مُغالَطَةُ التَّكلِفَةِ الغارِقَةِ
مُغالَطَةُ التَّكلِفَةِ الغارِقَةِ
زعيم الخيرالله
المغالَطَةُ : هي تَحَيُّزٌ مَعرِفيٌّ يَتُمُّ من خلالِهِ حجبُ الواقعِ؛مما يعطي مظهراً شبهَ حقيقيٍّ لما هو في الأساسِ خاطئ وغير مؤكَّد . أو هي استخدامُ الاستدلالِ والتفكير غير الصَّحيح أَو الأفعال الخاطِئة في التعليلِ وبناء الحُجَّةِ .
وَما أَكثرَ المغالطاتِ في حياتنا ! ، حياتنا ليست بكل تفاصيلِها وخطوطها الدقيقة مبنيَّةً على الحَقائقِ ، بل هي في أَكثر دروبها مبنِيَّةٌ على المغالَطاتِ والاوهام .
الاعلامُ الذي نُقصفُ بهِ في كل يوم بل في كلِّ ساعةٍ ولحظة ، أغلبُهُ يعتمدُ على المغالطات ، وبامكانهِ أن يقلبَ الحقَ باطلاً والباطلَ حقاً .
الاعلانات هل هي مبنيَّةٌ على حقائق تترك لعقلك ان يختار بكاملِ حريتهِ ؟ لا ، انما يعتمدُ الاعلان على كل الاغراءات التي تحرك الزبائن لشراء البضاعة. اذن: المغالَطَةُ هي التي تمسكُ بخناقنا في الحياة.
ومن المغالطات التي تؤثرُ في حياتنا ، وتؤثر على قرارتنا ” مغالَطَةُ التكلفة الغارقة” والتي يطلقُ عليها في الانكليزية “Sunk Cost Fallacy” ، وهي مصطَلَحٌ اقتصاديٌّ ، ولكن لها مصاديقٌ كثيرةٌ في حياتِنا اليومِيَّةِ . ومغالطة التكلفة الغارقة هي : ان التكاليف التي انفقناها على مشروعٍ تبَيَّنَ لنا فشله وعدم جدواه ، ولايمكننا أَنْ نسترجعً هذهِ التكاليف ، ولكننا نُصِرُّ على المُضِيِّ في المشروع رغم قناعتنا بفشلهِ وعدم جدواه . لماذا ؟ لاننا دفعنا أَموالاً لايمكننا استردادها فلابد من ان نذهب مع المشروعِ الى آخرِ الشوط . هذه هي مغالطة التكلفة الغارقة في علم الاقتصاد . أمّا في حياتنا اليومية ، فاننا نمارسُ هذه المغالطة في التكلفة الغارقة ؛ لاننا دفعنا أموالاً . فنحن حينما نشتري تذكرة لمشاهدة فيلم سينمائي ، وبعد ذلك نكتشف أَنَّ هذا الفيلم تافه ولاحاجة لتضييع أَوقاتنا به ، ولكننا مع ذلك نُصِرُّ على مشاهدةِ الفيلم حتى النهاية ؛ لاننا بذلنا مالاً لايمكننا استرجاعُهُ . وهكذا في علاقاتنا الاجتماعية ، الصديق الذي نكتشف حيله وألاعيبَهُ وأَنَّ المُضِيَّ معه تضيعٌ للوقتِِ وللعمرِ ، ومع ذلك نستمر في هذه العلاقة . والامثلة كثيرة على هذه المغالطة في حياتنا الاجتماعية اليومية . نسألُ اللهَ أَنْ يرزقنا فهماً ووعياً لتمييز المغالطات والاوهام وفرزها عن الحقائق .