أحوال عربيةأخبار العالم

هل سيتم الضم بشكلاً مُباشراً أم تدريجياً؟

تمارا حداد.

يسعى الاحتلال قُدماً نحو ضم أكبر عدد مُمكن من الأراضي لصالحه وذلك للقضاء على حلم الفلسطينيين بتشكيل دولة فلسطينية مترابطة الأطراف، ولن يقبل الاحتلال يوماً بإقامة دولة فلسطينية إلى جانبه خوفاً من القضاء على دولة اسرائيل اليهودية، فهدف الاحتلال ترسيخ يهودية الدولة ضمن خططه القديمة والجديدة وهذا الهدف لن يتعزز إلا بالقضاء على الوجود الفلسطيني.
حديث الساعة في الوقت الحالي عن عملية ضم الضفة الغربية وهو ما يُثير تساؤلاً: هل سيتم الضم فعلاً بعد مجيء أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً وبعد انزياح المجتمع الاسرائيلي نحو “اليمين_ اليمين” أم سيراوح بين الإعلام والخطاب؟
تعمل اسرائيل على تعزيز مشروع يهودية الدولة ضمن غلاف صهيوني وهذا الأمر يأتي ضمن سياق أخذ أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية دون وجود سكان فلسطينيين وذلك من خلال الاجراءات التالية مثل تهجير السكان تحت حجج أمنية وهدم المنازل ورفض إعطاء تراخيص بناء للفلسطينيين في الأراضي المصنفة “ج” ومناطق الأغوار لقطع الطريق على الفلسطينيين نحو إقامة دولتهم، ولكن الاحتلال لن يعلن عن عملية الضم بشكل مُباشر وذلك لعدة أسباب:
أولا، عملية الضم بشكل مباشر هو مُخالف من الناحية القانونية الصرفة فالضفة الغربية جميعها أراضِ محتلة، وأي تشريع إسرائيلي لا يغير من وضعها القانوني، ولكن ستقوم اسرائيل بتنفيذ خطوة الضم بشكل تدريجي ولكن ستبدأ بالمستوطنات الكبرى حتى لا يُشعل قرار ضم الضفة الغربية فتيل الفوضى والبدء بصراع جديد وستعمل بالبدء حول شرعنة البؤر الاستيطانية وبناء أكبر عدد ممكن منها في البقع الخالية والاستراتيجية ليتسنى مستقبلاً ضمها أول بأول الى كيان الاحتلال، فالسيناريو المتوقع هو بضم أكبر المستوطنات وبالتحديد المناطق المأهولة بالمستوطنين الاسرائيليين الى حين أخذ باقي الأراضي أو شرائها قسراً أو مصادرة الاراضي وتهجير الفلسطينيين من تلك الاراضي، ولن يتم ضمها بشكل مباشر حتى لا يتم انتقادها بأنها تقوم بجريمة حرب بل ستقوم بضمها ضمنياً مع بداية ضم المستوطنات الكبرى ولكن بالتدريج حتى لا يتم تأليب العالم ضدها.
ثانيا، خطة الامريكان بالحديث عن حل الدولتين وهو “ذر الرماد في العيون” هو استجابة ضمنية لمقومات الاجماع الاسرائيلي وتُعزز الموقف الاسرائيلي ولا يوجد شريك سلام لأي موقف مستقبلي كما أشار نتينياهو في أكثر من موقف قاصداً الجانب الفلسطيني، وهذا يعني إسناداً لقيام الاحتلال الإسرائيلي بضم منطقة الضفة الغربية والمستوطنات، ولكن الضم المباشر يحتاج إلى إصداراً أمريكياً بمرسوماً “رئاسياً” للاعتراف بالضم كما فعل ترامب أثناء إعلانه أن الجولان جزء لا يتجزأ من دولة الاحتلال.
ثالثا، في حال تم ضم منطقة “غور الأردن” التي تمثل حوالي 30% من مساحة الضفة الغربية والمستوطنات اليهودية التي تنتشر على حوالي 12% من الضفة وشبكة المواصلات التي تربط بينهما وبين إسرائيل، والقواعد العسكرية التي تؤمنها، فإن هذا يعني أن السلطة الفلسطينية لن تكون قائمة عمليا من ناحية سياسية على اعتبار أن حوالي 42% من مساحة الضفة ستكون تحت “السيادة” الإسرائيلية، وضمّ الاغوار كارثة ستعمل على انهيار السلطة لكن اسرائيل ليست معنية بالوقت الحالي بانهاء السلطة ولكن يتم اضعافها سياسيا وبقائها امنيا، واسرائيل معنية بابقاء الوضع الحالي كما هو الى حين استكمال المخطط الصهيوني بعدها سيتم إنهاء وجود السلطة تدريجياً.
رابعا، عملية ضم الضفة الغربية وبالتحديد الأغوار سيؤدي الى زعزعة الاردن وتهديد امنه القومي، والاردن لن يقبل بتهديد وجوده، ويعد الضم “تصعيداً خطيراً ينسف الأسس التي قامت عليها العملية السلمية، ويدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع، وهذا التاجيج ليس من مصلحة امن اسرائيل.
خامسا، على المستوى الميداني الشارع الفلسطيني حالياً لن ينتفض فهو يعيش حالة من التخبط الاقتصادي والاحباط من الوضع القائم ، ولكن اذا شعر الشعب الفلسطيني ان مصيره التهجير والطرد بعد ضم حوالي اكثر من نصف الضفة الغربية لإسرائيل، فالشارع الفلسطيني يمكن أن ينفجر في أية لحظة، وتندلع انتفاضة ثالثة بشكل ينسف حسابات إسرائيل والولايات المتحدة.

الهدف من الضم سواء أكان تدريجي ام بشكل شامل:

  1. تصفية القضية الفلسطينية.
  2. انهاء خيار حل الدولتين، وفي ذات الوقت لا يريد الجانب الاسرائيلي دولة ثنائية القومية.
  3. قتل اي فرصة تسوية دائمة مع الفلسطينيين.

الخيارات:
تفعيل القرارات التي أصدرها كل من المجلس الوطني والمجلس المركزي، وتحديدا فيما يتعلق بالتعاون الأمني. سلوك هذا المسار يعني أولا الاستعداد لمواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، هذا المسار يستدعي حتما توحيد الصف الفلسطيني الداخلي.
ويمكن أن تتجاوز قيادة السلطة عن هذا المسار وتُركز على العمل في المحافل الدولية، على اعتبار قرار ضم “الضفة الغربية” يمكن النظر إليه كجريمة حرب حسب القانون الدولي، وإن كان هذا المسار سيكون طويلاً ومضنياً.
الفصائل حالياً تعيش حالة من الضعف ليس لها قدرة على مجابهة قرار الضم إن أُعلن رسمياً ولكن يجب أن يكون هناك دوراً أشمل لأكبر الفصائل فتح وحماس بالتوحد لمجابهة اي قرار مستقبلي والا اصبح القرار ضمنياً مُنفذ وبالتالي القضية أصبحت في مهب الريح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى