مجتمعولايات ومراسلون

متليلي الشعانبة من مقبرة المحارزة بالسوارق تودع أيقونة المشايخ الطالب محمود حسيني في جو جنائزي مهيب 

فقدت متليلي الشعانبة بولاية غرداية عموما ومن حي السوارق من مقبرة المحارزة خصوصا, قامة من قاماتها الدينية الأجلاء أصيل عائلات آل حسينيات العريقة, من عرش الشرفاء بقصر متليلي. معلم القرآن مربي الأجيال لعقود من الزمن. مصحح الألواح للطلبة, فضيلة الشيخ حسيني الطالب محمود, الذي يعتبر من مشايخ متليلي في شرح وتدريس القرآن الكريم. والذي نعته أغلب المدارس القرآنية والمساجد والجهات والمؤسسات. 

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وببالغ الحزن والأسى تلقيت نبأ رحيل فضيلة الشيخ الطالب محمود صاحب الإبتسامة الجميلة والتي لا تودعه. وبدموع صامتة خرجت بحرقة تحمل مشاعر الحزن والأسى من موديعه إلى مثواك الأخير في جنازة مهيبة بقبرة المحازرة بحي السوارق. 

نبذة عن فقيدنا الطالب محمود: 

ولاته ونشاته: 

هو الشيخ حسيني محمود بن الطيب بن أحسيني بن أمحمد بن حسيني بن مولاي عومر, من مواليد يوم 28 سبتمبر 1945 بمتليلي الشعانبة. نشأ بمتليلي الشعانبة في أسرة فاضلة محافظة, أسرة علم وتربية وفقه ومتون, ذات مأثر جليلة ومزايا جمة. 

معدنه الأصيل من سليل الأشراف: 

أنجبت عائلة حسيني (آل حسينيات) كوكبة من خيرة الرجال و الأعلام ونخبة من علية المشايخ, والتي مازال خلفها متواصل ممتد فرعه المعطاء, لحد كاتبة هاته السطور ينهل من منابع العلم والتربية وبحور العلوم الشتى. إذ يكفي فخرا أن أذكر على سبيل المثال لا الحصر كل من الشيخ حسيني سي قادة السود وحسيني سي البغدادي من مشايخ الصوفية وأهل الذكر ومن الجيل الصاعد أبناء القرن الواحد والعشرين الأستاذ حسيني عومر تلميذ الفقيد الطالب محمود والدكتور حسيني علال حفظهم الرحمن.ومن المحسنات الذين سخروا أموالهم وأملاكهم للأعمال الخيرية في سبيل العلم والمعرفة دار السبيل للتعليم للعمة الحاجة فاطينة حسيني رحمهم الله. 

دراسته وتحصيله العلمي: 

تلقى الشيخ الطالب محمود, بمسقط رأسه متليلي الشعانبة و بقصرها العريق ومسجدها العتيق مختلف أطوار تعليمه القرآني والديني تحت رعاية وعناية من قبل مشايخ المدينة وأعلامها لعدة أسباب من بينها تعليم أكبر عدد من التلاميذ وتكوين أكبر عدد من المعلمين والمشايخ ليحملوا مشعل الإستمرارية والمواصلة لإستخلاف خير خلف لخير سلف وتعويض النقص والحرمان بسبب الهجرة والتشريد والتصدي للإستعمار الغاشم ومنعه من التصدي لمحاربة الدين والقرآن وعدم السماح بتعليم الأبناء حتي يعم الجمل ويتفشى أكثر من ذي قبل. 

أولى الطالب محمود إهتمام كبير بالحرص على التعلم والتنقل من معلم وشيخ إلى أخر, وزاد حرصه في حبه لطلب العلم, أنه أكتشف ذلك في نفسه وإصراره على عدم تفويت أي فرصة, كان جد شغوف في طلب العلم.نظرا لذكائك وفطنته أدرك مراده في الدراسة والتحصيل العلمي قدر الإمكان، فتحصل من معظم ما كان موجود بالمنطقة. 

شغفه للتعلم والتحصيل العلم: 

رغم تعلمه من علم وعلوم لم يكتفي ولم يقتنع, فكان يستمع من وراء جدران الغابة للمعلم طالب أبناء عائلات فيها خير بالسوارق و يزيد من التعلم والحفظ . 

معلميه ومشايخه: 

أسهمت في تعليم الطالب محمود كوكبة من المعلمين والمشايخ منهم بداية على أيدي الشيخ الطالب محمد أمبارك حمدات, أصيل مدينة أولف ولاية ادرار من كوكبة المشايخ الذين أحضرهم عائلات فيها خير- آقاسم آل الطباخ و بلحاج عيسى من قبيلة بني إبراهيم من عرش قصر متليلي الشعانية مساهمة منهم في إنعاش الحركة التعليمية مطلع القرن العشرين رحمهم الله. والطالب سي الحاج قدور غزيل من عرش المرابطين والطالب الحاج عبدالله ين ولهة بن مسعود، والطالب أحمد بوكادي أصيل مدينة أولف ولاية أدرار، من دار الطلبة آل لمخاليف. 

أنواع تعلميه: 

تعلم وحفظ الطالب محمود القرآن الكريم في خمسينيات القرن الماضي، وواصل تعليمه الديني في علم الفرائض وإتمامها والمسائل الفقهية ومتن الدين بحمد الله وفضله. زيادة على تعمله, زاد حرصه في المزيد من التعلم فكان مواظبا على حضور الندوات وحلقات الدروس التي كانت تقام في المسجد العتيق من طرف الشيخ سي محمد الإمام مولاي لخضر والشيخ الطالب شريف سي بكار بن سماعيل في علم المواريث وفضيلة الشيخ الطالب الأخضر بن قويدر الدهمة حفظه الله في علوم الفقه والصرف والنحو واللغة العربية وتفسير القرآن الكريم وغيرهم. 

عمله مهنته وتوظيفه: 

بإتمام الشيخ الطالب محمود تعليمه وتكوينه, وككل شاب يافع أشتد عوده وطلبه للرزق والسعي لتوفير لقمة العيش, وظف سنة 1962 فجر الإستقلال في منصب معلم للقرآن الكريم بقرية سبسب وإنتقل سنة 1963 إلى مسجد الصحابي خالد بن الواليد بالسوارق معلم قرآن لتعليم الناشئة والأطفال.     

أعماله ونشاطه: 

كان الطالب محمود منشط لحلقات الدروس والمواعظ والإرشاد ومن أهل إصلاح البين بين الأزواج وحل الخلافات والنزاع بين العائلات والمجتمع, وإسداء النصح, والإرشادات والإستشارات في عديد المسائل والمشاكل سواء الدينية الفقهية أو الإجتماعية والزوجية, ومن أعماله الجليلة قيامه بعقد القران للأزواج ليلة التتويج علنا في حلقة التلباس التقليدي على مرأى ومسمع ومن محاسن الصدف عقد قران عمي بامون موسى سنة 1974 وعقد قراني العبد لله محرر المقال سنة 1983 وأخوتي سنة 1994 بفضل الله والقائمة طويلة لا تعد ولا تحصى. 

تلاميذه وطلبته: 

تخرج على يديه بفضل الله مئات الطلبة من ختمة القرآن الكريم وما يزيد لأكثر من أربعين 40 معلم ومؤذن الذين يزاولون مهمتهم في عديد المساجد وأصحاب النصف والربع والثمن والقائمة طويلة. وبقية طلبته موظفون وإطارات سامية عليا في عديد المناصب. 

إستجابته للنداء وتلبية الطلب: 

كان الطالب محمود رحمه الله مستجيبا للنداء ملبيا للطلب لا يتأخر ولا يتوان في تنفيذه مسرعا لإصلاح ذات البين وحل الخلافات في جلساتي المنعقدة سواء بمكتبي أو بمنزلي. 

سلوكه: 

كان رحمه يضرب به المثل محبوب الجميع كبير و صفير موقر  مهاب, يتميز بسلوك طبية وأخلاق حميدة حسنة ,متواضع في مشييه جلوسه حديثه وفي كلامه العذب لا يمل منه ومن فضل الله كان يقدم لتتويج العرسان وطلبة ختمة القران والأطفال الخثان وباقي المناسبات.  

شهادة الجميع: 

الكل بحمد لله يشهد ويبصم للطالب محمود على مجهوداته الجبارة التي كان يبذلها في خدمة الجميع والمصلحة العامة  

ظل الطالب محمود مواظبا إلى غاية تقاعده سنة 2007 في خدمة الجميع. أدى شيخنا رحمه فريضة الحج الركن الخامس وبها ختم أركان الإسلام الخمسة. 

من جميل الذكريات مع كنت رفقيه من إختيار الفقيد الشيخ مولاي لخضر عبد القادر سي قادة رحمه الله من عرش الشرفاء وسي الهامل بن عبدالرحمن الحاج محمد في حلقة القراءة القرآنية لقراءة للربع على خطى المشايخ والسلف رحمهم الله, الذين كان يجلسنا برفقة لخشونة صوتنا للتنافس في القراءة بصوت عالي وبحناجر صادحة لربع من سورة سيدنا إبراهيم عليه السلام. 

رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته و ألهم ذويه ومحبيه و طلبته جميل الصبر و السلوان إنا لله وإنا له راجعون. 

الحاج نورالدين أحمد بامون ستراسبورغ فرنسا 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى