مجتمعولايات ومراسلون

ولاية غرداية تودع مقدم الطريقة الشيخية الشيخ مولاي إبراهيم الحاج محمد بن الطيب.

في جو جنائزي مهيب بحضور الأهل والأصدقاء والمشايخ وأهل العلم والزوايا والوافدين من كل جهة, شيعت جنازة الفقيد مقدم الطريقة الشيخية بولاية غرداية جنوب الجزائري الشيخ مولاي إبراهيم الحاج محمد بن الطيب بن قدور بن عمار بمقبرة مليكة بولاية غرداية.

قامة من قامات العلم والذكر من مشايخ الصوفية بالمنطقة للطريقة الشيخية المتوارثة أبا عن جد منذ نشأتها منذ قرون خلت و تعاقب عليها الأجيال أبا عن جد جيل بعد جيل, من سلف لخلف بخطى ثابتة وأمانة بإخلاص ووفاء.

تقديم:

فالطريقة الشيخية هي طريقة إسلامية سنية صوفية، تحث على طاعة الله عز وجل والإلتزام بالسنة المطهرة، وهي طريق قويم وصراط مستقيم تهدي إلى السبيل والهدى، جامعة بين الشريعة والحقيقة لأنها شيخية المشرب.

الطريقة الشيخية مبنية أسسها على طلب العلم، وإحترام العلماء والفقهاء والفقراء، وكثرة ذكر الله تعالى مع الحضور، إذ هي من أقوم وأبسط وأنفذ وأقرب الطرق الصوفية إلى الله عز وجل، فمن سلكها وصل إليه تعالى مصحوبا بالسلامة محفوفا بالكرامة والأنوار، لأنها متمسكة بآداب الشريعة التي تحث على فضيلة الوسط بلا مجاهدة ولا كثرة الجوع، ولا كثرة السهر ولا طقوس، وبالتالي فإنها سليمة من كدورات جهلة المتصوفة، نسأل الله جل في علاه الحفظ والسلامة

وجود الشيخية بولاية غرداية :

وجدت الطريقة الصوفية بمختلف الطرق المتواجدة منذ نشأتها بولاية غرداية عموما ومن بين بلدياتها متليلي الشعانبة منذ القرن التاسع عشر.

وقد عرف بالطريقة الشيخية عموما سنة 1884 حسب ما جاء في كتاب دراسة عن الإسلام من طرف الباحث لويس رين ومن بين هاته الطرق الشيخية من بين 6 الستة الموجودة بغرداية يومها حسب جدول الإحصاء. لها زاوية و مقدمين 02 أثنين و317 ثلاثة مائة وسبعة عشر مريد.

نبذة عن المقدم مولاي إبراهيم الحاج محمد:

هو مولاي إبراهيم الحاج محمد بن سي الطيب بن قدور بن عمار, من مواليد يوم 26 جوان 1943 بزاوية سيدي مولاي سليمان, حي عرش الشرفاء قصر متليلي الشعانبة.

تلقى تعليميه كبقية أطفال المدينة بكتاتيب قصر متليلي وتعليمه النظامي بالمدرسة.

سليل عائلة الشرفاء، عائلة محافظة أهل علم وتربية و زهد وتقوى و وروع. عائلة جهاد ونضال منذ القدم من سلف لخف على مر العصور، أهل نخوة وأنفة و ذود عن الشرف.

حفيد سي قدور بن عمار, المحارب الثوري البطل المحارب, رفيق الشيخ بوعمامة بالغرب الجزائري من كبار زعماء مقاومة الثورة الشعبية يومها بالجنوب الغربي. الرجل الثائر للإستعمار الفرنسي بالجزائر عامة وبالمنطقة خاصة. ( كما ذكره المجاهد محمد بلخير من عرش الرزيقات بالبيض. شاعر ثورة الشيخ بوعمامة في قصيدته وفي لقطة فيلم الشيخ بوعمامة على ذكر الشعانبة) ومن بين مشاركتهم هجوم الشعانبة يوم 20 ماي 1905.

طفولته وشبابه:

عاش الشيخ الحاج محمد بن الطيب طفولته في قصر متليلي الشعانبة بزاوية سيدي قدور. ولما أشتد عوده إنتقل إلى الشمال مع والده , بين البيض وأفلو من أجل كسب لقمة العيش في مجال التجارة.

نضاله ونشاطه الثوري:

عشية إنطلاق الثورة عاد للمنطقة وسكن في حي العين وسط مدينة غرداية, كانت بداية مشاركته في ثورة التحرير الوطنية وهو شاب يافع كبقية شباب المنطقة , حيث ساعد والده سي الطيب في عملية تجميع الأموال والمؤونة للمجاهدين. ثم الذخيرة والسلاح

وعند إكتشاف أمره للعدو, طلب من والده السفر إلى جبال بوكحيل بضواحي أفلو ومنها إلى منطقة مغنية غرب الجزائر للنشاط هناك.

ألقي عليه القبض تعرض إلى الإستنطاق والتضييق تحت التعذيب الشديد من طرف الإستعمار وبقي وفيا للعهد وصان الأمانة ولم يفشي أي سر للعدو.

إستلامه لمنصب مقدم الطريقة الشيخية:

إستلم الشيخ الحاج محمد بن الطيب مقدم الطريقة الشيخية بمتليلي الشعانبة بمقر قيادتها بدار سيدي قدور بزاوية سيدي مولاي سليمان, من خلف لسف. إستلمها من أبيه سي الطيب بن قدور والذي إستلمها بدوره هو الأخر من أبيه سي قدور بن عمار والذي يعد مؤسس فكرة الطريقة الشيخية وشيخ الطريقة في متليلي الشعانبة وضواحيها يومها.

الحياة الثقافية بمتليلي الشعانبة:

عرفت متليلي الشعانبة حركة ثقافية واسعة إذ تلألت بكوكبة مشايخ أعلام وأئمة أشرفوا على تسيير المسجد العتيق والإشراف عليه وتنشيط الحقل الديني الثقافي العلمي المعرفي.

نشأة زاوية الشيخية بمتليلي الشعانبة:

نشأت نواة زاوية الطريقة الشيخية بقصر متليلي الشعانبة من طرف الفقيد الشيخ مولاي إبراهيم سي قدور بن عمار. بناء على تكليف الشيخ بوعمامة قائد المقاومة الشعبية آنذاك و شيخ الطريقة بتأسيسها وتنظيم عمل الزاوية وتسخيرها لخدمة الوطن والدفاع عنه. والتي كانت بقناعة تامة وقبول برضا.

وذلك لتكون أفضل طريقة لمحاربة الإستعمار الغاشم وذلك نشر التعاليم الإسلامية بواسطة الزوايا والتي جعلت الإستعمار الفرنسي بعد إنتشارها وإلتفاف الشعب حولها و إحتضانها طواعية, يعيد حساباته في التوسع في الصحراء.

و يعود الفضل في نشر فكرة نشر الإسلام بواسطة الزوايا إلى البطل الثوري القائد الحربي الثائر سيدي قدور بن عمار الذي ربط منطقة الشبكة متليلي الشعانبة وضواحيها بمنطقة البيض والأبيض سيد الشيخ بالجنوب الغربي تحديدا.

دعم المقاومة الشعبية للشيخ بوعمامة:

دعما لمقاومة الشيخ بوعمامة و مساعدته في مسعاه، إضافة إلى المشاركة الحربية للشعانبة قامت زاوية سيدي قدور للطريقة الشيخية بمتليلي بتخصيص مؤونة موسمية تجمع من قبل عائلات الشعانبة وترسل في قوافل إلى زاوية شيخ بوعمامة توجه لهم . ثم إمتدت إلى تجميع السلاح والعتاد و كذا تعبئة الأفراد لتعزيز قوة المقاومة الشعبية ومناصرتها.

كان لهذا التحالف الإستراتيجي بالمنطقة دور فعال جد مهم في نشر العلم و توفير السلاح رادعا للإمتداد الإستعماري بالمنطقة.

إستمرارية العهد بالوفاء:

بقيت مسيرة و فكرة تجميع المؤونة قائمة ومتواصلة مستمرة إلى يومنا هذا وترسل كالعادة في كل سنة.

إحياء المناسبة بمتليلي الشعانبة:

إستمرت العملية إلى يومنا هذا والتي حدد لها ثالث يوم من عيدي الفطر والأضحى يحيها مريدي متتبعي ومحبي الشيخية بإشراف مقدم الطريقة الشيخ الحاج محمد بن الطيب رفقة كبارها ومشايخها, تتمثل في مسيرة مشي على الأقدام لمريدي الطريقة الشيخية. تنطلق من ضريح سيدي مولاي سليمان الولي الصالح جد الأشراف جد عرش الشرفة بقصر متليلي إلى شعبة سيد الشيخ مرورا بأهم المحطات. وما قامات الشرفاء والبيوت العامرة ويكون التجميع في مسجد بشعبة سيدي الشيخ بمتليلي الشعانبة ثم تحول في قافلة إلى منطقة البيض مرورا ببريزينة .

ويعود الجمع في وفد بألسن تلهج بذكر الله وبصيغ عديدة لأوراد للطريقة الشيخية إلى مقر الشيخية بدار سيدي قدور بزاوية سيدي مولاي سليمان بقصر متليلي وتناول وجبة الغذاء كالمعتاد من كل سنة والتي حضرتها أخر مرة عيد سنة 2014 , أين كان لي معه لقاء مصغر وحديث عن الطريقة الشيخية ومريديها ونشاطها. ويقوم على خدمتهم في وجبة الغذاء وتقديم واجب كرم الضيافة والترحيب بسخاء رجال الطريقة في على رأسهم بن الذيب موسى بن الحاج الشيخ, مع قراءة الأوراد وما تيسر من الذكر الحكيم تختتم بتلاوة عطرة لأخر ثمن من سورة إبراهيم عليه السلام وتختتم بالصلاة والسلام على الحبيب المصطفى في جو أخوي بوجوه ضاحكة مبتسمة و كأنهم في فرح عائلي وعودة حجيج من بيت الله.

الحاج محمد مولاي إبراهيم بن الطيب من عائلة عريقة محافظة عائلة دين علم ودهاد , متكونة من سبعة 07 إخوة وهم كل من الطالب الطاهر – جمال -أحمد -علال -نصر الدين -حسان وقدور. متزوج رب عائلة متكونة من خمسة 5 أولاد وهو إبراهيم- عبد الله -مسعود -سليمان والطيب وأحفاد.

الإنضمام للعمل الحكومي وبسلك الشرطة:

بفجر الإستقلال 1962 وعودة الوالد سي الطيب بن قدور, من الحدود الغربية أين كان متواجد بها مجاهدا محاربا في سبيل تحرير الجزائر. تحول إلى السكن مع أخوته إلى حي قدماء المجاهدين وسط مدينة غرداية وفي سنة 1965 إلتحق للعمل بسلك الشرطة رغبة منه في المساهمة في بناء الوطن وهو في بدايات مراحل البناء و التشييد.

عمل بتفان وإخلاص إلى أن ناداه مناد يأمره إلى التفرغ إلى مهمته الثانية وهي قيادة الطريقة الشيخية بعد والده بداية 1978 وإنتقل للعمل الحر في التجارة بساحة السوق العتيق تجارة الزربية التقليدية الذي وجد فيه مجال واسع للإبداع.

وتفرغ بعدها للعمل الدعوي الخيري وبعد وفاة والده سي الطيب بن قدور سنة 1984

بمتليلي الشعانبة رحمهم الله جميعا.

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى