أحوال عربيةأخبار

سلام من الشام لغزة ومقاومتها

سلام من الشام لغزة ومقاومتها

الدكتور خيام الزعبي- استاذ العلاقات الدولية بجامعة الفرات

لا شك أن خسارة حركة المقاومة في غزة هي خسارة لمحور المقاومة، وانتصارها هو انتصار الجميع، وخسارة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على وجه الخصوص هي خسارة وانتكاسة للمشروع المقاوم في المنطقة، ومن هنا يقترب موعد التهديد السوري لإسرائيل بالتدخل العسكري في الحرب بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.

لا ضير في أن نؤكد ونذكر، قبل كل شيء، بحقيقة أن القضية الفلسطينية سوريةٌ بامتياز، فمن بلدة جبلة باللاذقية أتى محمد عز الدين بن عبدالقادر القسام المعروف بـ “عز الدين القسام” القائد الذي أسس كتائب القسام التي بدأت أوله عملياتها ضد عصابات الصهاينة أثناء الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1930، كما دعمت سورية المقاومة الفلسطينية في العام 1964، و كانت من أوائل الدول التي فتحت لمنظمة التحرير الفلسطينية مكتبا لديها وأنشأت لها معسكرات التدريب وقدمت لها الدعم المالي والعسكري، هنا لا حاجة للخوض أكثر في التاريخ، ولا في مشاركة السوريين في مقاومة المشروع الصهيوني والانتداب البريطاني قبل إنشاء دولة إسرائيل وبعدها، باعتباره جزءاً من نضالهم الوطني ضد الاحتلال، فهذا كله موثّق ومعروف، حتى أصبحت سورية الذي لم يخذل فلسطين ومقاومتها يوماً، وبالتالي امتلكت وزناً مكنها من أن تكون الرقم الصعب في معادلة محور المقاومة حتى اليوم.

لطالما كانت سورية سباقة في رفض أي استعمار و احتلال لدول المنطقة، وكانت وما زالت في مقدمة أي جبهة لمواجهة المخططات الصهيونية، فقد اعتبر الرئيس الأسد، أن ما يحدث في قطاع غزة يأتي في سياق 32 عاماً من “السلام الفاشل”، و75 عاماً من “الإجرام الصهيوني”، معتبراً أن “المزيد من الوداعة العربية مع إسرائيل تساوي المزيد من الشراسة الصهيونية تجاهنا”.

في هذا السياق إن المقاومة في غزة تدعو الى الأمل بتغيير المعادلات لمصلحة الشعب الفلسطيني والعربي، وصولاً الى التحرير الشامل مع ترك احتمال أن يكون «طوفان الأقصى» هو الشرارة المباشرة للحرب الكبرى.

اليوم سورية تتابع عن كثب تباشير النصر القادمة من أرض فلسطين، يكفي المراقب أن يلقي نظرة سريعة على حسابات السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، ليجد الدعم الكامل لملحمة “طوفان الأقصی” التي أطلقتها “حماس” ضد إسرائيل ، وعلى الطرف الأخر، ينتفض السوريين في كل مكان تضامناً مع إخوتهم في فلسطين لمواجهة العدوان الإسرائيلي الوحشي المستمر ضده ، فالدعم السوري في الحرب على “الكيان الصهيوني” جاهز فسورية صنعت قاعدة إسناد إقليمية مؤثرة عبر دعم المقاومة الفلسطينية، وهي مستعدة للتقدم في حال لزم الأمر، وفي الوقت نفسه ترسل صواريخها الى غزة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته.

إن سورية ملزمة بالنضال من أجل فلسطين ولن تتخلى عنها حتى يحقق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره ويقيم دولته المستقلة على أرض وطنه، وهذه الثوابت لا يمكن المساومة عليها لارتباطها بالعقيدة القومية التي تؤمن بها سورية، ورغم التطورات والأزمات التي حدثت وارتبطت بالقضية الفلسطينية بأشكالها ومستوياتها المتعددة فإن إدراك سورية لم يطرأ عليه أي تعديل أو تغيير في هذه الثوابت.

في هذا السياق الإرهابيين الإسرائيليين يريدون زرع اليأس في قلوب السوريين والفلسطينيين للأبد، والإرهاب يبعث من حين لأخر برسائل قاسية للجميع مضمونها: أفقدوا الأمل في يلدكم، لكن تلك العمليات الإجرامية لا يمكن أن تحقق أهدافها، ولا يمكن أن تخيف أو ترهب دولتين بقدرة وقوة سورية وفلسطين، فهما عصيتان على أي محاولات إجرامية لإرهاب شعبهما، ولن يزيدهما ذلك إلا قوة وإصراراً على إستكمال مسيرتهما في بناء وطنهما، والحفاظ على وحدتهما واستقرارهما.

في إطار ذلك إن المنطقة يعاد تشكيلها على ضوء الحرب الكبيرة التي تشنها إسرائيل على غزة، ومواجهة المقاومة الفلسطينية لها، و محور المقاومة يستجمع قواه ويعيد تشكيل المنطقة من جديد وفي إطار ذلك فإن المواجهة الصلبة في غزة ستكون لها تبعات كبيرة على الصعيد الإقليمي، ومن هنا يوجد اهتمام كبير من قوى الممانعة تجاه غزة وضرورة الإحتفاظ بخندقها.

ونحن كسوريين، نرفع القبعة تقديراً واعتزازاً لكل مقاوم، ولن نترك فلسطين، وعندما يتجاوز العدو حدوده والخط الأحمر سوف يكون الجيش العربي السوري وحلفاؤه لهم بالمرصاد، وإن سورية كانت وستبقى الجدار المتين في وجه المشروع الغربي والحضن الكبير للمقاومة وستنتصر لأبنائها في فلسطين واليمن والعراق وليبيا والسودان..و…

فتحية من سورية الأبية المرابطة، من سورية جمال عبد الناصر إلى أطفالنا في غزة وإلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها… وتحية إلى الذين أدهشوا العالم بحكمتهم وصبرهم وتحملهم، لوفائهم بوعدهم بعدم السماح يأن يدنس الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى