يَومُكَ عُمْرُكَ، وحَيَاتِّكَ

يَومُكَ عُمْرُكَ، وحَيَاتِّكَ

جَاءكَ أقاربُك، وأحبابك، وخَيرُ جِّيرَانَك، وبعضُ زملائك، وأصدقائك، وخِلانِكَ، وكُل من يُحِّبوكَ فرحين مُسَتبشرين لِيهُّنِئُوكَ بِقُدوم مِولودَكَ الجديد، راجين المولى مَالِك المُلكِ أن يكون طِفلاً مُباركِ، وجَنَةً في دارَك، وأجمل ما في ديِارِك؛ ونوُر أيامِك، وخير رزقك، وأجمل مَالكَ؛ وحياتك. وبَعدما جاء طِّفَلِكَ، ومنذُ اليوم الأول للميلاد يبدأ عَداد العُمر لحياتِّك؛ ويَفَرِح أَهَلُكَ بِمولُودك الجديد؛ فيأتَوكَ، لِيزوروك، ويَقَابِّلُوكَ، ويُعَانِقُوك، ويُقبلُوك، لِّيُرضُوكَ، مُباركين لكَ ولِعِّيَالكَ. وصحيحٌ أن طِّفلُكِ الجديد يكون أول فرحتُك، في حَياتكَ، ثُم يكبر ليكون زادكَ، وزُوُادُكَ، وعزوتك ويبقى مُولُودُك الصغير في معيِتِّكَ وفي داركِ، وتحملهُ تارةً في حُضنِك، وتارةً تقبلهُ، وهو أَمَامَكَ فاِّبْنُكَ ضَناكَ، وسَلواك، وحلواك، وفيه شِّيبُك، وشبِابك، وجَمَالُ أيامك، وفرحتُك، أو شقاكَ!. وهُو الذي سَتُفْنِّيِ لأجلهِ زهرة شبابك؛ فَولَدكَ، نَجَلُكَ وولى عهِدك، وقُرُةُ عَّيِّنك وورِيثُك، وحبيبُك وحُبَكَ تُحِبه، ويُحِّبُكْ، وربما يكون فيهِ نَصَرُك، وفوزك أو حَتفُك، ودمارُك، وضُرك وهلاكك!. طِفلُك دقَاتُ قلبك، وعَقلك، وروحِكَ، ودوحِك، وصَرحَك، وبسمتك، وبصمتك، ونُطقك، وفرحَك أو حُزنك، وصمتُك، وفكرك، واهتمامِك، قبلك فُراقِكَ؛ فَكأنَكَ ترى في نَجلِكَ كُلكَ، ومُستقبلُك وكل أيام حياتِكَ، وسَكناتِك؛ وتعمل جُلْ عَملِك، وتَجَتَهِد كل اجِتَهادِكَ سعيًا لِرزقك أنت، وعيِاِلك ولِسَعَادِتِكَ أنتَ، وسَعادةِ أولادك؛؛؛ ولِعَلَ ابنكَ تَسَمُو أخَلاقُهُ فتكون مثل جمالِ أخَلاقِك، وعسى أن يَكُونَ ولدُكَ سُندُسكَ، وسَنُدكً، وِكوسَادتِكَ، وعَكازك عِندَ كِّبِركَ، وهرمِك، وكذلك فِلعَلهُ يدعو لك بعد مماتِّكْ، ودفنِك فيِ قَبَرِّكَ، ويبقى يَفَتَكِّركَ، ويتذكرُكَ، ومُشَتاقٌ لكَ، ويرجو لقِاكَ؛ ويَسيرُ على أثَّرِكَ، وعهِدكَ، ويبَرِكَ بعد مَوتِكَ، ويَزوركَ، وأنت في قبرِك؛ ولِذلِك إن كان ولَدُكَ خليفتك صالحًا، فَهو بِذلك أجَملُ ما كانت أحلامُكَ، وأمَالكَ، ورأسُ مَالُكَ؛ ولأولادكَ مَاَلَكَ بعد نهايتِك وفَنَائِّكِ؛؛؛ وكَما فعل، والِديكَ لأجلك، ولانبساطِّك، ولسعادِّتِك في حياتِك كل شيء وكذلِك كانت زوجُكَ تُربيهم مَعك؛ ولازلت في أيامك تكافِح في حياتِك، وتعمل كل مجهودَاتِكَ، وكلَ ما في وسِعك بِدُنياك لِسعادةِ أولادِك أطفالِك أحبابِك؛؛ ولك على صبرِكَ في تربِّيَتكَ الربانية لأنجَالك في ذلك أعَظم ثوابَكَ، ولك كذلك جزِيل أجرك يوم حسابِك؛؛ كما إنكَ أيها الأب عَليك أن لا تنسى ذكر ربَك، وأَخِرتك، فتلك دارك الباقية، بينما دُنياك هي دارُك الفانية، وتمضى بِنا وفيك ويَكانَها كانت ثانية،، بعدما روُحَكَ، ونَفَسكُ تخَرُج من جسَدِّك لأخِرتك، ولحياةِ بَرزخك في قبرك!. فلا تَغُركَ دُنياكَ، عن أُخراكَ؛ واللهُ ربُنا، وربُك، وإلهُنَا، وإلَهُكَ، ومَولانا، ومَولاَكَ أندرنا، وأندركَ في قولهِ سبحانه وتعالى: ” يا أيها الإنسان ما غَركَ بربِك الكريم؛ الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورةٍ ما شاء ركبك”. وكذلك علمك، وعلمنا نبينا، ونبيك، وحبيبنا، وحبيُبكَ، ومُصَطفَانَا، ومُصَطفاَكَ سيدنا وسيدك، فيقول صلى الله عليه وسلم: “اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ : شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك”؛ وإياك ثُم إيَاك أن تغُضب ربَك خَالِقُك، ثم إياك،، إياكَ أن تَعُقَ، والداك أُمك، وأَبُاكَ، وهما رَبوَك وأحَبوَكَ، وأرضوكَ، ودَللوكَ، ودَلعوَكَ، ورعوك، وجملوك، ورحموك، وحملوك، وحَممَوكَ وحَمُوكَ، وبِحَنانِهِّم حَبُوكَ، وأَظَّلُوك، ونصرُوك، ونفعَوكِ، وما ضَروكَ، وما سَابُوكَ، ولا سَبُوك ولا شتموك؛ وإنما شابوا، وهرموا ليرَبوكَ، ولِيَروكَ شابًا مؤدبًا غير صُعلوك!؛ ليفتخِروا بدماثة أخلاقك، وبِكَ، وفِّيِكَ، وليفرحوا في جَميِلِ جَمالِ ما يخرجُ مِنكَ، من بوحِك العاطر من فيِّكَ. ومِسِكُ الخِتام يا كرام إن في ذلك كذلك علينا، وعليكُم، وعَليكَ أن تُبْصِّر، وتَنَظُّرَ مكانك ومَقامك في قُعودك، وفي قيامِك، وفيما أقامك، من قولك في بوحِك، ومن صلاتِك، وصِّلتكَ لأرحامِّك واحترامَك لجيرانك، وأقربائك، وجمالِك في تدبُرِك أثناء قراءتكَ لِقُرَأنكَ، وفي صيامك، وقيامك وصدقتك وزكاتك، وطُهرك، وعَفافِك، وذكرك ربك في سِرك، وعلنك، وفي سهرك، وأسَحَارِكَ وقبل وبعد منامك، وفي كل أيامك، وحسناتك في إيمانِك، وعبادتِك، وفي بِرك لوالديك، وفي إكرامِك لأقاربِك، ولإخوانِكِ، ولضِيفانَكِ، وفي جهادِك، وصبِرك على أعدائِك، وفي غضِ بصَّرِك، وكفِ سمعِكَ، وفي كل خيرٍ من جوارِحك عنوانك، وفي تكوينك، وبُنيانَك، وفي إنسانيَّتِك رفَعَتِّكَ وسمُوك وعلوك، وفي رحمتكَ هيبتك، وبتواضعك وقارك، وجلالك؛ وفي صبرك على وخزِ الأشواك كُنت مُتماسِّك؛ وفي صلاتك كُن ناسِّكْ، وفي حياتك اعمل لغدِكَ بعد مَماتِك، وكذلك يقول المثل العربي الفلسطيني: “فأسّكَ في رأسّك تعِرف خلاصَكَ”….

ولِذلكِ عَمِّرَ قبرك ليكون بعد موتك قصرك،، ولا تعمر قَصركَ، وتنسى قبرك، فإن عَمرت قَصركَ أو بيتك فلا يُنسينكَ ذلك رحيلك، ولا ذِكرك، أو شكرك لربِكَ، ومُولاك، الذي خلقك، وسَواك ورزقك، وركبكَ، وبالستِر جَملك، وبنعمة الإسلام حَباك، وهو الذي خَلقك، وحماك، ولما أذنبتَ أمهلك، وستَرك، ورغم تقصيرك أعطاك، وأرضاك.

أحسن لمن رباك، فَجَنتُك في دنياك، والداكَ إن تبِرهُم تَربت كُل يَداك؛؛ وادعو بالخير لمن ثقفكَ وعلمك، وأدبك، وهذبك، وأحبَك، وأظَّلَك وما ظَّلمك حتى صرت في أجمل عُلاكَ، واعلم بأنك عُمُركَ محدود، وأجلك، مكتوب، وسوف تُواجه في دُنياك المهالك، “فكل شيء هالكٌ إلا وجَههُ”؛؛. وإنكَ في سيرك، ومسيرتك، ومشيك في الدنيا ليس كل طريقك مُعبدٌ، وسَالك!؛ ثُم إنك في دهرك وفي أيام عمرك لذائق اللذيذ مما تلعقهُ شهيًا حلوًا بالمعالق، وما ستتجرعَهُ مُرًا عَلقمًا، فلَسوف يطولكَ، ويَنالكَ، في دُنيا فيها الفتن، والمهالِك؛ وسيأتي عليك زمان تكون فيه كالعَالق ما بين السماءِ، والطارق، وكأنك ضربوك وغدروك بعضُ خِلانِكَ، وأقاربِك بالمطارق!؛؛ وكأنك حينئذٍ ضاقت عليك أرضُك، وسَمَاءُكْ، حتى ضاق بكِ أهلك، ووطُنك، وأحبابك، وأصحابك وزوارك!. ولذلك فإنك عليك أن تتعلق، فيما يجعلكَ تتألق، إنه القرآن الكريم شفاء لألمك، ولقلقك ولمرضك، ولهمومِك، ولكلِ ما أهَمكَ، وما أحزانِكَ؛ وهو حلواك وسلواك لكَ، ولِسُواكَ، فالقرآن طبيبُ قلبك، وعقلك، ونفسك، وروحك، وجَلاء خَوفك، ولكل ما أتعبك،، فأقرأ في كتابِ ربك ورتل، فترتَقِى وستجد معه راحتِك ومؤنسك وأنيسك وأُنسِّكَ وجليسك في قبرك بعد رحيلك ليكون لك جليسك وجنتك وسعادة روحِك ومسكُ ريحانك، قُرأنكَ في أيام حياتك وبعد مماتك..

المفكر العربي، والإسلامي الباحث، والكاتب الأديب

الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

الأستاذ الجامعي عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين

رئيس مجلس إدارة الهيئة الفلسطينية للاجئين، والاتحاد العام للمثقفين العرب في فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى