تعاليقرأي

أنا و الآخر

أنا و الآخر

 كنت دائما أحب الحياة الاجتماعية ، كنت أحرص أن أكون متناغما مع روح الجماعة ،
ببساطة لأن الفردية و الانكفاء على الذات ، يحرم الإنسان التعلم و الاستفادة من تجارب
الأخرين ، فالحياة الاجتماعية ليس معناها إلغاء الخصوصية الفردية كما يعتقد البعض .
 داخل الحياة الاجتماعية يستفيد المرء بمنح و مزايا عظيمة حيث يتعرف على أنماط
التفكير ، يتعرف على الفروق التي تميز كل تشكيلة ، فتنشأ علاقات طبيعية مع الفريق ،
تتجاوز هذا التلاقي عالم الأفكار و القناعات ،فهذا التلاقي تقويه الرابطة الإنسانية ،
التي يكون التفاضل فيها أساسه التقوى و الصلاح ، التمست تلك المعاني السامية من
وحي القرآن الكريم في الآية الثالثة عشرة من سورة الحجرات، وهي قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13﴾

 من لطائف الحياة الاجتماعية توفر للفرد أجوار التقارب و التفاهم الذي يزيل عوائق
الواصل بين أجزاء المجتمع، في تلك أجواء تصنع ثقافة التعايش الذي يلغي التصادم و
الإقصاء، و التمايز الذي يعكر مساحات التلاقي على المشترك الكبير و المصالح
الحيوية العامة ، تفاهم يقضي على التعصب المذموم الذي ضاقت ويلاته المجتمعات
الانسانية في مشارق الأرض و مغاربها .
 وجدت في للحياة الاجتماعية فضائل لا وجود لها في حياة الانعزال، فالحياة الجماعية
مساحة و فضاء لتبادل المنافع، حيث يتعلم الفرد على البذل و العطاء و مشاركة الآخر،

بل تتجه اهتمامات الفرد لغيره، فيتجسد التعاون و التكافل و التآزر، فيتشكل تراحم
المجتمعي، لم أجد تصويرا أدق و أوضح من ذلك الحديث النبوي الشريف كأنه لوحة
فنية تحاكي النموذج المثالي للمجتمع المتكافل و التعاضد .

يقول الرسول صلى الله عليه و سلم: ( مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ
. مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى )

الراوي : النعمان بن بشير | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم
: 5849 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (6011)، ومسلم
(2586) واللفظ له
 فالحياة الاجتماعية للفرد فرصة نجدد فيها دورة الحياة من خلال التواصل الاجتماعي
الإيجابي، تواصل المشاركة في تحمل الأعباء و تقاسم الأدوار لأن الواحد منا لا يستطيع
العيش في منعزل بعيدا عن الناس فالإنسان اجتماعي بطبعه.

الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى