رأي

احذروا التطرف والغلو

إن الغلو و التطرف لا دين له، و ليست له جنسية و وطن، هو مرض ابتلت به المجتمعات
الراقية و الدول المتخلفة، يحمل مسميات ونعوت، تلحظه في كل البيئات، هم متطرفون
غلاة ، ينشرون الرعب و الترويع و الفزع ، مثلهم مثل المرض و الوباء القاتل ، يظهر
أحيانا في صور دينية أو ظواهر اجتماعية أو سياسية أو عرقية .
يولد التطرف و الغلو في العفن ،كأي نبتة طفيلية ، تعيش على البقايا و المخلفات ، تنمو و
تكبر و لكن بلا ثمار ، و إن أثمرت فثمارها متروكة أو قاتلة ، ثمار تعافها حتى البهائم ،
تحكمهم شرائع الغاب ، يحكمون الأمور بالمغالبة ، أو الفرض الفوقي ، تجدهم يجنحون إلى
العنف في حال الاختلاف ، يرفضون التعايش و الإتلاف ، يميلون للانفصال و العزلة ،
شعاراتهم عنصرية ، يرون أنفسهم أصحاب الحق المطلق .
ينشأ الغلو و التطرف حين يشد المرء عن الفطرة السليمة ، فينحى إلى التشدد ، و يميل إلى
تجاوز الحدود المعقولة في كل شيء ، فتراه يحتكر الحقيقة ، تراه يلبس الحق المطلق ،
فيخرج من خالفه عن جادة الصواب ، نجده بعيد كل البعد عن التوسط و الاعتدال ، الذي
هو سمة لكل إنسان سوي ، بل هي الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها .
تلك الفطرة السليمة ،التي ترفض الجور و لكنها ميالة للعدل ، ترفض التبذير و لكنها تميل
للاقتصاد ، هي فطرة ترفض الحرام و تلفظه ، و لكنها فطرة تنجذب للمباح و تستحسنه ،
هي فطرة ترفض التهور بكل صوره ، و لكنها تميل إلى الرفق و اللين في أجمل معانيه ،
هي فطرة ترعى القيم الإنسانية و تقدسها ، هي فطرة ترفض الاستعلاء و التكبر ، و في

المقابل هي فطرة تحيا على الحياء و التواضع ، هي في محصولها ؛ منهج يقر الاعتدال و
التوسط في كل شيء .
الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى