معركة ديان بيان فو

معركة ديان بيان فو (بالفرنسية: Bataille de Diên Biên Phu; ڤيتنامية: Chiến dịch Điện Biên Phủ)، هي أول مواجهات الحرب الهندية الصينية بين فيلق القوات الفرنسية في الشرق الأقصى التابع للاتحاد الفرنسي وجبهة الثوار الشيوعيين ڤييت مينه. وقعت أحداث المعركة بين مارس ومايو 1954، بلغت أوجها إثر هزيمة الفرنسيين ثم إنعقدا مفاوضات في جنيڤ لتحديد مستقبل الهند الصينية.
خلفية تاريخية وتجهيزات المعركة
في نوفمبر 1953م، بدأت فرنسا ببناء قاعدة للجيش حول قرية ديان بيان فو التي تُسمى أيضًا ديان بيان، فيما يعرف الآن بشمال غربي ڤتنام، وكان الغرض من هذه القاعدة هو تعطيل حركة الجيش الڤتنامي. وفي 13 مارس عام 1954م، شنَّ حوالي 50,000 جندي ڤتنامي هجومًا على قوات فرنسية يزيد قوامها على 10,000 حندي في القاعدة، ودمروا سريعًا مطار القاعدة تاركين الفرنسيين بدون مؤن كافية. وقاوم الفرنسيون، على الرغم من قلة عددهم، الهجوم الفيتنامي لمدة 56 يومًا، ولكنهم أُجبروا على الاستسلام في 7 مايو 1954، وانتهى القتال في أوائل اليوم التالي.
وتردد علي ألسنة الخبراء العسكريين أن الجانب الفرنسي أراد استدراج القوات الفيتنامية الي تلك المنطقة التي اقام فيها الفرنسيون حامية ضخمة تعتبر الاهم في المنطقة من حيث الحجم والتسليح الحديث فحشد الجنرال الفيتنامي نجوين جياب قوات متفوقة في العدد وفي الروح المعنوية حول التلال المحيطة بالمنطقة واستعان بعنصر الطبيعة المحيطة من اشجار كثيفة ومناطق وعرة في اخفاء قواته وسلاحه وهو ما ادي الي تضليل الغارات الجوية الفرنسية ، وعندما بدأت المعركة وجدت القوات الفرنسية نفسها محاصرة. ومع تعذر الحصول علي امدادات عن طريق البر لجأت فرنسا إلي الجو وحيث اصبح انزال مظليين عن طريق الجو هو الاسلوب الوحيد لنقل الامدادات. وعندها خرجت المدافع المضادة للطائرات من مخابئها لتحصد الطائرات والمظليين وتضيق الخناق علي القوات الفرنسية. واتسم التكتيك الفيتنامي بالتحول من قتال سريع لتحقيق نصر سريع الي قتال بثبات لتحقيق تقدم ثابت.
الأثر العالمي
وتعتبر معركة ديان بيان فو التي وقعت عام1954 من اهم المعارك العسكرية في القرن الـ20 نتيجة لما ادت اليه من نتائج سياسية انعكست آثارها علي ساحة العلاقات الدولية واستمر تأثيرها حتي اليوم وهي في ذلك تتشابه مع ما ادت اليه حرب السويس في مصر عام1956 من نتائج خاصة وان الطرف الفرنسي كان طرف رئيسيا مشترك في الازمتين كما انه كان الطرف الخاسر في الواقعتين اللتين مثلتا بداية النهاية للامبراطورية الاستعمارية الفرنسية في صورتها الكلاسيكية القديمة ليس في اسيا وحدها بل في العالم اجمع كما كانت تلك المعركة والعدوان الثلاث على مصر نموذجين سارت علي هديهما الكثير من الدول التي كانت خاضعة للاستعمار.
وقد جاءت معركة ديان بيان فو لتؤكد أن صفحة الاستعمار القديم في طريقها لأن تطوي في ظل وجود قوي جديدة وتحول العالم الي القطبية الثنائية تحت قيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وربما كان هذا ما فسر موقف الولايات المتحدة من أزمة السويس 1956 وعدم تأييدها لفرنسا وبريطانيا في مسعاهما ، كما فسر ايضا تخلي القوات الامريكية عن فرنسا في فيتنام ثم تدخلها في المنطقة عسكريا وسياسيا في عام 1964!
وكان من النتائج المباشرة لتلك المعركة ان انهت فرنسا استعمارها لفيتنام ولمنطقة الهند الصينية باسرها بعد وجود عسكري بدأ منذ عام1858. كما حصلت فيتنام علي تأكيد لاستقلالها عن فرنسا بعد حرب استمرت منذ عام 1945 وحتي عام 1954 عندما وقعت فرنسا علي اتفاقيات جنيف المتعلقة بفيتنام لعام 1954 والتي اعترفت باستقلال وسيادة ووحدة اراضي فيتنام وفي الاول من يناير 1955 تم نقل السلطة الي الحكومات الوطنية في كل من فيتنام ولاوس وكامبوديا ايذانا بانتهاء اتحاد الهند الصينية الذي شكلته فرنسا لحكم المنطقة في عام1887.
ومن المفارقات ان عاد خروج فرنسا من فيتنام ليس بالفائدة علي فيتنام وحدها بل علي فرنسا ذاتها وهو الامر الذي فسره البروفيسور روبرت فرانك من جامعة السربون بأن هزيمة القوات الفرنسية في ديان بيان فو وفرت لاقتصادها فرصة الازدهار في عالم ما بعد الاستعمار حيث اصبح يحتل المرتبة الرابعة عالميا.