أحوال عربيةأخبارأمن وإستراتيجية

البراعة العسكرية للمقاومة الفلسطينية و قدراتها التكتيكية

احمد الحاج
درج العرب وهم أهل البلاغة والفصاحة على اختزال الكلمات ببعض الحروف الأساسية المستلة منها بغية تقليل المباني مع إيفاء المعاني ونحتها نحتا فعليا أو اسميا أو وصفيا أو نسبيا للاختصار مع الدلالة على الكلمات الاصلية بعبارة قد تبدو غريبة على الأسماع حين تطرقها لأول وهلة،وربما ثقيلة أو طريفة أو غير مفهومة حتى يألفها الناس بمرور الوقت لكثرة تكرارها واستخدامها نحو ” حيعل ” بمعنى ” حي على ” ، و” حوقل ” بمعنى ” لاحول ولا قوة الا بالله ” ، و” بسمل ” أي قال ” بسم الله الرحمن الرحيم ” و ” هلل ” أي قال ” لا اله الا الله ” و ” دمعز ” بمعنى ” دام عزك ” وهكذا دواليك .
وإذا كانت عبارة(صنع بسحرك ) قد ميزت نغمات الاذان التي تخلب الألباب من مآذن أشهر المساجد المصرية والشامية والعراقية والتركية على مدار قرون حيث اختزلت العبارة الانفة ومن خلال نحت الحروف الأولى ، مجموع مقامات الأذان الأشد جذبا، والأبعد أثرا ولاسيما اذا ما صدحت بها حناجر مؤذنين يتمتعون برخامة الصوت، وقوة الاداء، فالصاد = (مقام الصبا) ،والنون = (مقام النهاوند) ، والعين = (مقام عجم) ، أما الباء فـ (مقام البيات) ،والسين (مقام السيكاه) ، والحاء (مقام الحجاز) ،والراء (مقام الرست ) اضافة الى الكاف (مقام الكرد) ولكل مقام مقال كما قيل ويقال ، فلا غرو وبمقاربة نحتية معاصرة أن عبارة (عش مغصا سطرك وكواك وأرهقك ليطردك) والتي أجزم سماعك اياها للمرة الأولى في حياتك،قد أذلت جيش الاحتلال الصهيوني، ومرغت أنف قادته وألويته وفرقه بالوحل وكأنك بلسان حالهم جميعا يردد رائعة المتنبي :
لا تحقرن صغيرًا في مخاصمة …إن البعوضة تدمي مقلة الأسد
وإذا كان جيش من الوعول بقيادة أسد ،أفضل من جيش من الأسود بقيادة “وعل” على قول نابليون بونابرت ، فما بالك بجيش من الاسود يقوده أسود أمثالهم، يقاتل ضد جيش صار أضحوكة الداخل والخارج برغم عدته وعتاده بعد أن تحول الى قطيع من الوعول يقودهم – نغل ،بمعية صخل ، بصحبة بغل – الأول يدعى نتنياهو ،والثاني بيني غانتس، والثالث يوآف غالانت،يصدق فيهم جميعا قول الأعشى :
كناطح صخـــرة يـومــا لـيـوهـنـهــا…فــلــم يضرها وأوهى قرنه الوعل
هذا الفحوى الخالد الذي سبق وأن أسقط “فلسفته”على الحروب القائد العسكري الأشهر في التاريخ ،وأعني به الصيني “سون تزو” في كتابه ذائع الصيت “فن الحرب” خلال القرن السادس قبل الميلاد والذي تناول في فصوله الـ 13 أنجح استراتيجيات الحروب ، وأنجع فنون وتكتيكات المعارك ، وبما يصلح تطبيقه لقرون طويلة مقبلة بصرف النظر عن طبيعة الاسلحة المستخدمة أو كثرة الجيوش من عدمها فالكتاب يناقش” فن وروح وفلسفة القيادة والحرب الناجحة” وبما يفلح وفي حال تطبيقها جيدا “بتحويل جيش ضعيف العدة ، قليل العدد ” الى ” صخرة كؤود ” أمام جيش عرمرم ليحطم كبريائه، وينتزع مخالبه ، ويخلعه انيابه ،محولا إياهم ضباطا ومراتب الى مجرد وعول خائفة حائرة تتحطم قرونها تباعا في كل مرة يعيدون فيها الكرة للانقضاض على الخصم العنيد الذي تحول الى صخرة صماء تجيد فنون التموضع والاستدراج ، تدمن عنصري المبادرة والمفاجأة ، تتقن التكيف مع البيئة التي تقاتل وتتحصن فيها، تحسن ايجاد البدائل وفقا لمجريات المعركة على الارض، تبدع في الحرب الاستخبارية والاعلامية والنفسية، تحافظ على مواردها الشحيحة قدر الامكان ، تبرع في فنون الهندسة العكسية لتحول غنائم العدو الى سلاح جديد فتاك مصنع محليا ضده يحمل اسماء شهدائها ورموزها ومقدساتها للامعان في اذلال العدو وهزيمته عسكريا ومعنويا “، والأهم من ذلك كله وبعيدا عن “تزو”وقواعده الحربية الرائعة ، هو ايمان هذا الجيش الراسخ بعقيدته ورسالته ومقدساته وأرضه وشعبه ” الى الحد الذي يسقط فيه أحدهم جريحا في أرض المعركة كما حدث مع الشهيد تيسيير ابو طعيمة ،وهو أحد أفراد كتيبة الحُفّاظ ، وإمام مسجد فلسطين في غزة ،ليسجد شكرا لله تعالى على ما أصابه من جراح خطيرة بغياب المسعفين كليا لحين استشهاده أمام الكاميرا – وأية كاميرا ؟ إنها كاميرا طائرة العدو المسيرة – التي صورته أولا بأول لتبشر الداخل الصهيوني بمقتل مقاوم جديد ، فما كان من هذا المقاوم إلا أن قلب المعادلة التي يريد تسويقها الاحتلال رأسا على عقب فصار ترندا يستشهد به كدليل صارخ على الصمود والبطولة والشجاعة والايمان الراسخ في كل المواقع والمنصات وبما دفع كوريا الجنوبية لمحاكاة “هجوم مماثل لطوفان الاقصى” وكيفية التصدي له في حال قامت بمثله عدوتها وجارتها اللدود كوريا الشمالية الأمر الذي أغضب الكيان وأثار استياءه ،وهذا عين ما يحدث في قطاع غزة منذ السابع من اكتوبر 2023 وحتى كتابة السطور،حيث تمكنت ثلة من الشجعان الصامدين من هزيمة جيش يصنف ضمن أقوى 18 جيشا في العالم بحسب موقع “غلوبال فاير باور” بـ حجم انفاق عسكري يبلغ أكثر من 23 مليار دولار سنويا، وبواقع 2200 دبابة أبرزها الميركافا ،ومئات العربات والمركبات المجنزرة والمدرعة وأشهرها “عربة النمر”، زيادة على مئات المسيرات والراجمات والمدافع المقطورة وذاتية الحركة وما يقرب من 601 مقاتلة ومروحية علاوة على منظومات دفاع جوي تعد الاكثر تطورا حول العالم كالقبة الحديدية ، ومقلاع داود ، ومنظومة باتريوت ، وغيرها من الترسانات البرية والجوية والبحرية الضخمة التي دأبت الولايات المتحدة على سد نقصها، واصلاح خللها،وتعويض خسائرها، وملء مخازنها على الدوام تماما كـ “الفيتو”الذي ترفعه في مجلس الامن دوريا واتوماتيكيا لإجهاض أي مشروع قرار أممي يدين جرائم الكيان لأن رئيسا أمريكيا واحدا لم ولن يتم انتخابه ولا ترشحه ولا فوزه على الاطلاق ،جمهوريا كان أم ديمقراطيا ، من دون أن يمسح اكتاف ،ويقبل ايادي ، ويلعق أحذية اللوبي الصهيوني الامريكي الضاغط ” ايباك” ويخطب وده قبل أن يقف ذليلا كالحمل الوديع وهو يعتمر” الكيباه “أمام ما يسمونه بحائط المبكى !
والآن دعونا نفكك مصفوفة (عش مغصا سطرك وكواك وأرهقك ليطردك) التي أذلت الكيان المسخ وجعلته وترسانته أضحوكة العالم بأسره ونبدأ بـ :
حرف العين ونعني به “عبوات العمل الفدائي” شديدة الانفجار التي يتم إلصاقها في بدن الدبابة أو المدرعة من المسافة صفر لتنفجر بعد مرور 7-8 ثوان مخترقة الدروع لمسافة 60 سم وقد تسببت بتدمير العديد من الآليات المدرعة .
لنثني بحرف الشين ونقصد بها ” شواظ ” وهي عبوة ناسفة فلسطينية انتج منها سبعة أجيال أقواها عبوة “شواظ – 7″ التي تتمكن من اختراق الدروع الحديدية والفولاذ ، وقد لعبت ” بدبابات الميركافا وعربات النمر وجرافات كاتربيلر دي-9، المعروفة بـ دوفي…طوبة ” .
لنثلث بـ حرف الميم ونعني بها “المسيرات” وأبرزها مسيرات “شهاب” محلية الصنع المزودة بإحداثيات “جي بي إس” وبرأس حربي يزن 30 كيلوغراما يصعب اكتشافها حراريا و راداريا ، كذلك مسيرات “الزواري” التي ظهرت للمرة الاولى بمعركة “سيف القدس”عام 2021،وتتميز بصعوبة كشفها راداريا وتستخدم للاستطلاع والرصد وإصابة الأهداف مباشرة ، سميت بالزواري نسبة الى المهندس محمد الزواري ،الذي اغتيل في تونس عام 2016، اضافة الى “الدرون” القادرة على حمل الذخائر والقذائف لإسقاطها فوق الأهداف مباشرة بواسطة أجهزة التحكم عن بعد .
لنربع بـ حرف الغين ونعني به ” الغول ” وهي قناصة فلسطينية مطورة محليا كشف عنها النقاب أول مرة خلال “معركة العصف المأكول” عام 2014 وسميت بـ” الغول” نسبة الى قائد وحدة التصنيع العسكري “عدنان الغول” الذي اغتيل في قطاع غزة عام 2004 ، يبلغ طولها 2 متر،وهي من عيار 14.5 ملم يصل مداها إلى أكثر من كيلومترين، وتعد البندقية القناصة الأطول في العالم متفوقة بذلك التوصيف على القناصة الروسية”دراغونوف”، والقناصة النمساوية “شتاير” !!
لنخمس بـحرف الصاد ( = الصواريخ) التي أقضت مضاجع الكيان ، وأرقت ليله وهي عديدة ومتنوعة بحسب وكالة بلومبيرغ ، و موقع دفاع العرب ، لعل من أشهرها صواريخ القسام التي سميت بهذا الاسم تيمنا بالشيخ عز الدين القسام،قائد ثورة 1936م وهي على ثلاثة أنواع (صاروخ قسام 1) الذي أطلق عام 2001، و (قسام 2) أطلق عام 2002،و(قسام 3) وظهر عام 2005 ، تليها صواريخ ” القدس “محلية الصنع وتتراوح مدياتها بين 7- 22 كيلومترًا،وقد أنتج منها أربعة أنواع هي “القدس 1″ و” القدس 2″ و” القدس 3″ والقدس 4″ ، يعقبها (صاروخ سجيل 55) محلي الصنع الذي أستخدم للمرة الأولى في تموز 2014م خلال معركة (العصف المأكول) ويصل مداه الى أكثر من 55 كم .
كذلك (الصاروخ R160) محلي الصنع واستخدم للمرة الاولى بمعركة (العصف المأكول)عام 2014،يرمز له بالحرف R نسبة الى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي،الذي اغتيل بغارة جوية شمال مدينة غزة في نيسان 2004 ويبلغ مداه 160 كيلومترا .
ولايختلف الحال مع (صاروخ M75) أو”مقادمة 75″ محلي الصنع الذي يبلغ مداه 75 كيلومترا، فيما يرمز الحرف (M) الى الدكتور إبراهيم المقادمة،الذي اغتالته طائرات الاحتلال عام 2003 بمدينة غزة ، كشف عنه النقاب عام 2012 خلال معركة (حجارة السجيل) .
كذلك (صاروخ J80) محلي الصنع المعروف بتضليله للقبة الحديدية وتلاعبه بها – جقة وشبر- أطلق عليه اسم J80 أو”جعبري 80″تيمناً بالقيادي أحمد الجعبري،الذي اغتيل في تشرين الثاني 2012 بغارة جوية في مدينة غزة ، استخدم الصاروخ للمرة الاولى في تموز 2014 ويبلغ مداه 80 كيلومترا.
كذلك ( صاروخ A120 ) محلي الصنع ،الذي ظهر عام 2021 بمعركة (سيف القدس) ويبلغ مداه 120 كيلومترا ويطلق عليه اسم A120 أو “عطار 120″تيمنا بالقيادي رائد العطار،الذي أغتيل بقصف جوي بمعركة “العصف المأكول” عام 2014 ،و يصل مداه إلى 120 كيلومترا، وصاروخ “عياش 250″ محلي الصنع الذي يصل مداه إلى 250 كم ، وسمي نسبة الى ” المهندس يحيى عياش ” .
ونسبع بالألف ونعني بها آر بي جي 29 أو التاندوم وهي قاذفة انبوبية روسية الصنع من عيار 105 ملم، مخصصة لتدمير الدبابات والعربات تستخدم مقذوفات PG-29V المضادة للدروع وبإمكانها اختراقها لـ 100 سم، كما تستخدم مقذوفات TBG-29V وفقا لموقع واي باك مشين .
لنثمن بالسين”سام 18″ وهو صاروخ أرض-جو، روسي الصنع،محمول على الكتف يعمل بالاشعة تحت الحمراء،أما الطاء فهي ( طوربيد العاصف البحري) الذي ظهر أول مرة في معركة “طوفان الاقصى” 2023 وقد اقتبس اسمه من الآية الكريمة في سورة يونس “جاءتها ريح عاصف” .
أما الراء فهي “رجوم” وهي منظومة صاروخية ، محلية الصنع ،قصيرة المدى ،من عيار 114 ملم مطورة عن الكاتيوشا يصل مداها إلى 7 كيلومترات تطلق من منصة أرضية تحمل 15 صاروخا برؤوس حربية زنة الواحدة منها 3 كغم واسمها مستنبط من الآية الكريمة في سورة تبارك (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ).
وأما الكاف فترمز الى ” الكوفية الفلسطينية ” الحمراء والبيضاء ، والتي أصبحت أيقونة التظاهرات العالمية المليونية التضامنية المطالبة بوقف الحرب الاجرامية على غزة فورا ،وادخال المساعدات من جميع المعابر بصورة دائمة ومن دون قيد أو شرط اضافة الى محاسبة مجرمي الحرب الصهاينة ،وكانت الكوفية الفلسطينية وعلى مر عقود طويلة رمزا لمناهضة الامبريالية بدأ تداولها مع انطلاق ثورة 1936م ضد الاحتلال البريطاني،وكانت قبلها غطاء رأس خاص بالبدو والمزارعين ،وأشهر من ارتداها من غير العرب فيدل كاسترو ، ونيلسون مانديلا ، ولاشك أن أشهر من ارتداها من العرب هو ياسر عرفات ، وكان يلفها بطريقة تشبه خارطة فلسطين، وقلده في ذلك كل عناصر المقاومة في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، أما اليوم فأشهر من يرتديها ويتلثم بها هم ” الناطقون الرسميون باسم سرايا القدس ، وكتائب القسام ، وكتائب ابو علي مصطفى “ممن يترقب بياناتهم العسكرية المصورة عشرات الملايين في أرجاء المعمورة .
أما الواو فترمز الى “وحدة الاستطلاع والمراقبة ” التي تتابع عن كثب تحركات الاليات وترصدها أولا بأول ، بينما ترمز الكاف ” الى الكاميرات ” التي تصور وتبث للعالم بأسره تفاصيل العمليات البطولية من جهة ، وتفاصيل الجرائم الصهيونية من جهة أخرى ، وفيما ترفع الصور الأولى من المعنويات وتزيد الهمم، تعمل الثانية على فضح الآلة الحربية الصهيونية التي تستهدف البشر والشجر والحجر بكل انواع الأسلحة المحرمة دوليا .
وأما الواو الأخرى فترمز الى “وحدة الهندسة ” الأبرز في كل الصناعات الحربية الفلسطينية فضلا على مهامها الأخرى المتمثلة بنصب الكمائن وحفر الخنادق والانفاق ،وأما الالف فترمز الى ” الأنفاق” التي يطلق عليها الصهاينة ” مترو غزة” والتي فشل الكيان في العثور على معظمها فيما تحولت المكتشفة منها الى فخاخ لضباطه وجنوده وقد تسبب انفجار أحدها بسحب “لواء جولاني”الخاص من القطاع ، أما الكاف الثانية فترمز الى الكرامة والشموخ الفلسطيني التي أذهلت العالم بأسره ، وأما الواو الثالثة فترمز الى ” وحدة الاعلام ” التي تمنتج وتبث معظم الاحداث وتفاصيل الصناعات العسكرية ، وعمليات إطلاق الصواريخ ، والتدريبات علاوة على العمليات الميدانية وبطريقة مبهرة تفوقت على الدعاية الصهيونية ذاتها من ناحيتي الإبهار والتأثير ، وأما الهاء فترمز الى ” الهاون ” هذه المدافع المتنقلة مختلفة الأعيرة والأوزان التي أذلت جيش الكيان وأقضت مضاجعه، أما القاف ” فترمز قطعا الى ” قاذفة ار بي جي – 7 ” الروسية الأشهر في العالم .
أما الكاف الأخرى فترمز الى منظومة صواريخ كورنيت روسية الصنع ، المضادة للدروع،بمدى يصل إلى 10 كيلومترات وقد حولت دبابات الميركافا ، وعربات النمر والهمر الصهيونية المدرعة الى – حديد خردة -،أما اللام فتؤشر الى ” اللواء والراية ” التي ترفعها الفصائل الفلسطينية المختلفة والمطرزة بشعاراتها وألوانها ورموزها ، وأما الياء فترمز الى ” ياسين 105″ وهي قذيفة صاروخية ذات رأس حربي مزدوج مخصصة لاستهداف الدبابات والمركبات المدرعة يتراوح مداها بين 100 إلى 500 متر وقد استخدمت للمرة الاولى بمعركة طوفان الأقصى، وهي من عيار 105 ملم ،وسميت بالياسين نسبة الى الشيخ الشهيد احمد ياسين ، أما الطاء فتعني ” الطيران الشراعي ” الذي صدم العدو وأذهله، وأما الراء فتعني ” قذائف “RPO-A” روسية الصنع ويطلق عليها “قاذف اللهب” لكونها عبارة عن قذيفة صاروخية حرارية تحتوي على مزيج ناري يستهدف الدبابات والاليات ويحرقها، وأما الدال فتدل على أسلحة الدفاع الجوي وأبرزها صواريخ “متبر1″ تطلق من منصات أرضية،يصل مداها إلى 10 كليومترات،لاستهداف المروحيات والمسيرات على ارتفاع منخفض ، ومتبر كلمة تعني مُهلك ومُدمر وباطل ، والكلمة مأخوذة من الآية الكريمة من سورة الأعراف” إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” .
أما الراء فترمز الى “الرشاش”بأنواعه الخفيف والمتوسط والثقيل ، وهو سلاح المقاومة الفلسطينية الاشهر منذ انطلاقتها الميمونة منتصف ستينات القرن الماضي ولاسيما الكلاشينكوف وفيه انشدوا الكثير وأشهرها :
حين يصيح البروقي ما في عوقي
كلاشينكوفي يسابقني يطير من شوقي
أما الكاف الاخيرة فتعني “كسر إرادة العدو ،وتحطيم روحه المعنوية”من خلال البث المباشر والتسجيلات المتواصلة التي تصل الى الفضائيات المختلفة تباعا ليلا ونهارا والتي تظهر عمليات بطولية من نقطة الصفر وبعضها دون الصفر ،وكيف تحرق الاليات الصهيونية بالجملة مشفوعة بعبارات تؤشر الى مدى الثقة بالنفس نحو “ولعت ..ولعت ” و “حلل يادويري ” لا يقولها الا مقاتلون من طراز خاص واثقون بنصر الله ، يقابلها لقطات أخرى أظهرت التعامل الانساني الذي أبهر العالم مع الأسرى والرهائن وبما جعلهم يثنون على آسريهم خيرا في كل وسائل الإعلام بعيدا عن ” متلازمة ستوكهولم ” وما عبارة ” باي مايا ” منا ببعيد ، تقابلها عبارات غزاوية مؤثرة يلين لها الحجر نحو ” هاي أمي بعرفها من شعرها…تعالولي في المنام، والله بشتاقلكم …بدي أمي تكون عايشة…هذي روح الروح “وغيرها العشرات من العبارات الانسانية التي تفيض عذوبة،وتقطر صبرا والتي فضحت جرائم الكيان من جهة، وزادت من حجم التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني الصابر المحاصر من جهة أخرى ، في وقت لم يحقق الكيان أيا من خططه، فلا هو قد أعاد الرهائن ، ولا هجَّر أهالي غزة الى رفح ، ولا دمَّر الأنفاق ، ولا قضى على المقاومة، بل ولم يفلح في تحريض أهالي غزة ضد مقاومي القطاع أساسا، وكلها تمثل كسرا لإرادة العدو ، وفتا في عضده وبالتالي فإن جيش الكيان يعيش أسوأ حالاته النفسية وهو يتابع جنائزه تترا ، ويراقب تقاطر نعوشه ،وتخلف الالاف من جنوده عن الالتحاق بالخدمة العسكرية ، وهروب المئات منها، وانتحار آخرين ،زيادة على الانهيارات النفسية ما بعد الصدمة ، وقلة الايدي العاملة ، والانهيار الاقتصادي ، والادمان الدوائي والكحولي وتعاطي المخدرات ، وقتل جنوده نتيجة الارتباك بعضهم بعضا بالخطأ وبما يسمى ” النيران الصديقة ” فيما يعاني مئات من مقاتليه من التهابات المسالك البولية والمغص المعوي الحاد نتيجة التلوث والتوتر والقلق والشد العصبي علاوة على الاصابة بالعمى والعقم، وتفشي “بكتيريا الشيغيلا”المسببة للزحار، وانتشار العدوى الفطرية الغامضة التي ادخلت العشرات غرف العناية المركزة بينما قتلت بعضهم ، زيادة على انتشار مرض الليشمانيا التي تنقله ذبابة الرمل ، بين الجنود والضباط ممن يقاتلون في غزة ، وفقا لصحيفة “جيروزاليم بوست” وصحيفة معاريف ، وصحيفة “يديعوت أحرنوت” وكأن الارض ومن عليها كلها تقاتل ضد الاحتلال وتنتقم منه على جرائمه النكراء التي لن تسقط بالتقادم على الاطلاقة .
ولله در احمد شوقي القائل في فلسطين :
يا بلادَ النورِ يا مهد النبوة … أزِفَ النصرُ فلا تستسلِمي
لم تزلْ في أُمّتي بعضُ فتوة … تنسج الأنوارُ رغمَ الظُّلَمِ
اودعناكم اغاتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى