رأي

حتى لا تهزمنا العلمانية

حتى لا تهزمنا العلمانية

العلمانية في فضائنا العربي الإسلامي ليست محايدة تجاه الدين بل تعدّه خصما لها فتضايقه ثقافيا وسياسيا وقانونيا وإعلاميا، بدأ هذا منذ استقلال معظم دولنا واستمر بشكل تصاعدي إلى ان آتى ثماره المرة وصار يطمع في المزيد، ولا فائدة من إنكار حقيقة أن العلمانية أصابتنا بهزائم نكراء لعل أبرز صورها ومستواتها هذه المحطات الأربع التي نذكرها حتى نستفيق ونسترجع قوانا ونقاوم ونهزم العلمانية.

  • المرأة: أقنعتها العلمانية التغريبية اللادينية عبر قصف إعلامي فني مجتمعي متواصل أنها لا تثبت ذاتها إلا إذا هجرت البيت ونافست الرجل كالند للند دون أي اعتبار لخصائص الذكورة والأنوثة، فتخلت عن مهام الزوجية والأمومة فضاع الجيل وأصبح مصدرا للآفات الاجتماعية بكل أنواعها كما لا يخفى على أحد، وكان ينبغي للمسلمة أن تصغي لكلام الله ورسوله لا لدعوات الأنثوية le féminisme، فرب العالمين يقول ” وقرن في بيوتكن” أي أن لزوم المرأة للبيت هو الأصل كزوجة وام ومربية صاحبة أشرف مهمة هي إدارة البيت عاطفيا وماديا، وإنما تخرج لحاجتها او حاجة المجتمع إليه من غير أن يؤدي خروجها إلى هجرات البيت ومهامها فيه، وقد حدثت الكوارث عندما لازمت المرأة الشارع والسوق وأماكن العمل وأصبحت تتضايق من البيت ومسؤوليته، وأغرتها المادة فصارت تستغني عن الرجل وتتحداه وتتصرف فيه ونزعت منها القوامة، حتى إن معدلات الخلع بلغت مستويات لم تحدث في تاريخ المسلمين قط…فاستقالة الرجل ننتج عنها استرجال المرأة وذهاب المروءة والنوثة عند الجميع إلا المتقين، والعلمانية تغري المرأة بالمزيد من الخروج عن الفطرة السليمة واحكام الشرع.
  • المدرسة: بكلمة مختصرة ما هي ما تسميه العلمانية “إصلاح المنظومة التربوية”؟ إنه تجفيف منابع التديّن وإبعاد المدرسة بجميع اطوارها عن الدين والأخلاق – تحت لافتات براقة لكنها جوفاء مثل العقلانية وإبعاد المدرسة عن الإيديولية –والواقع يؤكد ان العلمانية لا تحمل همّ التعليم لأننا نعيش منذ …وحتى مستوى التعليم، 60 سنة من التيه، إصلاهات تعقبها إصلاحات، والمدرسة رديئة المستوى لا تتجاوز مهمتها محو الأمية…أما الجانب التربوي فلا علاقة لها به إطلاقا بل هي تحارب التربية حربا ممنهجة كما دلّت إفسادات بن غبريط…فماذا تنتظر من مجتمع أفرغت مدارسه من التربية الراقية والتعليم القوي وبقيت تسير بالترقيع الارتجالي بدل المنهجية البيداغوجية المتطورة؟
  • المسجد: العلمانية تسميه “مكان العبادة”، وبالفعل جعلت منه مكانا للعبادة فحسب،فلا علم ، ولا نشاط، ولا دورات شرعية ولا روجية – إلا مبادرات فردية مشكورة هنا وهناك – انقطاع عن المجتمع، برودة في الأداء، في حين كان ينبغي ان يكون كخلية النحل نشاطا وتكوينا للربانيين… حيّدته العلمانية وأهالت عليه تراب الرداءة حتى إن خطاب أصبح مرمى انتقادات كل متمسك بدينه محب للقرآن والسنة، وهنا تبرز مشكلة ما يسمى “تجديد الخطاب المسجدي او الديني”، فالعلمانية تقصد تحريف الدين وعلمنته وجعله في خدمة اجندتها الثقافية والسياسية، أما المسلمون فيقصدون نفض الغبار عليه وإعادته إلى منابعه الصافية وجعله يرافق التحولات النفسية والعقلية والحياتية فيتنولها ويصلحها…أما الدروس الدينية التي تبثها القنوات فأنا أسميها “الدروس الدينة العلمانية” لأنها تتحاشى أي موضوع يزعج العلمانية فتركز فقط على العبادات الفردية والأخلاق “الإنسانية” وتتفادى مشاكسة العلمانية بالحديث عن: تارك الصلاة، الحجاب (يكتفون بالحديث عن “اللباس المحتشم”)، التنصير، الحكم بما أنزل الله، إحلال القوانين الوضعية محل شرع الله، فضلا عن الجهاد والقصاص والحدود الشرعية ونحو ذلك.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إنها الفريضة المغيبة، توارت عن حياتنا بتركيز العلمانية على مفهوم “الحرية الشخصية” فلا يمكن لحد أن ينكر منكرا لأنه يعتبر متعديا عى الحريات المكفولة دستوريا سواء تعلق المر بالخمرأو لباس التلاميذ المتمدرسين أو الزنا أو قضات الشعر الشيطانية او التبرج الرهيب أو المهرجانات الفاجرة وملكة الجمال ونحو ذلك مما يخدش الحياء ويخالف الدين والخلاق والتقاليد الصالحة…وكلنا نعلم ما يكون عليه حال مجتمع تغيب فيه فريضة الأمر والنهي التي تعني – باختصار – نصرة الحق والوقوف في وجه الباطل، وتدعيم الفضيلة وقمع الرذيلة.

هذا حالنا: المرأة تركت مهمة التربية، المدرسة تركت مهمتي التربية و التعليم، المسجد ترك مهمته الدعوية، المجتمع ترك مهمته التي تجعل الخيرية فيه…بهذا هزمتنا العلمانية، فهل نستسلم ام نعود إلى ديننا؟

عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى