مجتمع

الجريمة الصامتة

الجريمة الصامتة

إحسان حسن المومني

التحرش الجنسي بالأطفال ( الجريمة الصامتة)
لا توجد إحصاءات دقيقة عن حجم التحرش الجنسي الذي يتعرض له الأطفال وذلك لعدة أسباب نجملها بأن الأطفال لا يتحدثون ,والأهل يخفون ,والحكومات تتجاهل.
حسب الاحصاءات 9 من عشرة أطفال يتعرضون للتحرش الجنسي ويصمتون
تعريف:
ما هو التحرش الجنسي بالطفل ؟
يتضمن ذلك أي ممارسة للمس أعضاء الطفل الجنسية أو جعل الطفل يلمس أعضاء الاخر الجنسية أو إدخال أي شيء في أماكن الطفل الجنسية وما شابه ,ويتضمن أيضا ممارسات لا يوجد فيها تلامس مثل إجبار الطفل على مشاهدة صور أو أفلام إباحية أو الطلب اليه التعري او تصويره باوضاع جنسية او مراقبته بصورة غير لائقة وهو عار او يستخدم الحمام .
لا يتضمن التحرش الجنسي بالأطفال الأذى الفيزيائي فقط بل يمكن أن يكون نفسيا ,وقد يكون الطفل مشاركا بذلك ومع هذا يعتبر تحرشا جنسيا بالطفل وانتهاكا له ,فالطفل لا يضع معايير السلوك المقبول وغير المقبول إنها مسئولية الكبار

من هم الأطفال الاكثر عرضة للتحرش الجنسي ؟
علينا التأكيد أن التحرش بطفل محدد يتحمل مسئوليته المتحرش ومن يرعى ذلك الطفل فالطفل بطبيعته ينقاد للسلطة والقوة التي تتمثل بالكبير ومع ذلك هنالك أطفال يكونون أكثر عرضة من أقرانهم للتحرش ,وهنا ننوه أن وجود هذه التحذيرات جمعيا لا تعني أن الطفل سيتم التحرش به بالضرورة فقد يحدث التحرش دون وجود أي من هذه العوامل .فمن هم هؤلاء الأطفال؟
هم الاطفال الذين:
يعيشون بكنف عائلة تعرضت لهزات قوية مثل الموت والطلاق وخسارة المال أو الوظيفة .

  • تمكنوا من الوصول او التعرض الى مشاهدة الأفلام الجنسية خصوصا إذا تعلقت بالأطفال أو إلى أوضاع تم فيها تبادل المال مقابل الجنس أو المخدر .
    كان في تاريخ العائلة حادثة تحرش تم السكوت عنها أو التغاضي أو لم تكتشف .
    يفتقدون للتواصل مع والديهم ومع الام بشكل رئيس.
    يتعرضون للعنف بمختلف اشكاله اللفظية والجسدية
    يعيشون ظروف إهمال وحرمان وقسوة سواء حرمانا عاطفيا ام ماديا
    يعيشون في بيئة يكثر فيها الأسرار والعقاب والمحظورات.
    يعيشون في بيئة تفتقد الى الخصوصية من ناحية جسدية أو عاطفية .
    وجود إعاقة جسدية لدى الطفل أو لأحد أفراد العائلة.
    إن هذه العوامل تساعد عن طريق جعل الطفل قابلا للتعرض للتحرش الجنسي لافتقاده القدرة على التمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول ,ويصعب عليه البحث عن المساعدة أو طلبها في حال التعرض للتحرش وقد يتعدى ذلك الى المشاركة بهذا التحرش كبديل للحماية والحب والامتيازات والصداقة والمال .
    ما هي المؤشرات التحذيرية لطفل قد يكون متعرضا لتحرش جنسي ؟
    يتخذ الأطفال طريقة التعبير الإيحائية غالبا في توضيح ما يعتمل في دواخلهم وما يشغل تفكيرهم ,فقد لا تسعفهم الجمل في التعبير ,لذا فإن ملاحظة سلوك الطفل ومتابعته والحديث اليه تتخذ دورا بالغ الأهمية في رصد ما يحدث معه ,فإذا اجتمعت عدة ملاحظات وتغيرات في سلوك الطفل ونفسيته علينا التنبه لها ,مع التأكيد أن هذه التغيرات والمؤشرات التي سيرد ذكرها ,قد لا تكون حاسمة بهذا الشأن لأن كثير من هذه المؤشرات قد تحدث للطفل نتيجة حالات الطلاق ,أو موت أحد المقربين أو موت حيوان مدلل ,او وجود مشاكل في المدرسة ويمكن إجمال هذه المؤشرات بما يلي:
    -تصرف الطفل مع ألعابه بطريقة جنسية غير موائمة مع عمر الطفل .
  • إضطرابات بالنوم وكوابيس .
  • الإنسحاب من اللعب مع الأطفال الآخرين والإنكفاء على الذات.
  • تغيرات مفاجئة في الشخصية والمزاج غير قابلة للتفسير.
  • تصرفات إسترجاعية لطفولة مبكرة مثل التبول اللا إرادي .
  • خوف أو عدم إرتياح واضطراب لوجود شخص محدد ,أو في أماكن محددة ,أو البقاءبشكل منفرد مع شخص محدد وبشكل غير مبرر.
  • تغيرات في عادات تناول الطعام.أو مشاكل في فسيولوجية بلع الطعام
  • استخدام كلمات جديدة أكبر من عمر الطفل غير واضحة المصدر.
  • غضب وعنف وصراخ لأسباب غير واضحة.
  • كتابات ,رسومات , تعبر عن الخوف والرهبة.
  • علاقة حميمة مع شخص بالغ جديدة .
  • هدايا أو أموال بيد الطفل غير واضحة المصدر أو المبرر لوجودها.
  • إيذاء ذاتي للجسد مثل الجروح والحروق وغيرها.
  • محاولات الإنتحار.
  • التخوف من التلامس الجسدي مع الاخرين.وعدم الإهتمام بالنظافة الشخصية .
  • علامات جسدية مثل الرضوض والتورمات والنزف والالتهابات في الجهاز البولي او التناسلي او الاخراج.وتعتبر هذه من العلامات النادرة الحدوث.
  • الهروب من المنزل.
  • مؤشرات تحذيرية نادرة الحدوث مثل الألم والنزف وافرازات من فتحات الجسم المختلفة او الم شديدة اثناء التبول او الاخراج .
    من هو المتحرش وما هي صفاته ,وكيف؟
    TOO GOOD TO BE TRUE
    المتحرش شخص مريض نفسيا ولا يبحث عن الاشباع الجنسي فقط بل تكمن حاجته في السيطرة والاخضاع للاخر أيضا.وقد يكون هو نفسه ضحية سابقة للتحرش الجنسي .

عادة ما يكون المتحرش مقربا من الطفل ,فهو قريب أو عامل في محيط الطفل ,ويحظى بثقة العائلة والطفل,ومن النادر أن يكون غريبا.النسبة هي 95% .
ذكر على الأغلب ولكن توجد نساء متحرشات أيضا .
قد يكون أعزبا أو متزوجا ,فالزواج لا يمنع التحرش.
يعمل غالبا في أماكن تواجد الأطفال مثل الحضانات والمدارس وغيرها.
لا يتم التحرش بالطفل دفعة واحدة فغالبا ما يتقرب المتحرش من الطفل أولا فيغدقه بالحنان والاهتمام ,ويقوم باختبار الطفل ومدى تقبله أو صمته عن فعل ما مثل نكتة بذيئة أو عرض صور جنسية أو التلفظ بكلمات جنسية وإنتظار ردة الفعل.
يبني المتحرش علاقة ودية مع الطفل لكسب ثقته ,وقد تتضمن هذه العلاقة الأسرار مثلا لنذهب للعب الى الحديقة وهذا سرنا الصغير ولن نخبر الاب والام ,
معظم التحرشات تحدث في وضح النهار وفي أماكن يألفها الطفل مثل بيته ,وليس في الليل والأماكن المهجورة .
يلعب المتحرش كثيرا مع الأطفال ويمضي وقتا كثيرا في ذلك ,يهتم بتفاصيلهم ويرسل لهم الرسائل بشكل دائم ويتصل بهم ,يتابعهم جيدا أكثر من المعتاد.وقد يحدثهم بأسراره ومشاعره وتخوفاته وكأنه قرين لهم بالعمر.
يصمم على الاحتكاك الجسدي بالطفل بشكل مبالغ فيه مثل الإحتضان والتقبيل ,خصوصا حين يرفض الطفل ذلك السلوك .
المحاولات المتكررة للإنفراد بالطفل تحت ذرائع مختلفة.
اهتمام مبالغ فيه بطفل محدد وتفضيله على أقرانه , وجعل الطفل يفلت من عقاب السلوك السيء ويعمل على تغطية ذلك سرا.
عرض المساعدة المجانية للعناية بالطفل على الدوام .
مداومة الذهاب مع الطفل الى الحمام
الاهتمام المبالغ فيه في التطور الجنسي لدى الاطفال والمراهقين والحديث الملحوظ عن أعضاء الأطفال الجنسية أو وصفهم بكلمات جنسية مثل مغري ,مثير ,أو استخدام ألفاظ نابية مرفوضة إجتماعيا مثل عاهرة وما شابه,كذلك الإهتمام بالأفلام الجنسية التي تتضمن وجود أطفال دون أن يشكل ذلك حرجا لديه,أو القاء النكات الجنسية بحضور الأطفال دون تحفظ
يعرف عنه باتخاذ قرارات سيئة تحت تأثير المخدر أو الكحول ,كما يعرف أنه يبرر السلوك السيء والمؤذي من قبل الآخرين ويقلل من حجم الأذى الواقع على الضحايا.
محاولات السيطرة الدائمة على قرارات الطفل ورغباته .
قد يستخدم المتحرش لغة التهديد مع الطفل ليحقق صمت الطفل فقد يخبره ان ذلك سيعرضه للخطر او يعرض من يحب للخطر مثل الابوين .
قد يشعر المتحرش الطفل انه طرف فاعل بهذا الفعل وانه مذنب مما يشعر الطفل بالخوف والخجل والعار فالصمت .
كيف تحمي طفلك من التحرش الجنسي؟
يستبعد الأهل عادة أن يحدث لطفلهم تحرشا جنسيا من بالغ ,ويواصلون القول ان طفلهم سيخبرهم بكل ما يحدث معه ,مع أن الوقائع تشير الى أن التحرش يتم بصمت دون أن يلاحظ وأنه قد يستمر كذلك لسنوات ,ويعتمد المتحرش في طريقته على خداع الأهل والطفل واستدراج الطفل تدريجيا للوقوع في الفخ ,وهو يحدد ضحيته الأنسب والتي يضمن من خلالها الصمت ,يستطيع الأهل حماية أطفالهم من خلال :
الثقافة الجنسية من خلال التعلم بالطرق العلمية الصحيحة وتعليم الطفل بما يلزمه حسب عمره ويستلزم ذلك إنخراط المجتمع والدولة من خلال المؤسسات التعليمية والإجتماعية والجمعيات والأجهزة الأمنية.
أنت كبالغ ثق بإحساسك وتخوفاتك ولا تتجاهلها .وان رأيت علامات تحذيرية ضع خطة للأمان ,ولا تنتظر الدليل.إن تصرفا واحدا مثيرا للشك قد يخفي خلفه قصة تحرش ,راقب أكثر وخذ الإحتياطات اللازمة .
بناء علاقة صحية مع الطفل عنوانها الحب والحنان والرعاية والإهتمام ,خالية من العنف اللفظي والجسدي ,فالطفل المتحرش به هو غالبا طفل خائف أو مهمل.أخبر طفلك دوما أنه يستطيع اللجوء إليك دوما وأنك ستقوم بحمايته من أي أذى ولا تحمله مسئولية إيذاء الاخرين له .ولا تهمل أو تقلل من تخوفاته أو رفضه لشخص ما ,غالبا الطفل لديه المبرر الكافي لذلك فلا تهمل هذا النداء الصامت .
لا تطلب من طفلك أن يتقبل راشدا او يقبله لان البالغ يرغب بذلك .وحين يرفض طفلك شخصا بالغا أخبر ذلك الشخص برفض الطفل له وعدم فرضه على طفلك ,علم الناس حدود التعامل مع طفلك واحترام رغباته ,مثلا إذا كان طفلك يرفض عناق أحدهم فأخبر ذلك البالغ بعدم فرض نفسه على طفلك والإكتفاء بالمصافحة .
علم طفلك أن يقول كلمة لا عندما لا يرغب بفعل ما وناقشه بذلك ولا تفرض عليه ما تراه انت مناسبا دون رأيه ,وابحث عن سبب كلمة لا عند طفلك وادعم هذه اللا واعرف ما خلفها ,مثل أن يفقد الإهتمام بنشاط رياضي كان سابقا متلهفا عليه ,إن التغييرات السلوكية أو العاطفية المفاجئة وغير المبررة الا بالرفض من قبل الطفل ,كفيلة بأن تجعلك تتساءل عن سبب ذلك,ولا تهمل أو تتجاهل .
علم طفلك ما هو السلوك المقبول وما هو السلوك غير المقبول وكن مثالا له يحتذي به.علمه ان قرع الباب والإسئذان أمر هام للدخول وأن يخبرك إذا قام أحدهم مثلا باختراق خلوته في الحمام ,أو قام شخصا ما بعرض صور غير لائقة أمامه ,
علم طفلك أهمية وخصوصية واحترام جسده ,فلا يقبل ان يمسه احد لا يعتني به ,او يشاهده احد وهو يستخدم الحمام او عار.
حدد من يستطيع العناية بطفلك اثناء غيابك وليكن شخصا تثق به دون تحفظات على سلوكه ,ولا تكثر من الذين يعتنون بطفلك في غيابك .وأخبر طفلك أنه يستطيع التحدث الى ذلك الشخص أثناء غيابك أو في حالة خوفه أو إضطرابه ,غالبا الأطفال يحتاجون للحديث إلى شخص آخر غير الأب والأم .
لا تدع طفلك يغيب عن ناظريك لفترة طويلة وانت لا تعلم اين يكون ومع من يكون.
علم طفلك ان الجميع قد يخطيء ولا بأس من العقاب غير المبالغ فيه والذي يكون بعيدا عن العنف فالعقاب ليس هدفا بحد ذاته انما التربية السليمة .
العب مع طفلك وامض واياه وقتا كافيا في اللعب والمشاركة والحديث .
علم طفلك أن لا يقبل الحلوى أو الهدايا من الغرباء أو قبول دعوة أحدهم لإيصال الطفل بمركبته دون علمك أو موافقتك على ذلك مع إخبار الطفل بذلك مسبقا ,
بلغ عن أي سلوك تراه غير لائق حتى لو صدر عن شخص يتمتع بالوجاهه والإحترام أو النفوذ ,مثل معرفتك بأن شخصا ما قد لمس طفلا ملامسة جنسية أو عرض عليه صورا جنسية أو ما شابه ,لا تنتظر مزيدا من الوضوح والأدلة فتلك ليست مهمتك بل هي مهمة المتخصص ,بلغ مخاوفك فقد تحمي بذلك البلاغ أطفالا كثيرين .
لأجل كل الأطفال وسلامتهم ولمستقبل مشرق بالحب ,
إحسان المومني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى