكية.

1.2. مواقع البحث والمقارنة:
تعتبر أدوات المقارنة من أهم الأدوات التي ظهرت في السياحة الإلكترونية، وهي عبارة عن تطبيقات برمجية تسمح للمستهلك بوضع تساؤلات مختلفة عن الرحلات، الفنادق وغيرها ومقارنة العروض المختلفة. حيث يمكن إيجاد مواقع مقارنة عامة أو متخصصة.

أمثلة عن هذا النوع من المواقع:

“google Hotel Finder”: هو عبارة عن أداة بحث عن الفنادق، حيث يقوم بجمع وتصنيف جميع المعلومات الممكنة حول الفنادق (معلومات عن التسعيرات، التجهيزات، الصور)، أن هذه الأداة تمكن من استعمال عدة مواصفات للبحث، التعرف على الموقع الجغرافي للفنادق على الخريطة وإعادة التوجيه إلى صفحة للقيام بالحجز .
Kayak”: هو عبارة عن محرك يسمح بمقارنة عدة مواقع إنترنت خاصة بالمؤسسات السياحية والتي يوجه إليها المستهلك عند قيامه باختيار موقع ما ليكمل معاملات رحلته. كما يسمح هذا المحرك بوضع تنبؤات عن أسعار الرحلات على مدى سبعة أيام مع ظهور نسبة ثقة حسب احتمال ارتفاع أو انخفاض الأسعار.
الخاتمة:
من خلال ما تم تناوله نجد أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تلعب دورا مهما في السياحة الحديثة التي انتقلت من سوق تركز على المستهلك إلى سوق يقوده المستهلك، وهذا نتيجة لما أصبح يتمتع به من سلطة، خاصة يفضل أدوات الويب2.0، التي جعلت المستهلك ينتقل من مجرد مستهلك للمنتج إلى منتج.

حيث أنه أصبح ينتج المعلومة المتعلقة بالمؤسسة التي يقتني منتجاتها أو يستعمل خدماتها من خلال إبداء رأيه عنها إما بالتعبير عن رضاه أو عدم رضاه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر مواقع خاصة تظهر عليها آراء المستهلكين حول منتجات معينة.

ومنه فإن على المؤسسات بصفة عامة وخاصة السياحية منها الإنصات إلى ما يقال عنها في شبكة الإنترنت أين أصبح بإمكان المستهلك مساندة نجاح المؤسسة أو خلق فشلها.

فنظرا لأهمية الخدمات الحديثة التي تقدمها شبكة الإنترنت عبر أدوات الويب 2.0 وظهور ما يسمى بالجيل الدائم التواصل أصبح عدم تواجد المؤسسات بدورها على هذه الشبكة وعدم تعاملها مع هذه الأدوات تهديدا وفرصة ضائعة لها.

هذا ما جعل المؤسسات السياحية تعمل على شخصنة خدماتها وتكييفها حسب كل مستهلك مستعملة وسائل توزيع مختلفة هذه الوسائل تتيح للمستهلك البحث على الخط في أي وقت وفي أي مكان عن المعلومات التي يحتاجها كمواقع البحث والمقارنة ومواقع الويب السياحية على سبيل المثال، بالإضافية إلى الحصول على المعلومات التي تمكنه من اقتناء تلك الخدمات على الخط باستخدام كل من أنظمة الحجز والوكالات السياحية على الخط، وإمكانية تخطيط الرحلته بأدق تفاصيلها بالاستفادة من تجارب غيره من المستهلكين.

فبما أن الاقتصاد الحديث هو عبارة عن اقتصاد رقمي ومتفاعل، ومستهلك الألفية الثالثة أصبح يخلق وراؤه كم هائل من البيانات، فعلى المؤسسة السياحية أن تأخذ هذه البيانات بعين الاعتبار من أجل تحليل سلوك هذا المستهلك وتقديم خدماته أكثر توافقا مع احتياجاته ورغباته.

وبالتالي عليها أن تكون مرنة، ومستبقة لمحيطها، أي هي من تخلقي الفرص والتهديدات فيه. وعلى السياحة بدورها أن تكون سياحة متصلة ومتفاعلة مما يسمح لها بالتحول إلى منصة اجتماعية توفر لمستهلكيها فرصة إبداء آرائهم والتواصل والتبادل وإنتاج المعلومات السياحية.

إذن لابد عليها الانتقال من سياحة تقليدية تكتفي بتقديم الخدمات الضرورية لمستهلكيها إلى سياحة إلكترونية من مجرد تقديم الخدمة إلى استباق تجربة الاستهلاك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى