الصحافة الجديدةفي الواجهة

أزمة الوثائق السرية الأمريكية بين بايدن و ترامب في الصحافة الأمريكية

ماذا قالت كبرى الصحف الأمريكية عن أزمة الوثائق السرية؟

فهد المضحكي

ثمة تطورات تناولتها الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي تعتقد أنها قد تضيف اعتبارات سياسية حساسة على التحقيقات الجارية مع الرئيس السابق دونالد ترامب. تتدفق الأسئلة على البيت الأبيض بعد العثور على وثائق سرية تعود لفترة تولي جو بايدن منصب نائب الرئيس في عهد باراك اوباما، في وقت تحقق السلطات في فضيحة أكبر متعلقة بدونالد ترامب. مع التطورات الجديدة، يتوقع أن تستمر القضية في إثارة الضجة وقد يتبين أنها تعرقل تحقيقًا حول عدد كبير من الوثائق كان ترامب يحتفظ بها في مقر إقامته في ولاية فلوريدا، بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021. وهذه القضية أكثر خطورة، إذ وضع مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) يده خلال عملية دهم مذهلة على آلاف الوثائق، بعضها مصنف تحت بند أسرار الدفاع، وكان قد رفض السابق الجمهوري إعادتها. إلا أن العثور على المستندات في مكتب بايدن يبقى محرجا بالنسبة للرئيس الذي يتباهى بأخلاقياته. يرى محللون أن هذه القضية قد تُدخل اعتبارات سياسية حساسة على التحقيق المرتبط بترامب، الذي دعا فورًا إلى أن يخضع الرئيس الديمقراطي للتحقيق نفسه. وسأل «متى سيداهم الـFBI مقرات جو بايدن الكثيرة، وحتى البيت الأبيض؟».

في مقال لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ترجمة موقع السياق، تساءلت الصحيفة عن إمكانية أن تنقذ الوثائق المسربة، التي وجدت بمنزل الرئيس الأمريكي جون بايدن، سلفه دونالد ترامب من المساءلة القانونية، مشيرة إلى أنه رغم اختلاف الحالتين بشكل ملحوظ في تفاصيلهما، فإنهما متشابهتان لدرجة أنه من الناحية العملية، سيجد الديمقراطيون صعوبة في استخدام القضية ضد الرئيس السابق، لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. ما هي الوثائق السرية؟ حسب صحيفة واشنطن بوست تشير المعلومات السرية إلى المستندات والسجلات التي تعتبرها الحكومة حساسة، وتشير إلى المعلومات التي يمكن أن تضر الأمن القومي إذا تم نشرها، إذ يمكنها أن تشمل الكابلات الأساسية لوزارة الخارجية أو المعلومات المتقدمة من قبل حكومة أجنبية، او ميزانية وكالة المخابرات الأمريكية، ولكنها غير معلومة. في حين ذكرت شبكة CNN، ان الوثائق السرية التي عُثر عليها في المكتب الخاص السابق للرئيس جو بايدن في واشنطن تضمن بعضها مذكرات استخباراتية أمريكية ومواد إحاطة تتعلق بأوكرانيا وإيران والمملكة المتحدة، وسجلات أظهرت أن جامعة بنسلفانيا قد جمعت ملايين التبرعات المجهولة من الصين منذ وضع أسم بايدن على مركز الأبحاث، بما في ذلك 15.8 مليون دولار في الهدايا الصينية في عام 2017 وتبرع مذهل بقيمة 14.5 مليون دولار في مايو 2018، وهو ما نفته الجامعة عقب انتشار السجلات.

ووفقًا للصحيفة المذكورة، كان قرار الرئيس جو بايدن وكبار مستشاريه، بإبقاء إكتشاف الوثائق السرية طي الكتمان، بعيدًا عن الجمهور وحتى عن معظم موظفي البيت الأبيض لمدة 68 يومًا، مدفوعا بما تبين أنه أمل غير مجدي في إمكانية التخلص من الحادث بهدوء، من دون تداعيات أوسع على بايدن أو رئاسته. وقالت الصحيفة في تقرير نشرته قبل أيام إن عددًا من المستشارين الذين كانوا على علم بالأكتشاف الأولي للوثائق في 2 نوفمبر، قبل ستة أيام من انتخابات التجديد النصفي، راهنوا على أنه دون الإعلان عن ذلك، يمكنهم إقناع وزارة العدل بأن الأمر لم يكن أكثر من مجرد خطأ بسيط بحسن نية، على عكس الرئيس السابق دونالد ترامب. وكان هدف فريق بايدن، هو كسب ثقة محققي وزارة العدل، وإثبات أن الرئيس وفريقه يتعاونون بشكل كامل، وبعبارة ٱخرى، تجنب أي تداعيات قانونية خطرة من خلال القيام بعكس الخطوات التي قام بها فريق ترامب. لكن هذا الرهان أتى بنتائج عكسية على المدى القصير على الأقل، فصمت بايدن أثناء تعاونه مع المحققين لم يمنع تعيين محقق خاص، كما كان يأمل مساعدوه، لكنه أدى إلى ضجة عامة بمجرد ان أصبح من الواضح أن البيت الأبيض قد أخفى الموقف عن الجمهور لأكثر من شهرين. لقد أدى اختيار الصمت على الوثائق لفترة طويلة إلى ضرر سياسي وهو بأن بايدن لم يكن صريحا. وفي ما يخص الشارع الأمريكي، أظهر استطلاع جديد للرأي إلى أن معظم الأمريكيين يعتقدون أن كلا من ترامب وبايدن فعل شيئًا خاطئًا، إذ قال %77 ممن شملهم الأستطلاع الذي أجراه lpsos، ABC News إن ترامب تصرف بشكل غير لائق في التعامل مع الوثائق السرية، بينما أشار %64 إلى أن بايدن فعل ذلك. وقال %43 من المشاركين في الاستطلاع إنهم يعتقدون أن تعامل ترامب مع الوثائق السرية كان «مصدر قلق أكثر خطورة»، مقارنة بـ%20 ممن قالوا إن سلوك بايدن أكثر خطرًا، لكن 30% وجدوا أنهم على القدر نفسه من الخطورة. يقول تيم ميلر، وهو استراتيجي جمهوري قديم أصبح من أبرز منتقدي الرئيس السابق، إن هناك «تناقضًا صارخًا» بين طريقة ترامب مع مسألة الوثائق السرية وكيفية تعامل بايدن. لكنه قال من الناحية السياسية، فإن الأمر يصب في مصلحة ترامب، مشيرا إلى أن الرئيس السابق لديه القدرة على «الصيد في الماء العكر»، وتشكيل تكافؤات زائفة بين سلوكه غير القانوني والأخطاء التي يرتكبها الٱخرون.

وينقل أحد المراكز الإخبارية، عن تقرير للكاتب الأمريكي، جوناثان تورلي، ان الانتخابات الرئاسية عام 2024 قد تكون تصويتًا على من يّريد الجمهور محاسبته، أهو الرئيس الحالي أم الرئيس السابق دونالد ترامب؟ في حين أوضح «تورلي» في مقال بموقع «ذاهيل» الأمريكي، أن الولايات المتحدة ربما تكون مُتجهة إلى واحدة من أكثر اللحظات غرابة وقلقا في تاريخها الدستوري، فهناك الٱن احتمال واضح بأنه لن يكون لدى الولايات المتحدة اثنان فقط من المرشحين البارزين في الحملة الانتخابية للرئاسة مع مستشارين خاصين لكل منهما، ولكن اثنين من المرشحين، اللذين يمكن توجيه الاتهام إليهما أو على وشك توجيه الاتهام اليهما في وقت الانتخابات. وعقد الكاتب الأمريكي مقارنة بين قضيتي بايدن وترامب بَينَ فيها، إن هناك اوجه تشابه كافية تجعل العدالة قادرة على موازنة التهم في كلتا الحالتين، فالتحقيق مع ترامب الذي أجرته وزارة العدل لا يشمل الاتهامات بسوء التعامل مع المواد السرية فحسب، بل يشمل أيضا البيانات الكاذبة والعرقلة، كما أن المزاعم ضد بايدن خطيرة بطريقتها الخاصة. ففي حالة الرئيس الحالي، ورُغم تعاونه بصورة كبيرة مع محققي وزارة العدل، الإ ان الأمر برمته يمكن أن يتجه إلى مسار ٱخر، فوفق «تورلي» فإذا تم تأكيد استخدام بايدن أيا من هذه المستندات لكتابة كتابه أو لمشاريع شخصية أخرى، فإن إصراره على أن الحيازة «غير مقصودة»، سيأخذ معنى أكثر شرًا، كمحاولة لخداع الجمهور ومكتب التحقيقات الفدرالي.. وهذه تُعتبر من أبشع التهم التي يمكن أن توجه لرئيس أكبر دولة ديمقراطية في العالم.. وربما تكون هذه القضايا هي نهاية طريق كل من بايدن وترامب قبل بدء الانتخابات الرئاسية 2024. وبعيدًا عن كل هذه التفاصيل المتعلقة بهذه القضية، فإن السؤال الذي نطرحه هنا هو، ماذا عن الوثائق والسجلات السرية التي كشفت وماتزال مخططات تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتقويض حكمها، بهدف يكمن في ضمان الهيمنة الأمريكي؟ في كتابه «التدخل الأمريكي الجديد» تحدث العالم السياسي الراحل روبرت جيرفيس عن الحروب، التي كانت باسم «الديمقراطية» و «الحرية» و«حقوق الإنسان» بالأساس، تمثل تدخلا طائشا في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تاركة وراءها الموت والدمار في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية أوروبا الشرقية، وإن العدوان العسكري الصريح ليس الأداة الوحيدة للسيطرة الأمريكية، إذ إنها لجأت إلى الإغراء الاقتصادي والعقوبات المالية والتسلل الثقافي والتحريض على الشغب والتلاعب بالانتخابات، وغيرها من الحيل لتخريب ما يسمى «الدول المعادية أيديولوجيا» سرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى