تعاليق حرةتقاريرتقارير وأخباررأي

من لغزّة وأهلها في ظلّ هذا الصمت الرّهيب؟

—-

  • رشيد مصباح (فوزي)

*

شيئا فشيئا بدأ العالم يتجاهل ما يجري في غزّة، وبعدما طغت الاحتفالات في سوريا على كل الأحداث، وخرج السّوريّون يحتفلون بالنصر العظيم، وقد تزامن هذا الاحتفال بالنصر مع نهاية عام وحلول عام جديد، وتوشّحت فيه كبريات العواصم والمدن العالمية بأجمل وأبهى الألوان.

أدار العالم، أحرارهُ وعبيدهُ، ظهره لغزّة وما يجري فيها من قتل جماعي وحملة إبادة تقودها حكومة يمينيّة متطرّفة ضد أبرياء عُزّل ذنبهم الوحيد هو انتماؤهم لجغرافية بلد لم يكن لهم اختيار فيه. وحتى إن أولئك الذين لطالما صدّعوا رؤوسنا بالتنديد والتهديد و والوعيد وبما يقع في غزّة من قتل وترويع، لم نعد نحس منهم من أحد ولا نسمع لهم ركزا.

اليوم يدفع الأبرياء في غزّة وحدهم ثمن الاندفاع و الغرور، ضريبة الخروج من الجماعة والارتماء في أحضان المجوس، أعداء الأمس، واليوم، والغد. فكان عاقبة هذا التهوّر الخسران المبين.

ويبدو أن هذا ”الارتماء“ في حضن الغير بات مكلفا؛ ((إذا كان الغراب دليل قوم سيهديهم إلى الخراب)) – كما قال أحدهم -. فمن لهؤلاء الجوعى والثكالى المشرّدين، المحاصرين من كل جانب؛ من الصديق والعدو، في ظل هذه الظروف القاسية، وهذا الصمت الرّهيب؟

من يأبه لحال هؤلاء الأشقياء المساكين الذين فُرضت عليهم الحرب فرضا كما فُرض عليهم الشقاء، وأجبرتهم الظروف على الاختيار بين الموت أو الاستسلام، بينما يحتفل العالم برأس السنة الجديدة، وتقرع كؤوس النشوة و الانتشاء في عواصم العالم ومدنه التي تزيّنت كالعاهرات الغواني بأجمل الحلي.

من لهؤلاء الأطفال والثكالى بعدما حاصرهم الشتاء ومعه حفدة القردة والخنازير، وغمرت خيمهم مياه الأمطار، ولم يبق لهم سوى التضرّع إلى الله أو انتظار الموت الذي يتربّص بهم من كل جانب. فأين أصحاب الضمير وأين أصحاب العمائم الكبيرة وأين الولي الفقيه، المرشد الأعلى للثورة ”العظيمة“، من الذي يجري في غزّة؟

أم إن ”النّاموس“ الذي أمره بهذا التنكّر والمراقبة والمشاهدة من بعد، ساكن البيت الأبيض، القديم الجديد، الذي سيرحل إليه عمّا قريب؟

لقد عرف هؤلاء المجوس الشياطين كيف يستدرجون فصائل المقاومة التي تسبّبت في خراب ودمار لغزّة وأهلها، بعدما قدّموا لها كل الضمانات، و وعدوها بالنّصر المبين. فهؤلاء المجوس ليس لهم أمان، ويشبهون اليهود في صفات الغدر؛ وهم الذين يضمرون الأحقاد الدفينة منذ سالف العهود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى