أخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

الإمبراطورية الأمريكية في خطر

خواطر حول إمبراطورية في خطر طارق الهوا

الإمبراطورية الاميركية تعيش في خطر يهدد وجودها وكيانها الإتحادي لأول مرة منذ نشأته. خطر لا يشبه أي خطر تعرضت له أعظم أمة تجمع أثنيات وأعراق مختلفة يعيشون في مكان واحد من أكثر من مائتي وخمسين عاماً.
يهدد هذا التجمع الإثني خطر تحوله إلى ما يشبه مكب إعادة تدوير، يمارس المهاجرون المنتمون إليه منذ ثلاثين سنة والليبراليون والحزب الديمقراطي واليسار، ما لا يناسب التعددية الثقافية والعرقية المقبولة على المستوى الوطني منذ نشأة أميركا، ويحاولون صبغ المجتمع بما لم يكن من صفاته.
يزداد هذا الخطر، بسبب العفو عن ألوف المهاجرين غير الشرعيين ومنحهم الجنسية في نهاية عهد معظم الرؤساء، وفتح بايدن طواعية لحدود أميركا الجنوبية تماماً (رغم أنه أقسم على حماية حدود بلده) لموجات هجرة يومية غير شرعية تحمل معها المجرمين والعاطلين عن العمل ونفايات مجتمعات أميركا اللاتينية.
الهجرة غير الشرعية دشنها أوباما/بايدن (بايدن في الحقيقة ينفذ ما لم يجرؤ عليه أوباما الذي يحكم فعلياً وليس بايدن) ووافق الديمقراطيون عليها ليعمل المهاجرين في مزارعهم وشركاتهم، ويربحون أصواتهم الانتخابية، وبالتالي يظل الديمقراطيون الأغلبية في الكونغرس ورئاسة أميركا لهم.
الأمر لن ينتهي بسكوت الجمهوريين والمنتمين لخطهم السياسي، وقد ينتهي بانفصال الولايات الجمهورية عن الاتحاد الفيدرالي.
اليد الناعمة على المجرمين soft hand on criminals والمناداة بخفض عدد رجال الشرطة لعنفهم مع المجرمين، منذ مقتل جورج فلويد الذي كان هارباً لحظة القبض عليه من سوبر ماركت بعد سرقته، واتخذه البعض وسيلة احتجاج دموية نشرت الفوضى والحرائق والقتل، واستمرت أكثر من شهر لإسقاط ترامب في نهاية المطاف، فكم من المجرمين ولصوص السوبر ماركت ومحلات الصاغة والبنوك ماتوا باطلاق الرصاص عليهم من الشرطة ولم يتكلم أحد.
اليد الناعمة على المجرمين أمر غير مفسر؛ كيف تتعامل الشرطة مع مجرم أو رجل مسلح؟ أما تردد الشرطة في التعامل بحزم مع الخارجين عن القانون، خصوصاً في الولايات التي تعتبر ملاذات آمنة، فقد أوجد ظاهرة لم تعرفها أميركا من قبل هي هجوم مجموعات من اللصوص المسلحين بالسواطير والعصي الغليظة على محلات ذهب ومجوهرات في النهار وسرقتها خلال دقائق معدودة والهروب.
سياسة اليد الناعمة على المجرمين لا تعتبر سرقة أقل من 900 دولار جنحة أو جريمة، وتنتهج إطلاق المجرمين من السجون قبل الحكم عليهم، لإعطائهم فرصة ثانية، وهذا يفسر ظاهرة المُفرج عنهم الذين يمارسون الاجرام أو البلطجة علانية بعد ذلك، لأنهم لن يعودوا إلى السجن.
في سان فرانسيسكو على سبيل المثال لا يمكنك ترك قلم حبر في سيارتك، لأن أحدهم سيأتي ويكسر زجاجها ويسرقه. والاعتداء بالضرب من الموتورين والمجرمين على الناس أصبح ظاهرة شبه إسبوعية ملفتة للنظر، وصدم الناس بالسيارة والهروب من مكان الحادث بدأ ينتشر، لأن القبض على الفاعلين صعب جدا لوجود ألوف لا يُعرف مكان إقامتهم.
من التقاليد الاميركية عدم توجيه أي رئيس الانتقاد أو الهجوم على أي رئيس سابق، لأن أميركا بشكل عام تتعامل مع الواقع الحالي ولا تنظر للماضي. لا يقول أحد المواطنين الرئيس فلان عمل كذا وكذا مثلما يحدث في الشرق الأوسط. لكن حسين أوباما كسر هذا التقليد لأول مرة بالهجوم على جورج بوش الابن.
كما أنه الرئيس الوحيد الذي لم يتقاعد السياسة فعلياً مثل كل رؤساء أميركا السابقين، ما زال فاعلا ويحكم أميركا من خلال بايدن، ويقود ما يُسمى منتدى الأطياف تحت شعار التغيير، وهدفه هدم الثقافة الاميركية المسمى “إلغاء ثقافة” والمناداة بمظلومية العبيد، المرفوضة من كثيرين من الأفارقة الأميركيين لأنها تهينهم، وهي ظاهرة عالمية اختفت كانت في معظم دول العالم وليس أميركا فقط، والذي قضى عليها الحضارة الغربية وشرعة حقوق الانسان في أميركا.
انتخب الامريكيون أوباما للمصالحة مع الماضي، واعطاء رجل من إثنية مختلفة حق رئاسة أميركا، لكن أوباما أحيا الماضي لبث الحقد تجاه ثقافة العنصر الأبيض الذي أوجد أميركا التي نعرفها، وتُنادي تلميذته إلهان عمر علانية بهدم النظام السياسي الاميركي “العفن”، ويُتهم بالعنصرية من يعارضها. وإلهان عمر عضو أساسي فاعل في ما يُعرف ب”إلغاء ثقافة”، وهي الثقافة الاميركية التقليدية.
تدني مستوى التعليم والاساتذة بشكل لم يحدث من قبل، لم يتخيله حتى Terrel H. Bell وزير التربية الاميركي والمشرف على اللجنة التي كتبت تقاريرا عن التعليم في اميركا في كتاب سنة 1983 تحت اسم A nation at risk ، فالتعليم في أميركا أصبح موجهاً وليس حراً خلّاقاً مثلما كان. وهنا مثال واحد على ذلك.
من المؤكد ان المثليين يجب أن يعيشوا حياتهم بدون تمييز أو تعنيف، لكن أن يصل الأمر في أميركا إلى سؤال طلبة الابتدائية عن جنسهم أو الجنس الذي يحبوا الانتماء إليه، وتلقين طلبة الجامعات الفروق بين المتحول جنسياً والمثلي والذي يجمع بين ممارسة اللواط ومعاشرة النساء في كافة فروع العلم حتى لو كانوا يدرسون الرياضيات، أمر غير مفسر سوى بهدم المجتمع نفسه بسبب تشكيك الناس في جسدهم الذي ولدوا به، لأن المثلية ميل وليس جسد.
هل يمكن تخيل مفعول سؤال لطالبة أو طالب عمره ست سنوات: هل تعتقد أنك ذكر؟ أم أنثى؟
هل يمكن تخيل مفعول رؤية عارض أزياء متحول إلى إمرأة على الناس؟ هل يمكن تخيل نزع يافطات نساء أو رجال من دورات مياه السينمات والمطاعم والمدارس؟ الامر ليس حرية ولا ليبرالية. الأمر ببساطة هدم كيان الفرد وكرامته والمجتمع.
السينما الاميركية أكبر قوة ناعمة في العالم، بدأت تتبنى اتجاه الأطياف ل “إلغاء ثقافة” والتركيز والاصرار على مسألة التحول الجنسي، وستسقط في نهاية المطاف أمام صناعات السينما في العالم، فلا يوجد فيلم أميركي اليوم تجد صفوف الناس لتشاهده أمام دور العرض، حتى أن كبار الممثلين الأميركيين أصبحوا شبه معتكفين عن الاشتراك في هذا الهوس.
كان الجيش الاميركي يعتمد سياسة “لا تسأل.. لا تجيب”، بمعنى لا تسأل أي عنصر إذا كان مثلياً أو مثلية، وإذا حدث وسأل أحدهم يأتي الشق الثاني من الشعار “لا تجيب”، كما كان ممنوعاً على المجند التحول من جنس لآخر أثناء خدمته. لكن حسين أوباما سمح بالتحول الجنسي وزواج المثليين أو المثليات في الجيش، ومنحهم نفس مميزات وحقوق زوجين عاديين من إجازات ونسبة زيادة المعاش السنوية وغيرها.
شجّع أوباما هذا الأمر علانية ووصفه “جرأة اختيار”، ودق إسفين خراب طويل المدى في الجيش، فكيف يمكن نفسانياً لجندي طاعة ضابط تحول إلى ضابطة وأصبح يتكلم كأنثى أو العكس؟ والأدهي كيف يحترم الجيش متحولة أصبحت وزير الدفاع؟
تبلغ ديون أميركا أكثر من 31 ترليون دولار، وبدأت زيادتها الملحوظة منذ رئاسة جورج بوش الأبن بسبب حماقته وحروبه الغبية وارتفعت من 1,86 تريليون إلى 6،85 ثم إلى 24،80 تريليون في عهد أوباما ثم 28 ترليون في رئاسة ترامب وقفزت إلى 32 ترليون حتى يومنا في رئاسة بايدن. هذه الديون معظمها للصين، وهي تسبب عبئاً على الاقتصاد الاميركي، ومعاناة اقتصادية على المواطن.
يدير أميركا في هذه المرحلة الخطيرة في تاريخها والمناداة بانتهاء عصر القطب الواحد عالمياً، رجل أتوا به ليُنَفذ به مخطط “إلغاء ثقافة”.
رجل مخرف وعنصري قديم (وإن اختفى وراء اصبعه). غير مهذب فضحت الميكروفونات التي اعتقد بسبب خرفه أنها مغلقة أو غير موجودة أكثر من مرة تعليقاته وكلماته الوقحة. يصافح أشخاصا غير موجودين أحياناً، وقال عنه منافسه في الانتخابات أكثر من مرة “جورج بوش”، وصححت له زوجته أمام الكاميرات ذات مرة وهمست “دونالد ترامب”. لا يعرف في أي ولاية هو أحياناً، ويتكلم كلاما غير مفهوم، ويرى معظم الاميركيين أنه عقلياً لا يصلح للرئاسة.
وقد أُختير له نائبة جاهلة لا تعرف الفرق بين الكوريتين، وتضحك بغباء لتخفي جهلها الفاضح، وتجيب بضحالة تُحسد عليها على أسئلة هي غير مؤهلة للإجابة عليها، وهي مادة للسخرية في الاعلام، خصوصاً عندما فسرت خطورة وجود اللاجئين الأوكرانيين في أوروبا مع اللاجئين من الشرق الأوسط بسبب الحروب والإرهاب بقولها “الصديق وقت الضيق”، وضحكت ثم قهقهت طويلا.
عدم انصهار اللاجئين منذ ثلاثين عاماً مع المجتمع الاميركي وقيمه وثقافته ظاهرة مريبة، فيبدو أن كل فئة جاءت لتحقيق أجندة بلدها الأصلي أو دينها، وليس للعيش والاندماج في مجتمع آواهم وأعطاهم فرصة أعظم بكثير أحياناً مما كانوا عليه في بلادهم.
والأطياف الذين جمعهم حسين أوباما حوله لإحياء الماضي وبث الضغينة للجنس الأبيض واحلال التغيير عواقبهم أخطر، ولا تفسير لما يفعله ويفعلوه سوى أن هذا الرئيس السابق غير مؤمن بأميركا ولا بعظمتها، لأنه كان يقول أن أميركا امبراطورية تغرب.
واقعيا ما الذي كان سيفعله الأفريقي الأميركي لو ظل في أفريقيا؛ هل كان سيخلق دولة عظمى مثل أميركا؟ هل كان يمكن أن يؤسس امبراطورية غناء عالمية مثلما فعل في أميركا؟ هل كان يمكن أن يؤسس إمبراطورية لبطولة الملاكمة وألعاب القوى؟ هل كان سيتخلى عن كسله وعنفه وجلافته التي لم يزل يعيش بها في أميركا؟ ولماذا هاجر الطيف المسلم من بلاد المؤمنين لبلاد الكفار؟ هل قدمت له بلاده ما قدمته أميركا؟
حاربت الولايات المتحدة الشيوعية بالاسلام المتطرف، لكن هذا الاتجاه انقلب سوءا على أميركا، لأن الشيوعية والاسلام المتطرف أصبحا يهددان أميركا نفسها، وتضامن معهم اليساري، وهم يتعاونون معاً على “التغيير” الذي كان شعار أوباما، لتدخل أميركا التي نعرفها إلى التاريخ، ويظهر ما لا نعرفه وهو على الأرجح تقسيمها إلى أجزاء لثقافة ما سيبقى للرجل الأبيض، والأطياف اللاتينية التي ستكون القسم الأكبر، واليسار وأصحاب الاسلام الصحرواي الذين لم تغيرهم القرون. هؤلاء سيواجهون المجهول وأي قسم يختارون، لأنهم لاعبون مع كل الاطراف.
ويبقى سؤال خطير عن مصير الجيش الاميركي النووي.
من 2024 لن تكون الانتخابات في أميركا سوى للتصويت إما على رئيس جمهورية اتحادية أسسها إبراهام لينكولن، أو رئيس دولة يريدها مستقبلا الديمقراطيون والأطياف واليسار والليبراليون والمسلمون المتشددون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى