موروكو غايت”: عندما تتم دمقرطة الرشوة والفساد داخل المؤسسات الأوروبية من طرف المخابرات المغربية

زكرياء حبيبي

كما أشرنا إليه في بعض مقالاتنا السابقة، فإن الفضيحة التي هزت إحدى أكبر المؤسسات الأوروبية، وهي البرلمان الأوروبي، والتي لم تكشف بعد، كل أسرارها.

ولفهم عمق هذه الفضيحة بشكل أفضل، إلى جانب اعتقالات المتهمين، فمن المشروع التساؤل عن خانات مظلمة معينة، وعن رغبة وسائل الإعلام الغربية السائدة، في التركيز على قطر عبر ما يسمى بـ ” قطر غايت” وبالتالي إبعاد النظام المغربي الذي لعب دورًا مهمًا في دمقرطة الفساد داخل المؤسسات الأوروبية ، وأعضاء البرلمان الأوروبي الذين يتحملون واجب الخضوع للمساءلة أمام ناخبيهم وشعوبهم.

“قطر غايت”.. تمويه لتشنيت الانتباه

كما أشرنا في مقال سابق تحت عنوان: “الفساد في البرلمان الأوروبي: هل سيتم ملاحقة ماري أرينا بقربها من المنظمات غير الحكومية الداعمة للإرهاب الدولي؟ فإن الخلط المتعمد، في معالجة وسائل الإعلام، للفضيحة، يهدف إلى إخفاء هذا السرطان المتقدم من الفساد السائد داخل المؤسسات الأوروبية، من خلال جعل “الراشي” يشعر بالذنب، وإنقاذ “المرتشين”، أي أعضاء البرلمان الأوروبي.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن قطر استعانت بالشبكات المغربية لتحسين صورتها لدى الرأي العام الدولي، وخاصة في الغرب، في استراتيجيتها لاستضافة الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية الكبرى، بما في ذلك منح تنظيم بطولة كأس العالم 2022، التي انتهت قبل أيام قليلة.

كانت وسائل الإعلام الغربية تشن حملة تشويه لا نهاية لها ضد الدوحة، بخصوص العمال الآسيويين الذين لقوا حتفهم أثناء بناء المنشآت الرياضية والبنى التحتية للاستقبال (على العكس من ذلك، تواصل هذه وسائل الإعلام الصمت حيال موضوع الجرائم الإسرائيلية والضحايا الأبرياء بعد الغزو الجائر للعراق وليبيا وسوريا)، وأيضا حول موضوع المثليين (الذين قيمهم معادية تمامًا للبلد المضيف وشعبه المسلم).

كما أن حملة التشويه هذه، مرتبطة أساسا بتوريد الغاز القطري، منذ أن أكدت الدوحة احترامها لالتزاماتها تجاه زبناؤها وشركاؤها الآسيويين.

وهو الموقف الذي لم يعجب الأوروبيين، وبالأخص ألمانيا، التي يتأثر اقتصادها بشدة، بالعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع على موسكو، والاعتماد على الغاز الروسي.

المخابرات الخارجية بقيادة ياسين المنصوري.. النخاع الشوكي لدمقرطة فساد المؤسسات الأوروبية

“المغرب غايت” أو “بروكسل غايت” ليست سوى الشجرة التي تغطي الغابة، أو بالأحرى غابة الفساد التي فرضها المخزن وأداته في المديرية العامة للدراسات والمستندات، بقيادة ياسين المنصوري.

ولهذا ذهب موقع Algérie54 “للتنقيب” عن الأداء الشيطاني لـ DGED، بدعم من حليفها وعرابها الموساد، وتواطؤ وسائل الإعلام الغربية.

نجحت مديرية الدراسات والمستندات، في السنوات الأخيرة، في الإشراف والرقابة على مساجد عدة دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا، أين كانت أجهزتها الاستخباراتية تحقق في تجاوزات بيادق المخزن منذ عام 2011.

وبتنسيق واسع مع السفارات المغربية الموجودة في العواصم الغربية، بسطت المديرية العامة للدراسات والمستندات، قبضتها الخانقة، على المساجد والجمعيات والمنظمات الإسلامية والمدارس القرآنية في البلدان الأوروبية التي تأوي الجاليات المغربية.

وكان الهدف هو صد الخطاب الراديكالي، لمنعه من الوصول إلى التراب المغربي، في وقت نجحت فيه الأحزاب الإسلامية المغربية في الفوز بالانتخابات وتشكيل الحكومات.

محمد بلحرش.. شخصية رئيسية في تحقيق مخططات المديرية العامة للدراسات والمستندات

الشخص الرئيسي في تحقيق مخططات المخزن، تبين أنه رجل يدعى محمد بلحرش، ضابط سامي في ديوان ياسين المنصوري، الذي تثبت مهمته، أنها حاسمة بالنسبة للنظام المغربي.

وليس من قبيل الصدفة أن يذكر اسم محمد بلحرش فيما يسمى المغرب غايت، وكذلك من قبل الوسيلة الإعلامية الفرنسية “لوبوان” في فضيحة التجسس، للمجلس الفرنسي لعبادة المسلمين (CFCM) بقيادة محمد موسوي.

كانت المديرية العامة للدراسات والمستندات، التي يرأسها ياسين منصوري، موضوع مذكرة توقيف صادرة عن القاضي الفيدرالي البلجيكي المكلف بفضيحة الفساد التي شوهت البرلمان الأوروبي، قد اخترقت CFCM، مع العلم أن قضية التجسس هذه، حدثت بعد وقت قصير من فضيحة Pegasus.

وكشفت لوبوان أن الوكيل الذي يتعامل مع رئيس المجلس الفرنسي لعبادة المسلمين، محمد. ب، هو جندي من DGED اخترق المجلس للتأثير على ممارسة الإسلام في فرنسا.

وقد يكون محمد بلحرش، أيضًا وراء قضية الفساد على مستوى شرطة الحدود الفرنسية في مطار أورلي، والتي تم الكشف عنها في عام 2017.

والتي تورط فيها ضابط فرنسي يعمل في شرطة الحدود في مطار أورلي، كان على رأس وحدة المعلومات التابعة لمديرية شرطة الحدود (DPAF) بالمطار الباريسي أورلي.

هذه المصلحة، مسؤولة عن إبلاغ المسؤولين، عن تحركات الأشخاص المسجلين في ملف المطلوبين، بما في ذلك الموجودون في الملف S (الخاص بأمن الدولة) والذي يشمل على وجه الخصوص الأشخاص المشتبه بهم بالتطرف الإسلامي.

وكان الضابط الفرنسي المذكور أعلاه، يقوم بتحويل الملفات سرية إلى المخابرات المغربية مقابل رحلات مدفوعة الأجر إلى المغرب أو أنغولا، و الحصول على مبالغ مالية، بحسب أمر الإحالة المؤرخ 30 يوليو 2020.

للقراءة: https://algerie54.dz/2022/12/20/morocco-gate-la-dged-et-ses-soldats-panzeri-et-atmoun/

مارس المخزن الابتزاز، ومول من عائدات المخدرات، الأئمة، وأصحاب الحانات، ومسيري المطاعم والمقاهي والنوادي الليلية؛ حتى تكون الجالية المغربية كلها تحت المراقبة والسيطرة.

ولم تتوقف المهمة عند هذا الحد، إذ استهدف المخزن وشبكاته الموجودة في العاصمة الأوروبية بروكسل، أنصار القضية الصحراوية، وقدم لهم المال ورحلات الاستجمام.

والهدف هو “إبعاد الضرر” عن مصالح الملك، ولا سيما فيما يتعلق باتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والاتفاقيات الزراعية والسمكية، وانتهاكات القانون الدولي فيما يتعلق باستغلال ونهب الموارد الطبيعية للشعب الصحراوي.

وشن المخزن حملات تشويه، وتعقب أي شخصية أو جمعية سياسية تندد باحتلال الأراضي الصحراوية أو الاعتقالات التعسفية وعمليات التعذيب والقمع.

كانت أروقة البرلمان الأوروبي تحت سيطرة المديرية العامة للدراسات والمستندات، وليس النائب البريطاني تشارلز تانوك هو الذي سيكذبنا، بعد أن نجح في اعتماد تقرير مؤيد للقضية الصحراوية.

فمن المشروع اليوم، التساؤل عن قرارات البرلمان الأوروبي بشأن القضية الصحراوية وقراراته حول القضية الفلسطينية؟ في ظل فضيحة الفساد التي تهز المؤسسة الأوروبية؟

غياب نقاش عام

نجد على مستوى وسائل الإعلام الغربية السائدة، أن الفضيحة التي تهز البرلمان الأوروبي، لم تتجاوز مكانة “الخبر”، ولسبب وجيه، ركزت هذه الوسائل الإعلامية على قطر، التي كانت تمارس الضغط لتحسين صورة علامتها التجارية، وهي عملية قانونية تماما.

وعلى العكس من ذلك، نجد أعضاء البرلمان الأوروبي الذين انتهكوا ثقة شعوبهم، من خلال منح أنفسهم الحق في الاستفادة من أموال وسفريات المخزن، للاصطفاف مع الموقف المغربي، في تعارض مفضوح مع مهمتهم التي تتطلب الصدق والنزاهة.

إن وسائل الإعلام الغربية ملزمة بفتح نقاش عام حول الحدود المسموح بها، للضغط، وتطبيق القوانين فيما يتعلق بالفساد، مع العلم أن الاتحاد الأوروبي، بات اليوم، ينتهك قوانينه وصلاحياته بشراء أسلحة لأوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا.

لأن قوانين وصلاحيات الاتحاد الأوروبي لا تستدعي بتاتا، اللجوء إلى مثل هذه القرارات، الأمر الذي بات يدفعنا جميعا، لطرح عديد الأسئلة، حول عمل المؤسسات الأوروبية.

هل يستفيد المخزن من ابتزاز الإرهاب مثل الهجرة؟

مثل ما أشرنا إليه في المقال أعلاه، فقد تمكنت المديرية العامة للدراسات والمستندات، أي المخابرات الخارجية المغربية، في السيطرة والإشراف على الشبكات الإسلامية الناشطة في المساجد والمدارس القرآنية والشركات والجمعيات، ولم يكن من السهل معرفة مشاريع الهجمات الإرهابية في أوروبا.

وبالتالي، من الغريب أن نلاحظ الصمت المطبق، للنخب السياسية والأمنية والإعلامية، والذي لا يمكن أن نجد له تفسيرا، سوى أنها تريد إنقاذ المخزن أو التستر عليه، على الرغم من كثرة المغاربة مرتكبي الهجمات الإرهابية والمتهمين بها في فرنسا وبلجيكا.

وعلى العكس تماما، هذه النخب تحيي في بعض الأحيان المخزن، للحصول على بعض الخيوط والتنبيهات حول الأعمال الإرهابية المخطط لها من قبل الشبكات الإرهابية المغربية، يقدمها “كإشارة على حسن النية”، وهو ما يؤكد أن هذه النخب مأجورة وفي خدمة المخزن وحليفه الموساد. ويستخدم المغرب نفس طريقة العمل لابتزاز الأوروبيين مثل الهجرة.

هنا يجدر التأكيد، على ازدواجية المعايير، والتي تعرفها أجهزة الأمن الجزائرية جيداً. فخلال العشرية السوداء، كانت تنبيهات الأجهزة الأمنية الجزائرية فيما يتعلق بالأنشطة الإرهابية لأعضاء الجماعة الإسلامية المسلحة على الأراضي الفرنسية، تؤخذ بعين الاعتبار فقط من قبل مديرية مراقبة التراب الوطني، في حين أن المديرية العامة للمخابرات الخارجية والسلطات القضائية والسياسية الفرنسية، لم تستجب أبدًا للشكاوى الجزائرية لتسليم أو طرد رعاة الهجمات الإرهابية والاغتيالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى