الحدث الجزائريثقافة

ماذا يعني أن تكوني صحافية ناجحة ؟

اسماء محمد مصطفى كاتبة وصحفية وقاصّة ماذا يعني أن تكوني صحافية ناجحة ؟

أن تكوني صحافيةً ناجحةً ، ذلك يعني :
ـ أنكِ امرأةٌ شجاعةٌ وحرةٌ وصاحبةُ قضية ولستِ تابعة فكرياً الى أحد .
ـ أنكِ تجيدين اختيار الأفكار التي تكتبين عنها .
ـ أنك قبل الإقدام على الكتابةِ او اجراءِ مقابلةٍ مع شخصيةٍ او التحدثِ بموضوعٍ ما ، اعتدتِ جمعَ معلوماتٍ وافيةٍ عما تتناولين ، ما يُظهركِ ملمةً بالموضوع .
ـ أنك تكتنزينَ خبراتٍ حياتيةً وليست مهنيةً فقط ومعرفةً بالناسِ ومقدرةً على فهمِهم وتوقعِ تصرفاتِهم ومعرفةَ الخياراتِ الصائبةِ وذلك كلهُ بفضلِ الاحتكاكِ بالناسِ بمختلف شرائحِهم ومستوياتِهم ، لاسيما إذا كنتِ صحفيةً او مراسلةً تنزلُ الى الميدانِ كمؤسساتِ العملِ والتعليمِ والشوارعِ والأسواقِ والأمكنةِ العامةِ .. هناك ، ووفقاً لمايتطلبهُ موضوعُكِ الصحفي ، تلتقينَ وتحاورين المسؤولَ الناجحَ والفاشلَ ، النزيهَ والفاسدَ ، الوطنيَ واللاوطني ، الإنسانيَ واللاإنساني ، تلتقين المثقفَ والجاهلَ ، تلتقينَ المرأةَ المقتدرةَ والأخرى المهمشة .. تلتقينَ الأطفالَ والشبابَ والشيوخَ .. تكونين صوتَاً لمن لاصوت له ، وبمرور السنواتِ تجدينَ او وجدتِ أنكِ استفدتِ من لقاءاتِك بهِم لاكتسابِ المزيدِ من ثقافةِ الحياة .. فالصحفيُ لابد أنَ يتزودَ بثقافةِ الحياةِ الى جانب ثقافةِ الكتبِ . وعليه فإنّ نضجكِ المهني والشخصي ، يدلانِ على أنكِ نزلتِ الى شارع الحياةِ ، وتكوَّنَ لديك مشهدٌ واسعٌ عنهُ .
ـ أنكِ مررتِ بتجاربَ صعبةً سببَّها حاسدو النجاحِ والتفوقِ .. وضعوا العثراتِ في طريقكِ ، بعضُهم استهدَفكِ لأنكِ امرأة وبعضُهم لأنكِ منافسٌ قوي وربما أنتِ أعلى من أن تكوني منافسةً لهم لأنكِ أكفأُ منهم .. لم تنشغلي بكراهيتِهم ، فقد عرفتِ أنَ كل ماعليكِ فعلَهُ هو أن تردي عليهِم من خلال استمرارِك بالعطاءِ والعملِ .
ـ أنك ثقفتِ نفسكِ بقراءةِ الكتبِ النوعيةِ ومن كل حقلٍ معرفي فقد تعلمنا منذ البداياتِ في مرحلةِ الدراسةِ الأكاديميةِ أنَ الصحفي هو من يعرفُ شيئاً من كل شيء ..
ـ أنكِ طورتِ أدواتِك مهنيا أكثر ، وعرفتِ الفروقَ بين الفنونِ الصحفيةِ حتى لاتخلطينَ بينها عند الكتابةِ ، وأطلعتِ على تجاربَ من سبقوكِ من الصحفيينَ الناجحينَ نساءً ورجالا ، واحترمتِ تاريخَهم ، وبقيتِ وفيةً لمن وقفَ معك منهم وأنصفكِ ، وأنكِ أطلعتِ على مستجداتِ الإعلامِ أكاديميا ومهنيا حتى تتقدمي أكثر ولاتكوني متخلفةً عن التقدمِ الذي يشهدهُ الإعلامُ عالميا .
ـ أنكِ متمكنةٌ لغويا ، او مستواك جيد في اللغة ، ولاتتوقفين عن الإهتمام بتطوير لغتكِ ولاتقولين لنفسك لمَ تتعبيها مادام هناك مصحح لغوي في الجريدة او المجلة ينقح موضوعاتك قبل نشرها ؟! لايتوفر مصحح لغوي أحياناً ، فماعساكِ فاعلة ؟
ـ أنكِ لم تختصري الطريقَ الى نجاحٍ وهمي ولم تسمحي لنفسكِ بسرقةِ موضوعاتِ غيرك ، او التسلقِ او التنازلِ ، قد تجدينَ أخرى أقلَ منك في مقدراتِها المهنيةِ لكنها أكثر شهرةً ، لاتبالي بالبالوناتِ والفقاعاتِ والدمى واللاهثاتِ وراء شهرةٍ فارغةٍ ، كوني كما أنتِ ، حقيقية في كفاءتِك ، أمينة في إيصالِ رسالتِكِ ، حريصة على نظافِة قلمكِ ونزاهةِ تفكيرِكِ وسلوككِ الصحفي والحياتي .
ـ أنكِ امرأةٌ صحافية على خُلقٍ جميلٍ ، فالأخلاقُ الراقيةٌ مطلوبةُ كالكفاءةِ المهنيةِ ، وماأجملَ تحليكِ بالاثنين .
ـ أنكِ تضعينَ ضميرَكِ الحيَّ نصبَّ عينيكِ وأنتِ تتناولينَ حالةً او ظاهرةً ما ، تكتبينَ او تتحدثينَ بموضوعيةٍ ، تتعمقينَ في الموضوع ، لاتسطحينَ الفكرةَ .
ـ أنكِ تتابعينَ مستجداتِ الأحداثِ من مصادِرها الموثوقِ بها ، ولاتقعينَ في شركِ الأخبارِ المفبركةِ والشائعاتِ التي نعانيها اليوم من جراء فوضى الأنترنت وشبكاتِ التواصلِ الاجتماعي ، لذا أنتِ لاتكتبينَ او تتحدثين بشيءٍ عبر مساحتكِ في الصحيفةِ او شبكةِ التواصلِ بناءً على خبرٍ غير موثوقٍ به ، بل تتأكدين أولاً حفاظاً على مصداقيتكِ .
ـ أنكِ تحترمينَ آراءَ قرائِكِ او متابعيكِ ، وتهتمينَ حتى بآراءِ مَن ينتقدونكِ او لايتفقونَ معكِ منهم ، استمعتِ اليهم او قرأتِ آراءَهم في ماكتبتِ حتى لو لم تعجبكِ الآراءُ ، فليس كلُّ من يقولَ لك رأياً مخالفاً يكرهكِ او يحسدكِ او يقصد الإساءةَ اليكِ بالضرورة ، ثمة آراءٌ تفيدكِ في تطويرِ إمكانياتكِ . أما الآراءُ السلبيةُ الناجمةُ عن كرهٍ وحسدٍ فقد وضعتِها في خانةِ ضريبةِ النجاحِ التي يتوجبُ على كل ناجحٍ أن يدفعَها . خلاصة القول .. إعجابُ الآخرينَ بعملِنا يعززُ ثقتَنا بأنفسِنا ويشجعُنا على تقديم المزيدِ ، وعدم إعجابهم يدفعُنا لنطورَ أنفسَنا أيضاً .
ـ أنكِ قائدةُ رأي ، ولايقللُ من شأنكِ ألا تقودي مؤسسة او صحيفة ، لأنَ معيارَ النجاحِ هو الاستمرار في العملِ بمهنيةٍ وأخلاقٍ عاليةٍ معاً .
ـ أنكِ حرةٌ في تفكيركِ ، معتزةٌ بنفسكِ ، متواضعةٌ لم يغرْكِ الإعجابُ والنجاحُ .. أنتِ سيدةُ قلمكِ .. أنتِ سيدةُ نفسكِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى