رأي

“أبيع نفسى”

“أبيع نفسى”
على جميع سكان الأرض تقريبا أن يذهبوا إلى السوق مرتين, مرة لبيع عدد من ساعات عمرهم لكي يحصلوا على ما يكفي من المال يشتروا بها حاجاتهم عندما يذهبون للسوق في المرة الثانية. و كلما ارتفعت الأسعار كلما انخفضت قيمة ساعات حياتك. و انخفضت قيمتك انت بالتالي, فيكون عليك بيع مزيدا من الساعات لاجل البقاء.
في اقتصاد السوق الراسمالية تحدد قيمة ساعات حياتك استنادا الى المردود الذي تعطيه هذه الساعات لصاحب العمل. هذا بالطبع ينطبق على البقر ايضا. البقرة الحلوبة سعرها أعلى من البقرة الشحيحة. و بالنسبة للبقر فان الشركات الكبرى نجحت في تطوير أنواع هجينة منها عالية الجودة. اما البشر فقد ارسلونا للمدارس بدلا من ذلك لاعداد كوادر حلوبة تعمل في مشاريعهم, و يقف من لم ينجح منهم في طوابير العمل او البطالة و ينتظرون ان يشتري احد ما منهم ساعات حياتهم باي ثمن كان.
طريقة الحياة القائمة على بيع الحياة لشراء الاشياء لم تعد تعمل. لانهم يستخدمون الآلات في الإنتاج و لم يعودوا بحاجة إلى ان يشتروا ساعات حياتك. و لكن لدينا مشكلة كبيرة هنا. عندما لا نبيع نحن ساعات حياتنا كيف سنذهب الى السوق لنشتري الاشياء التي نحتاجها. و بالتالي لمن سيبيع اصحاب المشاريع منتجاتهم؟ سيتوقفون هم عن الإنتاج و نحن عن الشراء.
سيطبعون النقود و يعطوها كديون للناس لكي يشتروا الاشياء. و عندما تبلغ ديون سكان كوكب الارض ارقاما فلكية ستختفي قيمتها. و تتوقف الحياة عند ازمة اكبر. فاذا لم ننجح في اعادة تنظيم حياتنا على اسس جديدة فاننا سنفتك ببعضنا وقد بدأنا بالفعل نفتك ببعضنا الان و لكن هذه هي البداية فقط.
اريدك الان ان تفكر معي في طريقة اخرى للحياة ليست قائمة على الذهاب للسوق وبيع الحياة لشراء الحاجات.
نحن توصلنا إلى استنتاج بسيط وهو أن الأعمال قد اختفت و لكن قدرتنا على إنتاج الأشياء قد تضاعفت, وهذا امر رائع. دعنا نترك الآلات تقوم باعمالنا و تنتج ما يكفي الجميع و نحن سنشرف على ذلك اجتماعيا. لما لا اليس العالم عالمنا؟ لماذا لا نضع قواعد تناسبنا للحياة؟ هل سيمنعنا الاشرار و المتسلطين؟ ربما … ولكن هل حاولنا نحن و فشلنا ام اننا نلغي هذه الفكرة لمجرد اننا نعتقد بان الاشرار سيرفضون قبول ذلك؟
حسنا الان … لنفترض اننا قررنا مسبقا ان هذا لن ينجح, ماذا علينا ان نفعل؟ ما هو اقتراحك؟ يجب ان نجد طريقة اخرى للحياة غير الذهاب الى السوق. لاننا لن نستطيع ان نبيع الحياة و لا ان نشتري حاجاتنا بعد الان. المنظومة لم تتوقف لنا فقط بل توقفت لاسياد النظام ايضا .. جميعنا في ورطة برغم اننا لا نعاني بنفس القدر ..
محمد عبدالمجيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى