ثقافة

اصل و نسب قبائل و عشائر أولاد سيدي حملة، الذواودة الأجواد في الجزائر

أولاد سيدي حملة، الذواودة الأجواد
تكلم الكثيرون عن تاريخ الحمالات ولا حرج في ذلك، فلعله من تقديرهم لهذا العرش المعروف بانتساب أهله للأشراف، والذي كان بؤرة من بؤر الجهاد ايام الأمير عبد القادر ومركزا أساسيا من مراكز ثورة التحرير المباركة، واستشهد الكثير من أبنائه في سبيل الاستقلال. لكن لاحظت وجود بعض الأخطاء التي وجب لفت الانتباه لها وتصحيحها فبعضها يكون ورد عن حسن نية وبعضها عن عدم علم بتاريخ التركيبة الاجتماعية في منطقة الحضنة، ونحن نفترض دائما حسن النية فيما يكتب أو يقال، ونشكر كل من ساهم بالكتابة عن أولاد سيدي حملة.
يعتبر الحمالات، اولاد سيدي حملة، اقدم قبيلة عربية استقرت بمنطقة الحضنة خلال القرن الثاني عشر واستقر بجوارهم اولاد عدي وقبائل من الاثبج كعياض والمطارفة. وكل هذه القبايل هلالية الأصول. يذكر المؤرخون أن عبد المؤمن بن علي زعيم الموحدين، بعدما دانت له افريقيا بانتهاء دولة المرابطين سنة 554 للهجرة أي 1159 م ، أمر بتقسيم البلاد من طرابلس شرقا إلى السوس غربا بين القبائل “فأحضر أمراء العرب وأحلفهم على مصحف عثمان على السمع والطاعة والاشتراك في الجيوش الموحدية للجهاد في الاندلس”. وكان العرب من الكثرة حتى وصفهم ابن صاحب الصلاة بقوله “ضاق بهم الفضاء”. في هذه الفترة المتقدمة من بدايات الألفية الثانية استقر اولاد سيدي حملة بمنطقة الحضنة. و يقول ابن خلدون في ذلك “استقر أولاد مسعود واولاد عساكر واولاد سباع من الذواودة بجبل أوراس والزاب والحضنة”. ومن اولاد سباع هؤلاء ينحدر الحمالات. فالذواودة هم أبناء ذواد بن مرداس بن رياح. ورياح هم من أكبر قبائل بني هلال، وهم إخوة زغبة (ومنهم أولاد نايل) والأثبج(ومنهم عياض والمطارفة) وعمرو بن عبد مناف( العمور ومنهم اولاد ماضي). أما أولاد سباع فهم ابناء سباع بن يحيى بن دريد بن مسعود بن سلطان بن زمام بن رديني بن ذواد، (رديني بضم الراء). هذا هو نسب الحمالات في عهد ابن خلدون. ويقول عنهم “إن الدولة الحفصية عملت على استئلاف عرب اولاد سباع بقيادة سليمان بن علي” وأقطعتهم المسيلة وبقيت في عقبهم. وقد جاء الحفصيون بعد الموحدين. وسليمان بن علي قائد اولاد سباع في عهد الحفصيين، أي خلال القرن الرابع عشر، هو سليمان بن علي بن سباع وله شقيقان هما يحيى ومحمد. و حسب ابن خلدون كان لسليمان بن علي ولدان هما عطية ويوسف. ويقول كان ليوسف ولد اسمه عثمان. فإلى عطية ويوسف ينتسب أولاد عطية وأولاد يوسف، بينما ينتسب أولاد يحيى إلى يحيى شقيق سليمان اما اولاد الحاج فيرجح انهم ينتسبون إلى عثمان وقد ذكر ابن خلدون اسم عثمان لكن نسبه الى يوسف؟. هذه هي الفرق الاربعة التي تشكل عرش الحمالات، أولاد سيدي حملة.
اما تسمية الحمالات فظهرت متأخرة عن عصر ابن خلدون الذي عاش في القرن الرابع عشر. ويعود ظهورها إلى العهد العثماني. والقصة معروفة في التراث الشعبي حيث يروي شيوخ الحمالات انه خلال العهد التركي حاول أحد البايات منع الولي الصالح الشيخ الفقيه سيدي محمد (سكون الميم) بن عيسى بن لقمان (دغمان في رواية أخرى) من استصلاح الأرض بمنطقة الحضنة، وكان يمارس عمله بجوار وادي المالح الذي يعرف كذلك بوادي مسيف، فدعا الله عز وجل أن ينصره وأن يعجل بفيضان الوادي الذي كان حاجزا بينه وبين الفرقة العسكرية التركية، فاستجاب له المولى تبارك وتعالى حيث فاض الواد، أي حمل بالعامية، وهو ما اثار الرهبة في عساكر الاتراك فانسحبوا معترفين له بالفضل والصلاح، ومن ثم لقب الولي محمد بن عيسى بن لقمان بسيدي حملة وعرف أهله بأولاد سيدي حملة، و سمى كذلك بالطير الاخضر وراعي الحمراء.. و هناك فرقة من أولاد بحيى انتقلت خلال العهد التركي إلى منطقة الاغواط هم اولاد سيدي حمزة، كما توجد فرقة أخرى انتقلت خلال العهد الاستعماري إلى نواحي سطيف ما يزالون معروفين باسمهم الحمالات.
و يعرف عن أولاد سيدي حملة أنهم أشراف. وحيازة الشرف في بلاد المغرب تمت عبر ثلاثة سبل . السبيل الاول هو شرف الانتماء لذرية السيدة فاطمة الزهراء ابنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام كالادارسة احفاد إدريس الاصغر وإخوانهم السليمانيين احفاد محمد بن سليمان شقيق إدريس الأكبر… السبيل الثاني هو الشرف الديني ويحصل عبر الانتماء لإحدى الطرق الصوفية… السبيل الثالث هو الشرف الحربي ويتم عبر الانتماء الى فئة الأجواد، أشراف السيف والجواد، وهذه الفئة ظهرت خلال العهد التركي حيث صنفت القبائل التي وقفت مع الاتراك في الجهاد ضد الاحتلال الاسباني لسواحل الجزائر بالأجواد و كما يقال بالفرنسية les nobles. وكان الذواودة من الأجواد فقد أرسلوا فرقا عسكرية للدفاع عن الجزائر، وما يزال أحفاد تلك الفرق لهم عقب غرب العاصمة في بلدة الدواودة وشرق العاصمة في بلدة برج ام نايل حيث هناك فرقة كانت تدعى الصخارى نسبة الى الشيخ الصخري أحد شيوخ الذواودة.
تجدر الاشارة إلى انه خلال العصر العثماني المتأخر اي في القرن الثامن عشر والنصف الاول من القرن التاسع عشر كان الحمالات جزءا من تحالف قبلي في الحضنة الغرببة سمي بأولاد ماضي وظل هذا التحالف قائما حتى تطبيق قانون سيناتوس كونسلت الفرنسي والذي تم بموجبه إخراج الحمالات من تحالف اولاد ماضي. تزامن ظهور هذا التحالف مع بروز حلف اولاد دراج في الحضنة الشرقية و حلف اولاد نايل جنوب الحضنة.
عرب بني هلال وإخوانهم عرب الفتح والادارسة والسليمانيون كلهم يحملون شرف الانتساب إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان من ذرية اسماعيل بن ابراهيم عليهما وعلى رسولنا محمد المصطفى اطيب السلام. فهم من ذرية الأنبياء والرسل وهذا شرف لا يضاهيه إلا شرف الانتماء لهذه الأرض الطيبة أرض المقاومين والشهداء، أرض الجزاير التي تحتضن كل أبنائها مهما تنوعت أصولهم وتعددت مشاربهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى