رأي

الحرب وأبعادها والطريق نحو السلام

سعد محمد عبدالله

  • شاعر وكاتب سياسي

أحدثت الحروب المستمرة عبر التاريخ تنميط للكثير من المجموعات السياسية والإجتماعية علي مفاهيم بالية لا تصلح لصناعة الحياة وصيانة حقوق الإنسان في العصر الحديث؛ حيث تجد النزاعات السياسية والإجتماعية والإقتصادية تتوسع وتتعدد الآليات المستخدمة فيها، ونلاحظ بعد ثورة ديسمبر شهدت البلاد حالة إستقطاب وسط الأحلاف السياسية والتشكيلات العسكرية الرسمية وغير الرسمية، ونشطت المكونات الإثنية المسلحة التي تقاتل بعضها أما للثأر أو لبلوغ السلطة وحماية مصالحها الإقتصادية وهو جزء من دوافع إنتشار خطاب الكراهية والتمييز العنصري في الريف السوداني لكنه أخذ طابعًا مختلفًا في خطاب المركز النخبوي الإقصائي القديم، ومن جانب آخر هنالك مجموعات مسلحة خارج هذه الدائرة تقاتل للنهب فقط، وبين هذا وذاك هنالك غلافًا خارجيًا يظهر علي السطح بين الفينة والآخرى بمحاولة بعض الدول تعزيز نفوذها وتموضعها في افريقيا عبر إستخدام التناقضات داخل السودان وتوظيفها للتكسب.

إن أخطر المشكلات التي تواجها بلادنا وافريقيا تتمثل في الأطماع الخارجية وإنتشار الفقر والسلاح والأوبئة المختلفة والتغير المناخي الذي يؤثر علي الطبيعة وحياة الكائنات ويهدد مصيرها، وهذه المعضلات تحتاج لرؤية شاملة متفق عليها ونلتزم جميعاً بتنفيذها، وكذلك تلك الجيوش المنتشرة التي انتجتها سياسات السودان القديم لكن كان متاحًا للسودانيين تقليل مخاطرها وبل تحويلها إلي منفعة عبر إجراء ترتيبات أمنية شاملة تمكنا من بناء أجهزة عسكرية موحدة وقوية وفاعلة ومتطورة تجمع في مسيرة تشكلها بين ماضيها وحاضرها مناعة البقاء والتفوق في إستيعاب الطاقات الهائلة للشباب من قوى الكفاح المسلح وتحويل ذلك لخدمة الوطن وهو أمر ممكن لتكوين جيش مهني واحد؛ لكن للأسف تعمد بعض السياسيين التعامل مع هذه القضية بمنطق “التفكيك والإحلال والإبدال في المؤسسات العسكرية”، وهذا ما يجب علينا إعادة النظر فيه برؤية إستراتيجية لصالح السودان والمستقبل وليس من باب المماحكات وتصفية الحسابات القديمة كما ظهر في الخطاب السياسي الذي ثبت عدم جدواهُ في خدمة مصالح الوطن ومستقبله إنما كان يغذي الشعور العدواني المدمر.

هذه المرحلة، والمراحل المقبلة تطلب حوارًا إستراتيجيًا منفتحًا علي الحقائق بما ينتج مشروع وطني جديد يوحد السودانيين ويمكنهم من مواصلة الكفاح من أجل حماية بلادهم من المخططات الإجرامية المُحاكة خلف الحرب بمبررات فارغة لشرعنة التدخل، والتي تدار بأيدي سودانية وغير سودانية وتهدف لتفخيخ وتفكيك الدولة السودانية وتهيئة المناخ لحقبة إستعمار “هجين” سوف يؤدي بدوره إلي نهب الموارد الطبيعية وتبديد الطاقات والسيطرة علي كافة الموانئ الحيوية والحدود البرية الصالحة للتجارة القارية وغيرها من المواقع الإستراتيجية والثروات النفيسة؛ فمن المؤكد أن هذه المعادلة الخطيرة إن لم نجد لها حلاً عاجلاً مع دول الجوار المباشر والأصدقاء والشركاء في الإقليم والعالم فسوف تولد كارثة تلو الكارثة في دائرة مظلمة تتسع لتشمل المنطقة برمتها، والمؤكد سيتم فيها إنتهاك كرامة شعبنا وتقسيم الدولة كما حدث لدول كثيرة من قبلها ورهن قرارها وسيادتها لجهات أجنبية، ويجب أن نتحد ونقف مع القوات المسلحة لنقاوم ونمنع هذا السيناريو، ويجب علينا إدارة حوار سودانوي منطقي وموضوعي يحقق لبلادنا وشعبنا السلام والإستقرار والمواطنة المتساوية للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى