مجتمع

اتجاه عالمي لتعهير مظهر المرأة!

إيرينى سمير حكيم اتجاه عالمي لتعهير مظهر المرأة!

إن بحثت عن صور للفنانة الإنجليزية Audrey Hepburn، التي سطَع نجمها في سماء السينما الأمريكية، في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ستجد قدراً كبيراً من الجمال والجاذبية والأناقة، لفنانة تُجيد فنها وتبدع في تجسيد أدوراها، وترى في وجهها الطبيعي، المميز، مزجاً صادقاً من الطفولة والأنوثة معاً، وتعد “أودري” واحدة من أكثر النساء اللواتي تم تصويرهن في العالم، وكانت نموذجاً للتأنق، الذي يعبر عن أناقة امرأة تحمل الجديد من الانطباعات، في كل صورة لها، دون تكلف ولا اصطناع، لا في تعبير وجه، ولا في استخدام إكسسورات أو اختيار ملابس.

وهنا يأتي السؤال الذي أود طرحه!

ما الذي تفقده أغلب نساء أيامنا هذه، في العالم كله؟، لقد استطعن تضخيم مناطق في أجسامهن، ومنهن من حررن أجسادهن من أكبر مساحة من القماشات والسترة، وتوفرت لديهن كل الأساليب والوسائل الحديثة الكافية لتحويل البوصة إلى عروسة، ومع كل ذلك، مازالت أنوثتهن سخيفة وباطلة، هاوية ومستنسَخة، تأثيرها تافة، وشهواني مؤقت، أين ذهب تصور المرأة الجميلة الغامضة بعيدة المنال؟!

إذن ماذا فقدن النساء؟ وماذا يفتقدن؟!!

الروح، الشخـصـية، التميـز الفـردي، وربما فقدن التعريف الحقيقي بالكرامة أيضاً.

نعم إن هذه هي المأساة الحقيقة التي يواجهها كيان الأنثى بشكل عام في الوقت الحالي، فهي قيد صراع دائم بين قطبي التطرف، التسلط والتحرر، وللأسف تُثبِت الظواهر المتنوعة، مدى تخبُطها، بسبب قوة المؤثرات الكثيفة الموَّجَهَة، التي تشوِّش على فكرها، وقيادة قراراتها.

فهناك اتجاه عالمي جديد، يروِّج لتعهير مظهر المرأة، فلقد تخطى الأمر في المرحلة الحالية، موضة تسليع المرأة بكثير، وذلك في إطار لامع من الحرية الوهمية، ومن كرامة الاختيار الزائفة، حيث ضرب هذه المعايير القيمة في مقتل، وسعى أن يكون كل تفاصيل الحياة المتعلقة بالأنوثة من حولها، منتمية لمنهج هذا الترويج.

حتى أصبح الرخص حقاً، والاستنساخ تميزاً، والكرامة تتجسد في هذا الرخص وذاك الاستنساخ.

فما هو الجمال؟ وما هي الحرية؟

لا شك أنَّ المعايير نسبية، مهما كان مدى الاتفاق المجتمعي في كل بقعة من الأرض على حِدَة، بخصوص تقييمات هذه المصطلحات، ومع ذلك أصبح السائد في أيامنا هذه، مقاييس عالمية واحدة تقريباً، لكل منهما، وربما لكل شيء!، فأصبحت عمليات التجميل والمكياج، تخرط النساء جميعهن خرطة واحدة تقريباً، في ملامح الوجه وتفاصيل الجسد، وأعتقد أن منكم من أختلط عليه الأمر، في التفريق بين فلانة وفلانة من الفنانات مثلاً، عندما شاهد صورة إحداهن بعد آخر تحديث لمنظرها!، ليس هذا وحسب، بل حتى أن الرجال المتحولون جنسياً، يتحولون على نفس قالب هذه المقاييس، وجهاً وجسداً، يا للعبث السخيف!.

لقد كنت أود أن أفتتح حديثي بذكر مثال لجمال وأناقة فنانات من أرضي، مثل فاتن حمامة على سبيل المثال، أو نعيمة عاكف، شادية، وزهرة العلى، وغيرهن كثيرات وكثيرات، ممن كان لكل منهن بصمة أنثوية خاصة بها، ومختلفة عن الأخرى تمام الاختلاف، لكني ذكرت مثال من أرض الأحلام، التي يلهثون خلف تقليدها والتشبة بها، والتي أصبحت هي بدورها، فاقدة للتذوق الحقيقي للمعاني، والعدل الحقيقي للمعايير والمقاييس، ربما كانت هكذا في زمن مضى، مثلما ذكرنا عن نموذج لها وهو “أودري”، وكذلك يوجد غيرها كثيرات، اللاتي كن في أوج أناقتهن في المحافل والمهرجانات، ويحفظن أنوثتهن من الرخص ويقدمن أنفسهن على أنهن أميرات.

ولقد كان ذروة هذه المرحلة هي فترة الخمسينات، التي قال عنها خبراء الموضة، إنَّها أفضل مرحلة للأناقة مرت على الأنثى على الإطلاق!، وهذا أمر أراه حقيقياً للغاية، فأزياء هذه الفترة ببساطة، قد استطاعت أن تحوِّل المرأة البسيطة إلى “هانم”، فقديماً كان كيان الأنثى مازال محتفظاً بقدر من كرامته الخاصة وتفرده.

ولكن هذه الأرض التي يحلم بمقاييسها العالم، والنساء ضمنياً بالطبع، أصبحت كاذبة أكثر من اللازم، تخلق لها أباطيل تفرضها وتنشرها، وتجعل منها أكذوبة أيديولوجية للجمال والفن، تحمل مقاصد فكرية، اقتصادية، وسياسة، لوضع فروض مساواة أنثوية من التناسخ، ظالمة للأنثى نفسها، حيث تجعل من الاستنساخ الأجوف رأس الجمال العالمي، وتقود تياراً جديداً مُوَجَّهاً لابتذال المرأة، لتقديمها في مشاركات المجتمع المُدَّعية الرقي والأهمية، على أنها أنثى متعهرة الأنوثة والمظهر، جاعلة من هذا الانحدار مقياساً رفيعاً عالمياً شائعاً، فهذا التيار يدفعها دفعاً لأن تكون محط إغراء دائماً، فهو يستبيحها تجميلاً وأزياءً، ليُلخِّص مظهرها وقوة تأثير حضورها، في المقاييس الغرائزية فقط!.

لهذا على الأنثى أن تعي جيداً، أنَّ هناك فرقاً كبيراً بين الأنوثة والإغراء، فالأنوثة ليست هي الإغواء!، وهي ليست مُطالبة بأن تحمل في مظهرها دائماً، أنوثة وجاذبية فتيات الليل وبائعات الهوى!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى