الجزائر من الداخلتقنية

البحث العلمي في كليات الطب

5 المجلات المفترسة

جواد الديوان

في الحلقة السابقة قدمت تعريفا مبسطا للمجلات المفترسة predatory journals سبب لغط وردود أفعال للأصدقاء في اتصالات ومناقشات. ويقال ان المجلات المفترسة تهديد عالمي للنشر الطبي، حيث تقبل بحوثا للنشر مع تسديد كلفتها فقط، دون أي فحوصات للنوعية مثل الانتحال plagiarism او الموافقات الأخلاقية ومراجعة الاقران وغيرها. وتشير الاحصائيات الى ان 5% من الباحثين في العالم نشروا بحوثهم في مجلات مفترسة! ويقال ان هذه المجلات تحصد ملايين الدولارات من أجور النشر التي قد تكون مدفوعة الثمن من معاهد دراسات ومثالها NIH (National Institute of Health).
عدم وجود تعريف واضح للمجلات المفترسة ومتفق عليه، يعقد طرق محاربتها. والعمل على تقديم تعريف يتفق عليه كل الأطراف خطوة مهمة لمحاربتها. ومن المحاولات، اجتماع في كندا في 2019، حضره ممثلون عن جمعيات الناشرين، ومن يدعم نشر البحوث، وصانعي قرارات اكاديمية، ومعاهد اكاديمية وغيرهم، وكان التركيز وقتها على العلوم الاحيائية والطبية. واكد الجميع بان أولويات المجلات المفترسة في مصالحهم الذاتية على حساب العلم، وتتميز هذه المجلات بمعلومات مضللة، وتفتقد للشفافية، وممارساتها عشوائية كما أكد المجتمعون.
المجلات المفترسة مصطلح ظهر في 2010 عبر عدد من المقالات التي حذرت منها. وأطلقت سبرينجر springer حملة “فكر ودقق وقدم للنشر” وظهرت أكثر من 90 استمارة تدقيق للتعرف على المجلات المفترسة، ومن خلال صفات محددة. ومنها تقديم قذر للمجلة او عناوين لامعة مثل عالمية International وغيرها. وعلى سبيل المثال فهناك أكثر من مجلة عنوانها يبدأ بكلمة International، ومنها International Journal of Science and Research (IJSR) وInternational Journal of research in Science and Technology (IJRST) وInternational Journal of science and research Publication (IJSRP) وغيرها. ومن المجلات المذكورة ما هو مفهرس indexed ومنها مفترسة، وبدايات العنوان تقدم مشكلة أخرى.
وهكذا بالإضافة الى استمارات التدقيق ظهرت قوائم بجودة المجلات Paywalled lists. ومنها المجلات المفهرسة على ثلاث أنواع منها ما لا يقدم للقارئ أي بحث مجانا، ومنها ما يقدم له المختصرات مجانا ومنها ما يقدم بعض البحوث مجانا له. ومن المؤكد ان هذه السياسة تؤثر على الباحثين وطلبة الدراسات العليا في اعداد بحوثهم، ناهيك عن أعضاء هيئة التدريس عند الاطلاع على المصادر. انه منطق العمل والربح (الحلقات السابقة تتناول ذلك).
من الصعب الاجماع على تعريف المجلات المفترسة، والوصول الى اتفاق بين المجتمعين في كندا تحدي لهم، والاصعب تقديم تصور عن مستقبل النشر الطبي في ضوء ظهور مصطلح المجلات المفترسة، وخاصة لهذا النشاط في العالم الثالث، حيث يتحمل الباحث كل التكاليف، وهذه شكوى دائمة تتكرر في الأوساط العلمية.
ورفض البعض من المشاركين في الاجتماع المشار اليه الإشارة الى المجلات المفترسة بالنوعية الرديئة. وظهر اتجاه لتغيير الاسم مثل مجلات ظلام، او خداع، او غير شرعي، او تصرف بسوء نية، وفي الأخير ابقوا الاسم المجلات المفترسة. والظاهر ان الجامعات في العراق تنخرط في محاربة المجلات المفترسة.
ثقافة تنشر او تهلك publish´-or-perish تتأثر سلبا بهذه الحرب على المجلات المفترسة. والتقدم في سلم العلم لا نهاية له، ويستوجب النشر المستمر، وبالتالي الدعم المستمر المكلف بالنسبة للجامعات في العالم الثالث. ولمشاركة جامعات العالم الثالث في محاربة المجلات المفترسة يستوجب سياسة خاصة لا تتبع ما تقرره الفهارس العالمية مثل Scopus وClarivate وغيرها. وربما على الجامعات تدارس هذا الموضوع بجدية وخصوصا انه اثار الكثير من المناقشات في أروقة التعليم، ومنها سلبية اهمال مجلاتنا الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى