تعاليقرأي

وتمضي الأيام

الوردي محتالي

الجزائر
*

تمضي الأيام، لتسحب معها اللحظات الجميلة، الحبلى بالذكريات، و تتوطد العلاقة بين باسل و حنان، البنت الوحيدة للحاج عمران.. حنان اسم جميل يحمل الكثير من الدلالات، قد يعني الحب و العطف و الأنوثة الحانية.
ذات مرة وقفت حنان تراقب باسل وتختلس النظر إليه من خلال نافذة مكتبها، ملاحظة ردود أفعاله و هو يتحدث مع والدها.
الجو خارج المكتب رائق بما يكفي للقيام بنزهة، وكنت قد اعتدت على السير مع نفسي إذا حزبني أمر، أو أرقتني مشكلة،فجأة انتابني شعور غريب، فاستحضرت ملاح الفتاة،حقا إنها جميلة و ذكية بما يكفي لتكون رفيقة دربي في هذه الحياة الفانية، الصعبة، عدت أدراجي، و رحت أحدث نفسي.. يا لها من فتاة رائعة! ما أذكاها! و هي تلوح لي بمنديلها الأبيض، لتطلعني بأنها تراني من مجلسها بشرفة البيت، و تهيأ لي من سحرها أنها أميرة ذلك القصر، و تخيلت أني أمسك بيدها في تلك الليلة المقمرة، في نهج طويل، ليس له نهاية، محفوف بظلال الأشجار التي تضفي على الشارع طيفا فارسيا بألوان أعياد النيروز، الذي عرى ما تبقى من حياء التلال، و الطبيعة الحالمة التي يتردد صداها ابتهالات المساء في موعد ليس ككل المواعيد.
كم أخجلني الحاج عمران حينما ألح علي لحضور مأدبة عشاء،كنت مترددا شيئا ما، لكني لا أستطيع رفض طلب كهذا،فرصة عظيمة لتحقيق ما أصبو إليه، و الدعوة في نظر الحاج عمران لم تكن بريئة، و أحسست بأن وقت الجد قد حان،قبلت الدعوة، و جسمي لا يطيق حملي من فرط السعادة، و أنا على مرمى حجر من قرار سيقلب حياتي رأسا على عقب،رافقت صاحب البيت بخطى متثاقلة، دخلنا البهو،فأصبحت قدماي لا تقوى على حملي من فرط الدهشة، ذلك النور الشديد،و الرياش الفاخر، تتوسط البهو طاولة عظيمة،عليها صنوف كثيرة من الأكل و الغلال، أومأ إلي صاحب الدار بالجلوس و البدء بالأكل، لكن الوضع أذهلني عن نفسي، فتسمرت قدماي،و لم أدر ما أصنع، هاه.. سأشرع أنا في الأكل،
عبارة رددها الحاج لرفع الحرج عني، فجلست بتحفظ شديد، و شرعت في الأكل على استحياء من صاحب الدار، بينما نحن في غمرة هذا الموعد،إذ بفتاتي تطلع علينا في فستان مخملي بلون البنفسج، تحمل سلة من الرياحين، و تضعها أمامي في حياء شديد،فازداد خجلي، و احمرت وجنتاي، و تصبب جبيني عرقا باردا، و رحت اسبح في خيال، حتى تناهى إلى سمعي كلام والدها يقول” هذه وحيدتي، و الحب الذي ظل يعيش بداخلي منذ أن توفت والدتها، و إني قررت أن أمنحها كل ما أملك، بعد أن منحتها رعايتي و حناني، و أرغب أن تنعم بهذه المنحة طول حياتها، و تسعد إلى جوار فارس يحميها و يحمي هذه النعمة، لذا فأنا قررت أن أزوجك ابنتي حنان حتى تكتمل سعادتي، و يطمئن قلبي، و تسعد روح والدتها المقبورة، و هنا بدأت أحلام الخفق تسري في كياني،و قلت لنفسي، لعل هذه هي فرصتي التي طالما انتظرتها، و رحت أصرخ بأعلى صوتي قبلت العرض يا سيد عمران، يشرفني عرضك كثيرا، فأنا بحاجة إلى عناية و إلى امرأة تشاركني فصول حياتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى