الصحافة الجديدةفي الواجهة

موت رئيس التحرير!!!

احمد جمعة
روائي

تواجه الصحافة الورقية العالمية أزمة لم تمر بها منذ نشأتها بالقرون الماضية، جاء أتهام الصحفي الأمريكي المعروف سيمور هيرش واشنطن بالوقوف وراء تخريب خط أنابيب الغاز “نورد ستريم” بمساعدة النرويج، ليفجر هذه الأزمة، وبصرف النظر ما إذا كان ذلك من نسج الخيال، لكن اتهام هيرش بهذا المقال على حسابه بمنصة النشر الذاتي “سابستاك” وهو الذي فاز بجائزة بولتزر العالمية وكان من أبرز كتاب نيويورك تايمز …ولمن لا يعرف هيرش فهو من فضح ووتر غيت التي أطاحت بالرئيس الأمريكي نيكسون، وقبلها كان قد فضح مجزرة القنابل الحارقة في فيتنام وهي المجزرة التي أثارت موجة سخط عالمية.
غادر هو وغالبية الكتاب العالميين بأشهر الصحف مثل نيويورك تايمز والجارديان وغيرهما تلك الصحف بذريعة أنهُ لم يعد بإمكانهم تحمُّل وجود رئيس تحرير يقود بقلمه مجزرة الشطب والمنع بعصرٍ تميّز بوجود وسائل انتشار الاخبار بمجرّد فضحها من دون صحافة ورقية، وأطلق هؤلاء شرارة انتشار المنصات الالكترونية الخاصة التي ستكون خلال سنوات قليلة قادمة مقبرة الصحافة الورقية، ما يعني موتها…
بداية انتشار الأخبار من حيث الرواج والسرعة تقاس أو تُعرف من حيث التدرُّج بالصحف الورقية التي كانت الواسطة الجوهرية، ضمت الصحفيين والقلم والورق وهنا خلاف حول التاريخ الرسمي ولكن الغالب القرن السابع عشر، بعدها الإذاعة، تلي ذلك التلفزيون في القرن العشرين، وأخيرًا الإنترنت بالقرن الواحد والعشرين. ومنذ تلك الساعة بدأ التهديد يطال الصحافة الورقية…
مؤخرًا شهدت الصحافة هجرة الكتاب والصحفيين منها واللجوء إلى المنصات الالكترونية، سواء الذاتية التي أنشأوها لأنفسهم أم تلك التي ترعاها مؤسسات مستقلة حرة إلى حدٍ كبير، بعكس الصحافة الورقية التي يتمترس وراء الستار رؤساء تحرير هم بالواقع دمى تحركهم المؤسسات الكبرى والشركات والحكومات، هذا ما كشفة واحدٌ من أشهر وأعرق الصحفيين وهو سيمور هيرش وكثير غيره ممن فضحوا مشرط الرقابات بالدول الغربية الديمقراطية…
إذا كان هذا حال الوضع في هذه الدول وفي صحف عريقة مثل نيويورك تايمز والجارديان، فما بالك بدول العالم الآخر؟ خذ مثلاً الصين وروسيا والشرق الأوسط، كيف تدور رحى الحقائق ضمن سياق الحريات في هذه الدول؟
هذا الاتجاه اليوم يقود لإنهاء عصر تحكُّم رؤساء التحرير وإحياء عصر منصات الكتابات الذاتية…مما ينبئ بموت رؤساء التحرير مع زوال الصحف الورقية، إن ليكن اليوم… فغدٍ…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى