أحوال عربية

ما الذي ينتظر الشعب السوري؟

خالد بطراوي

من دون أدنى شك فإن الشعب العربي السوري وكذلك السواد الأعظم من الشعوب العربية قد تنفست الصعداء عند انهيار نظام البعث العربي السوري في سوريا، هذا النظام الذي سقط كما ” البسكويت” بعد تخلي الحلفاء عنه، وتركه لقمة سائغة يطارد أبناء الشعب السوري فلوله … زنقة … زنقة كما قال الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي ذات يوم.
حقبة البعث العربي السوري انتهت في سوريا بعد سنوات من حكم التوريث من حافظ إلى بشار الأسد، وبعد مسلسل متواصل من القمع والاضطهاد والترهيب والقتل تحت مسمى ” الحفاظ على منجزات ثورة البعث” ووهم قيادة ” محور المقاومة”.
إن نظاماً سادياً قمعياً يقمع شعبه …. لا يمكن أن يشكل قائداً “للمقاومة” أو ” الممانعة”، فالطريق ” إلى جهنم … معبد بالنوايا الحسنة”.
الآن، وكما يقول المثل الشعبي ” ذهبت السكرة … وإجت الفكرة”. فبعد نشوة الخلاص من نظام البعث العربي السوري، ما الذي ينتظر الشعب السوري؟
لن تسمح الامبريالية لأن يتشكل في سوريا نظام ينتصر للشعب السوري ويسخّر مقدرات البلد لصالح أبناء البلد. ستعمل الامبريالية على إغراق البلد في الصراعات الداخلية والطائفية وتصفية الحسابات، ومن دون أدنى شك ستتشكل قيادة وحكومة تابعة للغرب، وسيجري تقسيم المصالح والجغرافيا بين كافة الدول اللاعبة على الساحة السورية بما فيها ” الدب الروسي”.
سيكون هناك اتفاق غربي بقيادة أمريكا مع روسيا بشكل أساسي حول مناطق النفوذ وتوزيع الثروات.
ستنتقل سوريا إلى نظام جديد يسمح للمواطن أن ” يتنفس” بانعطاف مسيطر عليه من “دكتاتورية الحزب الواحد” إلى ” التعددية السياسية”، وستحصل حالة انفراج حذرة تتعلق بعودة بعض اللاجئين السوريين إلى أرض الوطن، مع تواصل عملية ملاحقة فلول النظام سواء أكان بالإعدام الميداني خارج نطاق القانون و/أو بجلبهم إلى القضاء ليتجرعوا ويلات السجون التي قاموا بأنفسهم بتشييدها، كما وسيتم ملاحقة بعض قادة النظام في المحاكم الدولية بوصفهم من مرتكبي ” الجرائم ضد الانسانية” بحق أبناء شعبهم وأيضا بحق من وقع ” تحت قبضتهم” من غير السوريين.
ستعمل كل القوى الخارجية المؤثرة على الساحة السورية على أن تحصر سوريا نفسها فقط وفقط في شؤونها الداخلية، ولن تتدخل في أي شأن خارجي حتى أنها ستلتزم الحياد إزاء القضية الفلسطينية، وستطلب من الفصائل الفلسطينية وقف عملها على الأرض السورية وتسليم أسلحتها وربما يتحول إسم مخيم اليرموك الى ” ضاحية اليرموك” محوا لقضية اللاجئين الفلسطينيين وتكريسا للتوطين.
سيجري تعزيز القوة الشرطية في سوريا، ولن يكون هناك إلا جيش تقليدي مسلح بأقل تقنية عسكرية ممكنة مع محدودية قوة الغطاء الجوي عسكرياً.
ستُدخل القوى الخارجية التيارات الاسلامية في قيادة دفة البلاد، وربما ستسمح لها بتبوء مركز القيادة الأول بغية إظهار عجزهم وإفشالهم كما حصل في بعض ثورات ما يسمى بالربيع العربي.
سيتحسر البعض – وأنا لست من بينهم – على الماضي ” التليد” لحزب البعث العربي السوري وأيام حكمه.
وأخيراً وعلى امتداد العشر سنوات القادمة، ستخطو سوريا خطوات متسارعة ومتواترة أولا لتوقيع اتفاقية مع دولة الكيان، تتعلق بمصير الأراضي السورية التي تسيطر عليها دولة الكيان، وترسيم الحدود ترسيماً جديداً قدماً على طريق التطبيع الكامل الشامل.
الذي ينتظر الشعب السوري هو الانعتاق من نظام البعث، التركيز على الحياة اليومية الداخلية، ضمان التوجه الرأسمالي للدولة، تسابق الدول على إعادة الإعمار، إغراق الشعب السوري بالمديونية العامة والمديونية الشخصية للبنوك، السيطرة المطلقة لقطاع الخدمات من بنوك وشركات اتصال وطاقة ومياه، إطلاق يد شريحة المستوردين ” الكمبرادور” لاستيراد كل ما هبّ ودبّ من سلع استهلاكية تضرب قطاع الانتاج السوري، تكريس سياسة التبعية والإلحاق مع الغرب وتطبيع العلاقات مع دولة الكيان.
الصورة ليست وردية …. النظام السوري كان بالأساس منعدماً وميتاً، بل “محنطاً” بالدعم الخارجي له … لذا فقد جاء سقوطه كحتمية تاريخية ونتيجة طبيعية لمن يرتهن ويحتمي بغير شعبه.
في خضم ذلك كله، كل ما نتمناه للشعب العربي السوري هو …. أن يتمكن من التنفس المفعم بالأوكسجين في مواجهة تحديات المرحلة القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى