المغرب الكبيرفي الواجهة

استئناف العلاقات الدبلوماسية الجزائرية المغربية: أوهام الرباط

زكرياء حبيبي

إن أداة الدعاية والكذب للمخزن، التي تنقلها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية التابعة لها، لا حدود لها من حيث نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، لمواصلة تنويم الشعب المغربي، في خضم الانهيار الوشيك لاقتصاد المملكة.

انتهى المونديال القطري ومغامرة “أسود الأطلس”، ويعود المغاربة إلى وطنهم، أين يواجهون اليوم، الواقع القاسي والمأساوي للحياة اليومية.

ولزيادة تخدير الشعب المغربي، أعلن المخزن عبر أدواته الدعائية عن وساطة بين الجزائر والمغرب قام بها الملك الهاشمي الملك عبد الله الثاني بمناسبة زيارته الأخيرة إلى الجزائر العاصمة.

بل إن دعاية المخزن ذهبت إلى حد اقتراح عقد قمة جزائرية مغربية في سويسرا تجمع بين الرئيس عبد المجيد تبون والملك محمد السادس، بهدف إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين واستئناف الإمدادات إلى المغرب بالغاز الجزائري عبر أنبوب الغاز الأورو-مغاربي.

وبحسب الدعاية المغربية، نقلا عن صحيفة La Vanguardia الإسبانية، فإن ملك الأردن يكون قد أصر على عقد لقاء بين الرئيس الجزائري والملك محمد السادس في سويسرا. وأن جهود “الوسيط” تكون قد تلقت الموافقة من الجانب الجزائري.

الأوهام المغربية

يواصل نظام المخزن مغامرته الجميلة المتمثلة في الاندفاع المتهور، بدلاً من أن يفهم ويعي أن شروط استئناف العلاقات بين البلدين ليست متوفرة.

وفي الوضع الراهن، ينبغي على السلطات الجزائرية أن تفكر في إعادة فرض التأشيرة على المواطنين المغاربة للحد بشكل أفضل من حركتهم وتحركاتهم داخل البلاد، في ظل وضع جيوسياسي صعب.

فبإحضار العدو الصهيوني إلى حدودنا، قطع المغرب أي محاولة للتقارب، دونما نسيان حربه الإعلامية، وتصعيد العداء الذي يشنه ضد الجزائر.

الكثير من المؤشرات التي تدحض أكاذيب المخزن، وخزعبلات الوسيلة الإعلامية الإسبانية التي ينبغي أن تركز على العمل غير القانوني الذي قام به رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للاصطفاف مع الموقف المغربي، بشأن مسألة الصحراء الغربية، المدرجة لدى لجنة الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار، باعتبارها مسألة إنهاء الاستعمار.

وأدى انحياز رئيس الوزراء الإسباني لموقف الرباط، إلى تعليق معاهدة الصداقة والشراكة وحسن الجوار التي يعود تاريخها إلى عام 2002 ، والتي تتمثل عواقبها اليوم في معاقبة الشركات الإسبانية.

لقد تبين أن الادعاءات المغربية، لاستئناف توريد الغاز إلى المغرب عبر خط أنبوب الغاز الأورو-مغاربي، ليست سوى كذبة كبيرة، لأن الجزائر تجري مفاوضات مع شريكها الإيطالي الموثوق لإعادة تشغيل خط أنابيب الغاز GALSI، بهدف زيادة شحنات الغاز الجزائري إلى الجزيرة العابرة لجبال الألب، والتي ستصبح بالتالي مركزًا للغاز لأوروبا، التي تبحث حاليًا عن مصادر جديدة للإمداد بعد العقوبات المفروضة على روسيا.

بالعودة إلى موضوع الوساطة، كان رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة، قد قطع كل التكهنات، برفض أي فكرة للوساطة من طرف الأصدقاء والشركاء.

كما تدرك الجزائر أن الظروف التي دفعتها إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية لا تزال قائمة، وذلك بالإضافة إلى إصرار الرباط على عدم الاعتذار للجزائر وشعبها إثر الاتهامات المجانية والملفقة، تجاه أجهزة المخابرات الجزائرية، في أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في مراكش عام 1994، والتي تلاها قرار المغرب أحادي الجانب، بفرض تأشيرات دخول للمواطنين الجزائريين الراغبين في السفر إلى المملكة.

واتخذ الحسن الثاني هذه الخطوة لإرضاء أسياده الغربيين، الذين فرضوا حصارا غير معلن على الجزائر.

وللتذكير، فقد دعم الحسن الثاني بوضوح إرهابيي الجماعة الإسلامية المسلحة من خلال استضافتهم في قصره، مع منحهم حرية التنقل وجمع الأموال، لتدمير الجزائر.

ولم ينتهز خليفته ونجله محمد السادس الفرصة التي عرضت عليه في صيف 1999 بيد الرئيس بوتفليقة الممدودة أثناء جنازة والده.

وبعد أيام قليلة، تعرضت الجزائر لعمل إرهابي وقع في 20 أغسطس/أوت 1999 تزامنا وإحياء الذكرى المزدوجة ليوم المجاهد، في منطقة بشار، على يد مجموعة إرهابية قادمة من الأراضي المغربية.

فيما استمرت سياسة العداء هذه، من خلال دعم المنظمات الإرهابية ك”رشاد” و”الماك”، المسؤولة عن الحرائق الإجرامية، التي عاشتها عديد ولايات الوطن في صيف عام 2021، والتي حدثت بعد أيام قليلة من “اليد الممدودة” المزعومة لمحمد السادس.

وبالتالي، لم تتأخر العواقب في رؤية النور، وأولها قطع العلاقات الدبلوماسية في 24 أغسطس 2021، وحظر التحليق في الأجواء الجزائرية، وعدم تجديد عقد توريد الغاز الجزائري في 31 أكتوبر 2021.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى