الجزائر من الداخل

الحقّ في التّنميّة محور من محاور حقوق الإنسان

 
سامية غشير
يعدّ الإنسان هو محور التنمية و يكون ذلك بضمان كرامته و ضمان حقوقها الأساسيّة ” فلذلك نجد أنّ المادّة السّادسة من إعلان الحقّ في التنمية تتحدث عن ضرورة الاحترام العالمي لحقوق الإنسان, مبينة قي الوقت نفسه الصلة القائمة بين حقوق الإنسان و الحق في التنمية و لعل الهدف من إعلان الحق في التنمية هو الهدف نفسه الذي تسعى إليه منظمة الأمم المتحدة من خلال الإعلانات و المؤتمرات و النوادي ,و الاتفاقيات التي تنظمها في هدا الإطار.”
و عليه يمكن استخلاص جملة من المعاني المشتركة بين إعلان الحق في التنمية و بين إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان , كونهما يركزان على الجانب الدولي في تعزيز و تدعيم حقوق الإنسان و حرياته الأساسية . و التّمتع بثمار التنمية بين كافة الناس و كافة الشعوب, مع مراعاة أهمية هدا العامل في التعاون بين الدول لضمان تنمية حقيقية.
إنّ الحق في التنميّة يندمج مع بقية الحقوق و الحريات و لا يمكن فصل أحدهما عن الأخر باعتبار أنّ التنميّة ذات جوانب متعدّدة و لا يمكن قصر الحق في التّنميّة على حقوق الإنسان الاقتصاديّة و الاجتماعية و الثقافية و لكن لا بد إن يشمل الحقوق المدنية و حتى السيّاسيّة.
و يبقى تفعيل الدور الدولي من قبل الدول لإزالة العقبات التي تقف في وجه التّنميّة و الّربط بين الحقوق جميعها بما فيها الحق في التّنميّة ” يكمن في حقيقته تصدّي و مواجهة الاعتداء والتمييز و تقول مقدمة الإعلان في هدا الصدد تضع الأمم المتحدة في اعتبارها الالتزام الواقع على الدول بموجب الميثاق بتعزيز الاحترام و مراعاة الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية للجميع دون تمييز من إي نوع كالتمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الأدب أو الدّين الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكيّة …أو المولد أو غير ذلك من الأوضاع …”
6- واقع التّنمية في الاقتصاديّة و الإنسانيّة في العالم:
– على مستوى العالم:
إنّ المتمعّن في الواقع الاقتصادي و الاجتماعي الذّي يسود العالم خلال الحقب الزّمنيّة المتلاحقة يلحظ حقائق مهمّة نذكر منها.
” * تمركز الثّروة العالميّة في عدد محدود من البلدان.
* تعميق الفوارق الموجودة بين البلدان الغنيّة و الفقيرة إلى درجة 60.62 من سكان العالم لا يحصلون إلّا على نسبة 5.15% من المداخيل.
* عدم ملائمة النظريات التّنمويّة التقليديّة مع واقع البلدان الفقيرة، و هذه النظريات المبنيّة على اقتصاد السّوق و اقتصاد الطبقات الاجتماعيّة المحرومة من الاستفادة من نتائج النّمو الاقتصادي، و في كثير من الأحيان تؤدي إلى الافتقار بالنسبة إلى السّكان.”
و لعلّ الأسباب المؤدية إلى ذلك هيمنة النظام الرأسمالي الذي أصبح أداة في أيدي الأثرياء الذين يزدادون ثراء فاحشا و يهيمنون على مصادر تمويل المواد الأوليّة و وسائل الإنتاج على الصّعيد العالمي مقابل تنامي عدد الفقراء ممّا زاد الهوّة بين الدّول المتقدّمة و المتخلّفة، فانتشرت ظاهرة المجاعات بشكل رهيب جدّا في دول إفريقيا و أمريكا اللاتينية، إضافة إلى انتشار الأمراض المزمنة كالسلّ و السّيدا الملاريا، الأنيميا و غيرها.
إنّ النظام الاقتصادي الدّولي يتغذّى على جذور الفقر البشري و العمل الرّخيص ممّا ساهم في ارتفاع نسبة البطالة حتى في البلدان المتقدّمة ناهيك عن الدّول المتخلفة، حيث ساد الفقر في كلّ مكان ” و حسبما تقول منظمة العمل الدوليّة يعاني من البطالة العالمية من البشر أي ما يقارب من ثلث قوى العمل العالميّة.”
إضافة إلى ” إعادة الهيكلة الاقتصاديّة انقسامات عميقة بين القوميات و الطبقات الاجتماعيّة و المجموعات العرقيّة، و داخل البلدان تقسّم سوق العمل و تخلق انقسامات اجتماعيّة بين العمال البيض و السّود، و بين العاملين و العاطلين جزئيا، و العاطلين.”
و لقد أدّت ظاهرة العولمة التي شاعت في العالم حيث بدأت في المجال الاقتصادي و سبّبت خللا في الهيكلة الاقتصاديّة العالميّة بحيث استطاعت الشركات العملاقة المتعدّدة الجنسيّات أن تعولم الإنتاج كما سبق و أن عولمت السّوق بحيث” أثرت العولمة على التّنميّة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة في العالم إذ أصبح انتشار الفقر بين الأكثريّة و التزايد الدراماتيكي لانعدام المساواة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة في ظل العولمة و تفاقم البؤس الإنساني ظاهرة عالميّة.
– على المستوى الوطني الجزائري:
* عراقيل إعمال الحق في التنميّة :
لقد اتضح جليا مسؤولية السياسة الدوليّة في إهدار الحق في التنميّة غير أنّ هذا لا يجعلنا نغفل عن مسؤولية الدول داخل أوطانها و نعنى بدلك دول الأقطار المتخلفة التي تسببت سياستها في تكريس التبعية للدول الكبرى و دلك من خلال فساد حكمها وعدم وضع خطط لاستغلال ثرواتها و تحقيق التنمية على المدى الطويل و قمعها للحريات وتبعيتها للدول الكبرى ” فلا هي حققت التنميّة الاقتصاديّة، و لا هي ضمنت الحريّات السيّاسيّة، و لا هي صانت الاستقلال الوطني، و لا هي استطاعت التعامل مع التعدّديّة الاجتماعيّة و الثقافيّة.”
فالدّول في العالم الثالث هي المسؤولة عن ضعف تنميتها و يعزى ذلك بالدرجة الأولى لأسباب سياسيّة ” إنّ الدّول المتخلفة تتحمّل مسؤولية إهدار إعمال التّنميّة في أوطانها بسبب فساد حكمها و عدم وضعها خططا تمكنها من استغلال ثرواتها و تحقيق التّنميّة على المدى المتوسط و البعيد، و بسبب قمعها للحرّيات و حقوق الإنسان و ارتباط بعض نخبها بالقوى الدّوليّة الكبرى التي تستغل ثروات بلدها.”
و تتمثّل تلك العراقيل في الصعوبات التي تواجهها على مستوى التّنميّة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و الإنسانيّة ” و تعدّ دراسة عراقيل الحقّ في التنميّة على المستوى الوطني أساسيّة لعدّة اعتبارات، مسلسل من المفروض أن يتّم داخليّا بالاعتماد على الإمكانيات الذّاتية، و من الناحيّة القانونيّة و السيّاسيّة فهيّ تعدّ المسؤوليّة الأولى لأيّة حكومة إزاء شعبها، و من الناحيّة الثقافيّة فهي تسمح من خلال حق كل شعب في اختيار نموذجه بتعدّد الثقافات و التجارب.”
و تشير الأرقام حول الاقتصاد الجزائري يعاني من العجز الذي أثر على حالة النمو و التنميّة في البلاد ” حيث كشف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي مؤشرات مقلقة بخصوص الوضع الاقتصادي العام للبلاد حيث تحدث عن ارتفاع في نسبة البطالة و التضخم و استمرار عجز الميزان التجاري و ميزان الحسابات الجاريّة بنسب سلبيّة عند حدوث 17 بالمائة للأولى و 15 بالمائة للثانية، تقرير الصندوق الدولي الثاني خلال السنة الجاريّة جاء أقلّ سوداويّة  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى