أمن وإستراتيجية

-الميتة الثانية- لغورباتشوف.. ماذا يدور في عقل سلافوي جيجيك؟

-الميتة الثانية- لغورباتشوف.. ماذا يدور في عقل سلافوي جيجيك؟

عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي.

ناشط حقوقي حر

الموتة الثانية لميخائيل غورباتشوف… ما الذي يدور في عقل سلافوي جيجك؟


“الموت البيولوجي لميخائيل جورباتشوف هو موته الثاني: رمزياً، كان ميتاً بالفعل مع تفكك الاتحاد السوفيتي. كان دوره سلبيًا تمامًا، دور الوسيط الزائل: “هدم الجدار”، وشرع في زوال النظام الشيوعي وتذكره وأشاد به لأنه جعل هذا الاختفاء يحدث بسلام. لعب جورباتشوف دوره بأمانة. إذن ما الخطأ الذي حدث؟ لماذا أصبحت البيريسترويكا كاتاستروجكا؟”… كانت هذه افتتاحية سلافوي جيجيك في جريدة انترنازيونال الايطالية..
لمح زيزاك في المقال الى أن الأوكراني نيكيتا خروتشوف هو من بدأ تفكيك الشيوعية السوفييتية عام 1956، مقرا أن تصريح خروتشوف في زيارته للأمم المتحدة وعلى الأراضي الأمريكية عام 1959 حين تحدى الغرب بأن أحفادهم سيكونون شيوعيين!!، هو “تمثيل وكذب”!؟. لأن خروتشوف هو مصمم برنامج نزع الستالينية لإعادة تأهيل الشيوعية السوفييتية، والواقع أن من تم تأهيله على يد خروتشوف هو غورباتشوف كأحد القادة داخل الحزب الشيوعي، فكم هو عدد القادة والوزراء السوفييت الذين دفعم خروتشوف للتخلي عن الامبراطورية السوفييتية؟؟. ويتساءل زيزاك هل سرق خروتشوف أفكار ليو تروتسكي ، “اليهودي المتجول” للثورة والمناهض الحقيقي لستالين؟، العدو اللدود. الذي عارض فكرة “بناء الاشتراكية في بلد واحد” برؤيته للثورة الدائمة؟؟!. وأشار زيزاك الى رسالة تروتسكي الأخيرة وقال: (معزولًا في المكسيك ومدركًا لتدهور حالته الصحية، اعترف تروتسكي (…) ، بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، بأن الصراع كان يمكن أن ينتهي بدون ثورة اشتراكية. في هذه الحالة يجب التخلي عن المشروع الماركسي اللينيني بأكمله “. هنا مقطع من نص تروتسكي الأخير: “سنضطر إلى الاعتراف بأن الستالينية (…) لا ترجع جذورها إلى تخلف البلاد ولا في الوسط الإمبريالي ، بل في العجز الخلقي للبروليتاريا عن أن تصبح الطبقة الحاكمة. . ومن ثم سيكون من الضروري إنشاء خطة لاحقة (…) أن الاتحاد السوفيتي الحالي كان مقدمة لنظام جديد وعالمي للاستغلال “.
يرى زيزاك في مقاله أن غورباتشوف تجاوز ستالين وقام بمواصلة عمل خروتشوف لكنه وفي لخطة لينين، وكتب زيزاك
أن ليون تروتسكي كان واضحا في توصيته بوجوب التخلي عن الستالينية حين قال (يجب أن نترك وراءنا الفكرة الأساسية لـ “القوة البروليتارية” ، عن أن الملعونين على الأرض قادرون على تنظيم قوة بديلة. يعني “التأمل في الماضي” أن هذه الفكرة كان مصيرها الفشل منذ البداية. هذه هي الخطوة التي لم يكن غورباتشوف مستعدًا لاتخاذها عندما أطلق شعارات الجلاسنوست والبيريسترويكا ، لم يدرك أنه أطلق العنان لانهيارًا غيّر العالم).
وقارن جيجيك (زيزاك) الشيوعية في النموذ الصيني وقال:(مع إصلاحات دنغ شياو بينغ، سار الصينيون بشكل مختلف جذريًا وبطريقة معاكسة تقريبًا. على المستوى الاقتصادي (وفي بعض النواحي الثقافي) تم التخلي عن ما تفهمه الشيوعية عادةً وفتحت الأبواب أمام التحرر على النمط الغربي (الملكية الخاصة، والربح، والفردانية اللطيفة، وما إلى ذلك…)، ومع ذلك فقد حافظت على هيمنتها الأيديولوجية – السياسية عبر الحزب اليوعي الحاكم، ليس بمعنى الأرثوذكسية العقائدية (ففي الخطاب الرسمي، فإن الإشارة الكونفوشيوسية إلى “المجتمع المتناغم” قد حلت عمليًا محل أي إشارة إلى الشيوعية)، حيث أنهت الشيوعية “قرن الإذلال” عام 1949، حين أذل العالم الغربي وروسيا الصين لبدء حروب الأفيون، التي انتهت فقط مع انتصار الشيوعية وأفضالها التحررية.
عاد جيجك لغورباتشوف وقال أنه كان ضد سكوت التاريخ عن “جرائم التأسيس” التي (لن تؤدي إلا إلى انهيار النظام بأكمله. لذلك يجب أن تظل تلك الجرائم منبوذة: صحيح أن بعض “التجاوزات)، وقتىنهت ب”الأخطاء” الماوية التي شُجبت (القفزة الكبيرة إلى الأمام والمجاعة المدمرة التي أعقبت ذلك؛ الثورة الثقافية)، وتقييم الصين دور ماو الذي كان إيجابيا بنسبة (70٪) وسلبيا بنسبة (30٪).. وكيف كان هذا التقييم يعمل كاستنتاج رسمي يجعل أي شرح إضافي غير ضروري (حتى لو كان ماو حيا لانتقد سياسته).
حيلة سلافوي جيجك في مقاله ظهرت حين قال أن كلا من روسيا والصين يشتركان في قيامهما بالانكار الوثني لستالين وماو، لكن الروس شوهو ستالين بينما كان ماو منيعا من التشويه، وفاجأ جيجيك قراءة بأن الكثير لا يفهمون الغرب، حيث كان الغرب يأمل استمرار الكتلة السوفييتية التي كانت خدومة غي الترويج لدولة الرفاهية الغربية، حيث لم تقبل موسكو لعب هذا الدور للأبد بعد انهيار سقوط جدار برلين، وهذا سر مقولة فلاديمير بوتين: “من لم يحزن لتفكك الاتحاد السوفييتي بلا قلب، ومن يريد إعادة تأسيسه بلا عقل).
ختم سلافوي جيجيك مقاله للأنترنازيونالي الايطالية وترجمه فيديريكو فيروني بقوله أن الغرب كان يستخدم الحجة السوفياتية ليبرر بها احتجاجات العمال، وها هو بوتين يمنح الغرب نفس الفرصة لتبرير السياسات، سيلبس بوتين رداء الملك الأحمر وسيتنفس القادة الغربيون الصعداء لتوجيه أصابع اللوم والاتهام والغضب نحو زعيم الكريميلين.
بتحليل بسيط لمقال جيجيك نتأكد أنه يدخل سيرورة أحداث التاريخ في مواقفه الغاضبة، لأنه كتب قبل وفاة غورباتشوف ون بايدن منح الحق لبوتين ليخوض حربا محدودة ضد أوكرانيا، وقد شرحت في سلسلة مقالات سابقة لكل ما ورد في مجلات فورين بوليسي وفورين آفيرز أن واشنطن تنظر بغضب تجاه بيجين لأن العملاق الصيني النهائي النائم يرفض الإذلال!، فبقراءة دروس التاريخ ندرك أن واشنن تحتفظ بمفاتيح تاريخية لتفكيك الامبراطوريات، فما يحدث الآن هو فقط دوار في العقل الأمريكي بسبب رفض الصين الاعلان عن قطبية ثنائية أو احتكارية أحادية لها للقيادة العالمية، لا يزال الأمريكيون متأكدين أن مفاتيح انهيار روسيا والصين لا تزال بين أيديها رغم أننا نعيش وضع Reset إعادة تشغيل النظام الدولي الجديد. وعليه، يصنف بوتين كستالين، ولا بد للبنتاغون وCIA العمل على اختراع غورباتشوف ديد فهل هذا ممكن؟.
عناوين نيوزويك والايكونوميست طرحت أسئلة حول جدوى 9000 عقوبة ضد موسكو، كما تحدثت عن اغتيال ابنة ألكسندر دوغين، الإعلام الأمريكي يضع صور المدفآت الكهربائية بشكل كرتوني منذ الآن، لكن الاستخبارات الأمريكية منشغلة أكثر بإسقاط الصين.
ما الذي يحوزه ترامب؟، وهل يواصل بايدن خطته؟. سبق لدونالد ترامب أن فضح بايدن في المناظرة الانتخابية بأنه يحصل على 10./• عمولة على مشاريع غامضة في كييف، ومن أعلن عن خطة الباسيفيك للقيادة من الخلف هو دونالد ترامب، كانت خطته تقوم على تحييد الروس والتفرغ لإسقاط الصين، لكن بوتين أصر على نزع النازية Denazification، فكان رد الصين أن من حق بوتين القيام بذلك لأن الغرب وافق على العملية العسكرية ضد الصين عام 1937 والتي سميت أيضا “العملية العسكرية الخاصة”.
بقي فقط التذكير بأن الاعتماد على الفيروسات لإسقاط الصين هي وسيلة استخدمت في القىن 16، آنذاك ظهر وباء في الصين انتقل الى ايطاليا بسبب تجارة طريق الحرير وانتهت الأزمة بغزو روسيا القيصرية للقرم!!. صدق أرنولد توينبي حين قال درست التاريخ ووجدت أنه كرر نفسه 20 مرة!!. بوتين الذي قال عنه حفكوف أن يشعر بدنو الشيخوخة يرى نفسه بيتر بطرس الأكبر الجديد… في الواقع بوتين أكثر منتقد لغورباتشوف ورهانه على الصين معاكس لحركة عجلة التاريخ، لا يوجد عرض غربي لاقتسام الصين مع روسيا، بل يجب أم تتفق روسيا والصين ضد الأمريكيين حتى تضحي واشنطن بالقارة العجوز. أوروبا هي من سيدفع الثمن هذه المرة وهذه مفاجأة التاريخ والقرن 21 شرط أن يتفكك حلف الأطلسي ناتو ويضعف الأمريكيون…
لذلك، تخطط الاستخبارات الأمريكية لاسقاط الصين لكن ليس قبل تفكيك الاتحاد الأوروبي بالطبع.

انتهى

رابط مقال زيزاك في الانترنازيونالي الايطالية
https://www.internazionale.it/opinione/slavoj-zizek/2022/09/01/amp/gorbacev-morte–union-e-sovietica

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى