رأي

هكذا تدفع الشعوب تكلفة خطايا حكامها

حمدى عبد العزيز

بعيداً عن التأييد أوالتنديد
يشغلني سؤال حول الأوضاع في أوكرانيا .. وهو كيف أغمضت النخب الأوكرانية الحاكمة أعينها عن حقائق التاريخ والجغرافيا وعن الانشغال بالحقائق الأساسية للذات الأوكرانية وعوضاً عن ذلك تبنت مشروعاً يلغي حقائقاً للذات الأوكرانية يرجع تاريخ تعمقها وتأصلها إلي القرن التاسع الميلادي وحتي الحقبة السوفيتية التي هي – وإن انقضت – لم تنقضي آثارها في الواقع ولامارتبته من مسئوليات علي اطرافها الوريثة من شعوب وحكومات عاشت في أراضي الاتحاد السوفيتي وتشاركت في ثرواته ومقدراته ..
كيف اختلط الأمر علي الممثل الكوميدي الذي اصبح رئيساً مابين مسئوليات إدارة دولة ومابين آداء فاصل كوميدي يقفز فيه علي كل حقائق التاريخ والثقافة والجغرافيا السياسية ، وموازين القوي ليرتكب حماقتين يقودان بهما بلاده وشعبه إلي حرب مدمرة ..
الأولي هي طلب عضوية الناتو وهو يعرف تماماً أن الناتو منذ أن قرر التوسع الشرقاً وهو يحدد استراجياته علي أساس العداء لروسيا الجارة التي تقع أوكرانيا في حضنها وتتداخل حدودها بأراضيها
والثانية وهي القشة التي قسمت ظهر البعير كما يقول المثل العربي تمثلت في إعلانه عن عزمه إعادة إحياء القدرات النووية اعتماداً علي ماورثته اوكرنيا من قدرات نووية خلال الحقبة السوفيتية كونها كانت جزءاً لايتجزأ من الأراضي السوفيتية ..
قرر الممثل الكوميدي الأوكراني أن ومعه النخب القومية الأوكرانية اليمينية الشعبوية أن يلعبوا هذا الفاصل الغرائبي معتمدين علي أن ولههم وتعلقهم الشديد وتبعيتهم المطلقة للغرب ستجعله يغامر لدرجة خوض القتال المباشر مع روسيا من أجل تحقيق حلمهم المتمثل في انضمام أوكرانيا للنيتو ..
هذه المغامرة والفاصل الكوميدي الذي لعب فيه الممثل الكوميدي الأوكراني واركان نظامه دور الدمية التي تحركها أصابع أمريكا التي تخوض معارك تراجع هيمنتها علي العالم منذ بداية العقد الثاني من القرن الحالي .. كانت هذه المغامرة تلاعباً بمصائر ومقدرات الشعب الأوكراني وبدماء ابنائه من الجنود وسائر ضحايا الحرب من الأوكرانيين ..
لاالنخب الأوكرانية الحاكمة ولا زيلينسكي ذلك الممثل الكوميدي الذي اصبح رئيساً في لحظة تاريخية لم يكن يدرك مسئولياتها ، بل لم يكن يدرك هو وانصاره من القوميين الأوكرانيين ابعاد تموضع الأقدام فيها .
.. لاهو ولامن معه أو ورائه كانوا علي قدر هذه المسئولية وتلك اللحظة التاريخية بأبعادها المتعددة وحساباتها ومسئولياتها فبدت مشاهد الرئيس الأوكراني الأخيرة كمشاهد لكوميديا البؤس السوداء ..
، وهكذا تدفع الشعوب من مقدراتها ودمائها وحياتها الكلفة الباهظة لحسابات فواتير عبث ولهو وحماقات نخبها وحكامها ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى