ثقافة

أصول أسطورة مارد المصباح

 
فكري آل هير
من منا لم يسمع أو يقرأ أو يشاهد شيئاً عن اسطورة علاء الدين والمصباح السحري، الذي يخرج منه المارد العملاق محقق الأمنيات؟!- ولكن ما هو أصل هذه الأسطورة؟!
**
اشتهرت اسطورة المصباح السحري والمارد محقق الأمنيات بسبب شهرة الكتاب العربي الأول الذي وردت فيه، وهو كتاب ألف ليلة وليلة، وجميعنا نعرف أن هذا الكتاب دون في العصر الإسلامي الوسيط، وأدق وصف له هو أنه كتاب يحوي قصص وأساطير من مختلف الثقافات التي انفتح عليها العرب في تلك العصور، لكن الكتاب لا يعطينا أي تفاصيل مرجعية حول أصل كل قصة ومرجعها، ليبقى كتاب ألف ليلة وليلة أو كتاب عولمي- من العولمة- في تاريخ البشرية، على الرغم من إدعاء المستشرق الفرنسي أنطوان جالان بأنه هو من قام بإضافة قصة علاء الدين ومصباحه السحري إلى قصص ألف ليلة وليلة في القرن الثامن عشر، وهو إدعاء سخيف، أو بالأصح واحد من الأكاذيب الاستشراقية المفضوحة.
من خلال تتبع هذه الأكذوبة الاستشراقية، نجد في تفاصيلها أن المستشرق عاد وقال أنه سمع حكاية علاء الدين من حكواتي ماروني من حلب يدعى حنا دياب ما بين 1706-1709م، وهذا بقدر ما يمحو نسبياً خطيئة الكذب، إلا إنه يعطي دلالة أكيدة على الأصل العربي للأسطورة، ولكننا لا نعرف بالضبط ما هو هذا الأصل، لأن القصة بالفعل ليست موجودة في الأصول العربية لكتاب ألف ليلة وليلة التي تعود الى ما قبل القرن الثامن عشر.
..
بالعودة الى سؤالنا عن أصل اسطورة المصباح السحري والمارد محقق الأمنيات، أتذكر أني قرأت قبل عدة سنوات لأحدهم رأياً ذهب فيه الى أن أقرب أسطورة شرقية لأسطورة مارد المصباح هي الأسطورة البابلية: (لامجدن رب الحكمة)، الذي عاني من فقره كثيراً قبل أن تحل عليه رحمة الإله (ماردوكو)، معتمداً على التشابه اللفظي بين اسم الإله هذا واللفظ (مارد)، إلا إن هذا بكل وضوح لا يبدو مقنعاً اطلاقاً.
..
الجديد في الأمر، والإجابة الأكثر موضوعية ومصداقية لهذا السؤال، تأتي محمولة بخط المسند، ومعززة بالرسومات والصور المرسومة على الصخور في منطقة ما من ضواحي نجران، المعروفة بكثرة الآثار من النقوش والرسومات الصخرية التي خلفها السبئيون فيها، حيث تمكن أحد الباحثين الجوالة من أهالي نجران والمهتم كثيراً بتوثيق النقوش والرسومات الصخرية في تلك المناطق، تمكن من اكتشاف نقش مسندي ترد فيه كلمة (مارد) حرفياً، وليس هذا فحسب، بل وترد هذه الكلمة مرسوم فوقها (المصباح) السحري، وبالقرب جداً منها تصوير دقيق للمارد، حيث تظهر بنيته الضخمة، وأذنيه الكبيرة والمستدقة..!!
..
أعتقد أن هذا الاكتشاف يعطي أريحية للقول بأن اسطورة مارد المصباح تعود في أصولها وجذورها الأولى الى الأساطير السبئية القديمة.. ما لم يظهر لاحقاً ما ينفيه.. ومن يدري؟ لعلنا ننتظر المزيد من المفاجآت من خبايا الميراث السبئي المنتشرة في كل أرجاء الجزيرة، وأصقاع كثيرة مما يعرف بـ العالم القديم..
..
ختاماً، دعونا نتوجه بجزيل الشكر للباحث الجوال من نجران مشعل-عبدالله، صاحب هذا الاكتشاف، وللباحث #نكد_الناخبي الذي دلني عليه.. والشكر لجميع القراء والمتابعين بقدر ما يمكن إثراء هذه المقالة بما لديكم وغفلت عنه عين العجلة في كتابتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى