من فمهم ندينهم
د. كريم المظفر
لن يمر موضوع المختبرات البيولوجية الامريكية المنتشرة في أوكرانيا، وحصول روسيا خلال العمليات العسكرية الخاصة في هذا البلد، على وثائق مهمة، تدين الولايات المتحدة الامريكية بشكل مباشر في تمويل وإدارة هذه المختبرات، وتورط ابن الرئيس الأمريكي الحالي جون بايدن بتمويل هذ المختبرات.
روسيا التي تعهدت بإثارة هذا الموضوع في كل المحافل الدولية، بأعتباره يمثل تهديدا للبشرية جمعاء، لذلك فإن المؤسسات الدولية وضغط أمريكي) تمنع الخبراء الروس من الوصول إلى المختبرات البيولوجية في أوكرانيا وجورجيا، وهو ما كشفت عنه المتحدثة باسم الخارجية الروسية، وقالت ان مساعيهم للوصول إلى هذه المختبرات من خلال المؤسسات القانونية الدولية، لم تحقق حتى الان أهدافها، وان هذه المؤسسات قالت لهم ” أشياء رائعة”، فهم رحبوا بهذه الفكرة ، ” وقالوا لنا : زيارة المعامل؟ بالطبع بكل تأكيد، اجلسوا في منطقة الاستقبال، وهناك أشخاص رائعون سيلتقون بكم ويصبون لكم القهوة ويعرضون عليكم قوائم المحتويات (كاتالوغات).. ولكن لا يمكنكم دخول المختبرات لا أنتم ولا المراقبون المتخصصون”، والسؤال هنا ماذا يعني هذا؟، والجواب بالتأكيد “يعني أن هناك تجارب جرت مخالفة للقانون”، حسب قول زاخاروفا .
الكريملين هو الاخر أعلن أن الرئاسة الروسية ستطلب من واشنطن توضيحات بشأن الوثائق التي تؤكد ضلوع أمريكا بشكل واضح وموثق بهذه المختبرات، وإنها تؤكد وجود صلة بين نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن هانتر وأنشطة البنتاغون البيولوجية في أوكرانيا ، وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ” بأن روسيا ستطلب توضيحات، ولن تكون الجهة الوحيدة التي تطلبها، وطبعا ستثير هذه المسألة اهتمام الكثيرين،، فالصين كانت قد طالبت الولايات المتحدة بتقديم توضيحات بشأن أنشطة البنتاغون البيولوجية المزعومة في أوكرانيا وأصرت على ضرورة ضمان الشفافية في هذه المسألة.
الروس في هذا الأمر كشفوا أيضا الصلة بين الأنشطة البيولوجية العسكرية التي تتهم موسكو البنتاغون بممارستها في أوكرانيا وصندوق استثماري تابع لنجل الرئيس الأمريكي جو بايدن، هانتر، وأكد قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في الجيش الروسي، إيغور كيريلوف، بشأن أنشطة البنتاغون البيولوجية العسكرية في أوكرانيا تسلط الضوء على صلات بين مؤسسات في الولايات المتحدة ومواقع بيولوجية عسكرية في أوكرانيا، وتورط هياكل مقربة من الإدارة الأمريكية الحالية في الأنشطة المذكورة، بما في ذلك صندوق Rosemont Seneca الاستثماري الذي يقوده هانتر بايدن”.
ويحظى هذا الصندوق بموارد مالية ملموسة لا تقل عن 2.4 مليار دولار، وأن الوثائق تؤكد وجود صلات وثيقة بين هذا الصندوق ومقاولي البنتاغون الرئيسيين، بمن فيهم شركة Metabiota التي تعد، مع شركة Black and Veatch، أكبر مصدر أجهزة إلى مختبرات البنتاغون البيولوجية في مختلف أنحاء العالم ، ونشرت وزارة الدفاع الروسية خريطة تظهر 30 مختبرا في 14 مدينة وبلدة في أوكرانيا، وقالت إنها كانت منخرطة في ممارسة “أنشطة بيولوجية واسعة النطاق”، مؤكدة أن هذه المعلومات تأتي من وثيقة موقعة من قبل نائب وزير الدولة الأوكراني لشؤون مجلس الوزراء فيكتور بوليشيوك.
ويرجح الروس وجود صلة بين عدة حالات مثيرة للشبهات لتفشي أمراض معدية في أراضي روسيا أوكرانيا في السنوات الأخيرة وأنشطة البنتاغون، ووفقا للوثائق المنشورة، فقد اختار البنتاغون هذه المختبرات لتطوير عدة مشاريع، منها مشروع UP8 الخاص بدراسة الحمى النزفية الفيروسية وداء البريميات وفيروسات هانتا، ويشيرون أيضا إلى وجود بؤر طبيعية لتفشي هذه الفيروسات في أراضي روسيا وأوكرانيا، موضحا أن ذلك يعني “إمكانية استخدامها تحت غطاء الانتشار الطبيعي”.
وأنفق البنتاغون على هذا المشروع الذي انطلق العمل عليه منذ عام 2009 على الأقل في أوكرانيا وجورجيا 1.6 مليار دولار، وتسلمت أوكرانيا جزءا أكبر منه ، إن هذه الجهود توجت بإنشاء ست عوائل فيروسية (بما فيها فيروسات تاجية) وثلاث جراثيم تسبب الطاعون وداء البروسيلات وداء البريميات، مشيرة إلى أنها تتميز بالقدرة المتزايدة على الصمود أمام العلاج وسرعة انتشارها، وكما كشفت وزارة الدفاع الروسية عن وثائق تؤكد تسليم عينات تم أخذها في أوكرانيا إلى دول أخرى منها جورجيا وألمانيا وبريطانيا، بما في ذلك تسليم خمسة آلاف عينة تم أخذها من مواطنين أوكرانيين إلى “مركز إر. لوغار” في تبليسي و773 عينة أخرى إلى مختبر في بريطانيا.
الطيور المرقمة التي أطلقت من مختبرات بيولوجية أمريكية في أوكرانيا،التي القت القبض عليها القوات الروسية، هي ضمن مشروع أمريكي يهدف من الأبحاث البيولوجية التي كانت تمولها الولايات المتحدة في أوكرانيا كان لإنشاء آلية سرية لنشر مسببات الأمراض الفتاكة ، ويقول عالم الأحياء الدقيقة إيغور نيكولين، إن الولايات المتحدة ربما استخدمت الطيور كوسيلة لنقل الأمراض الخطيرة إلى روسيا، ووفقا له، تدل الوثائق التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية، على أن بعض البحوث التي جرت في أوكرانيا تتعلق بفيروس إنفلونزا الطيور، بما في ذلك سلالة H5N1، والتي تعتبر الأكثر خطورة ويمكن أن تسبب الوباء على مستوى عالمي.
كما وباتت معروفة تفاصيل مشروع UP-4، الذي تم تنفيذه بمشاركة مختبرات في كييف وخاركوف وأوديسا خلال فترة حتى عام 2020 ، ووفقا للوزارة، فان هدف المشروع كان لدراسة إمكانية انتشار العدوى فائقة الخطورة من خلال الطيور المهاجرة، بما في ذلك إنفلونزا H5N1 شديدة العدوى، والتي تصل نسبة فتكها إلى 50٪، وكذلك مرض نيوكاسل ، وخلال ذلك تم تحديد نوعين على الأقل من الطيور المهاجرة، والتي تمر طرقهما بشكل رئيسي عبر روسيا، كما تم تلخيص معلومات عن طرق هجرتها عبر دول أوروبا الشرقية.
والتفاصيل التي أعلنت عنها صحيفة “ديلي ميل” بعد حصولها على وثائق تؤكد جزئيا صحة الاتهامات الروسية لهانتر بايدن نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن بضلوعه في تمويل المختبرات البيولوجية في أوكرانيا ، وبحسب الصحيفة، تقول المخابرات إن ما كشفه القائد العسكري الروسي كان حيلة دعائية لتبرير التدخل العسكري في أوكرانيا وزرع الفتنة في الولايات المتحدة، لكن رسائل البريد الإلكتروني الواردة من جهاز الكمبيوتر المحمول “المتروك” الخاص بهانتر تظهر أنه ساعد في تأمين تمويل بملايين الدولارات لشركة Metabiota، وهي شركة مقاولات بوزارة الدفاع متخصصة في البحث عن الأمراض المسببة للأوبئة التي يمكن استخدامها كأسلحة بيولوجي، كما قدمت Metabiota لشركة غاز أوكرانية تحيط بها شبهات فساد تحمل اسم Burisma، مشروعا علميا يتضمن مختبرات ذات مستوى عال من الأمن البيولوجي في أوكرانيا.
وعلى الرغم من أن Metabiota (والتي كانت تدير عملها في أوكرانيا لصالح شركة Black & Veatch الدفاعية الأمريكية التي قامت ببناء مختبرات في أوكرانيا لتحليل الأمراض الفتاكة والأسلحة البيولوجية) هي ظاهريا شركة بيانات طبية، إلا أن نائب رئيسها أرسل بريدا إلكترونيا إلى هانتر في عام 2014 يصف فيه كيف يمكنهم تأكيد استقلال أوكرانيا الثقافي والاقتصادي عن روسيا، وهو هدف غير عادي لشركة تكنولوجيا حيوية.
وحصلت الصحيفة (بحسب وسائل الاعلام الروسية) على رسائل بريدية متبادلة بين نجل بايدن وشركائه، فقد ناقشت الرسائل كيف يمكن أن تصبح مراقبة الشركة للبيانات الطبية أداة أساسية للحكومات والشركات التي تتطلع إلى اكتشاف تفشي الأمراض المعدية، وإن نجل الرئيس بايدن استثمر وزملاؤه 500000 دولار في Metabiota من خلال شركتهم واستطاعوا جمع عدة ملايين من الدولارات لتمويل الشركة من عمالقة الاستثمار بما في ذلك “غولدمان ساكس”، وأكدت الصحيفة أن رسائل البريد الإلكتروني تظهر أن هانتر كان متورطا بشكل خاص في عمليات Metabiota في أوكرانيا، ووفقا للرسائل أشارات عروض نجل بايدن للمستثمرين أنهم لم يجمعوا التمويل للشركة فحسب، بل ساعدوها أيضا في الحصول على عملاء جدد.
كما وتشير رسائل البريد الإلكتروني وبيانات عقود الدفاع التي تمت مراجعتها بواسطة DailyMail إلى أن هانتر كان له دور بارز في التأكد من أن Metabiota كانت قادرة على إجراء أبحاثها حول مسببات الأمراض على بعد بضع مئات من الأميال من الحدود مع روسيا ، وان من ضمن الرسائل هناك واحدة تقول إن نائبة رئيس Metabiota ماري غوتييري كتبت مذكرة إلى هانتر توضح له خلالها كيف يمكنهم “تأكيد استقلال أوكرانيا الثقافي والاقتصادي عن روسيا”، حيث قالت في إحدى تلك الرسائل، “المذكرة المرفقة، تقدم لمحة عامة عن Metabiota، ومشاركتها في أوكرانيا، وكيف يمكنها الاستفادة من فريقها وشبكاتها ومفاهيمها لتأكيد الاستقلال الثقافي والاقتصادي لأوكرانيا عن روسيا واستمرار اندماجها في المجتمع الغربي.
وتُظهر سجلات الإنفاق الحكومي أن وزارة الدفاع منحت عقدا بقيمة 18.4 مليون دولار لشركة Metabiota بين فبراير 2014 ونوفمبر 2016، مع تخصيص 307091 دولارا لـ”مشاريع أبحاث أوكرانيا”، كما وقامت وكالة الحد من التهديدات الدفاعية الأمريكية (DTRA) أيضا بتكليف شركة B&V ببناء مختبر مستوى السلامة البيولوجية 3 في أوديسا في عام 2010، والذي قدم معدات وتدريبا محسّنا لتحديد مسببات الأمراض الخطيرة بشكل فعال وآمن ، كما حصلت B&V على عقد إضافي مدته خمس سنوات بقيمة 85 مليون دولار في عام 2012، حيث تستخدم هذه المعامل في “دراسة العوامل المعدية أو السموم التي قد تنتقل عبر الهواء وتسبب عدوى قاتلة”، كما تقول وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية.
***
بقلم الدكتور كريم المظفر