لست وحدك في الساحة
إن أي فكر عدائي مشحون بالأحقاد، لا يبني وطنا ، و لا يصنع نهضة؛ خصوصا إذا
استشرى ذلك بين النخب المثقفة التي تدعي الدمقرطة و الانفتاح، و تلبس ثياب التمدن و
هي عارية من كل قيم التحضر و التمدن.
إن معيار التحضر الوحيد يبدأ بقبول الآخر، يبدأ بقبول التنوع الطبيعي ، إن معيار الوحيد
للتحضر ، الرضى بحكم الأغلبية، و احترام أراء الأقلية العددية، إن المعيار الوحيد
للتحضر، الالتقاء على الجوامع المشتركة، إن المعيار الوحيد للتحضر أن نقر بمبدأ التنافس
من أجل خدمة المصلحة العامة ، إن المقياس الوحيد للتحضر أن ننبذ الجهوية المقيتة و
العرقية المفرقة ، إن المعيار الوحيد للتحضر أن نرفض أسلوب المغالبة و فرض الرأي
بالقوة .
إن معيار التحضر في اعتقادي هو بسط أسلوب التسامح و التغافر و التقارب بين أبناء
الوطن الواحد، و إن أسلوب التحضر أن نعيش في كنف البيت الواحد على اختلافنا و تنوع
أعراقنا و اختلاف مشاربنا الفكرية. .
إن تكريس مبدأ إلغاء الآخر يعد من أكبر المشكلات الكبيرة في مجتمعاتنا المعيقة لأي
تقارب .
تعد حاجتنا اليوم لتجميع القوى الحية للمجتمع بكل مشاربه حاجة ملحة للخروج من النفق
المظلم، الذي صمام أمنه، وحدتنا، و جمع كلمتنا.
و لا يكون ذلك إلا بـ :
فك الشحنات السلبية المغذية للتفرقة بين أبناء الجسم الواحد بنبذ التعصب للولاءات
العصبية التي تغذيها أطراف الأزمة المستفيدة .
بناء جسور التواصل المطمئن الذي يبني للثقة المفقودة بين السلطة و المجتمع؛ في إطار
مشروع المواطنة، الذي تتفاعل فيه كل مكونات المجتمع تلتقي من أجل النفع العام.
فتح المجال للكفاءات و إشراك مساهماتها وفي البناء الوطني دون إقصاء بسبب قناعة
فكرية أو وجهة نظر أو اجتهاد مؤسس.
و في الأخير علينا أن نعتقد عقيدة جازمة أن أزمتنا لا يستطيع حلها فريق واحد بمفرده، بل
الحل أن تلتقي كل تلك العوامل في خندق واحد تحت شعار (الوطن يحتاج كل أبنائه.)
الأستاذ حشاني زغيدي