في الواجهة

الفقراء الدول الفقيرة و التكنولوجية الممنوعة !

 
سنان سامي الجادر
رُبما سيقول البعض بأن الفَقير لايمتلك ذَهباً ولاجواهِر, وإلا فأنه لن يكون فقيراً!
ولكن هذه هي حَقيقة الدول الفَقيرة والتي تُسمّى بالناميّة فكثير منها تَمتلك كُنوزاً من الموارد الطبيعيّة التي وهبها لَهم الخالق الكَريم. ولكن في هذا العصر الذي تَتحكّم فيه الدول القويّة أو التي نُسميها بالإستعماريّة, بكافّة مفاصل الحياة والسياسة في الدول الفقيرة, ومن أهمها هو أن تَمنع هذه الدول من أمتلاك الصناعة التي تُمكّنها من أستغلال مواردها الطبيعيّة لصناعة المنتوجات, ولكن يُسمح لها فقط بأن تُنتج المواد الخام ولايُسمح لها بالإستفادة منها في الصناعة ولاحتى أن تَمتلك التكنولوجيا التي تُمكنها من تطوير إنتاجها كما تُريد, ولهذا فهي تَستمر في ظل الحاجة والعبوديّة لتلك الدول الصناعيّة المُتقدّمة.
وهذا يَقود إلى أن تبقى الدول المُنتجة تُعاني من الفَقر, الذي يَرتبط على الدوام بإنخفاض سعر المواد الخام التي تمتلكها, مُقارنة بالقفزات الكبيرة في أسعار المنتجات التي يتم تصنيعها من تلك الخامات بعشرات ومئات المرّات.
فمثلا بالنسبة للنفط فأن الطَنْ المُصنّع منه تَبلغ قيمته عشرات أضعاف قيمة طن النفط الخام مع أحتساب تَكلُفة التصنيع, وعليه فلا يُسمَح للدول المُنتجة للنفط من أمتلاك مصافي مُتطوّرة تستطيع من خلالها أن تبيع المُنتجات النفطيّة أكثر مما تبيع النفط الخام, وتجسيداً لذلك فبَعدَ إحتلال العراق عام 2003 تم تَدمير حتى المصافي التي نَجَت من الحرب المُدمّرة.
وبالنسبة للتكنولوجيا العالية وعلى سبيل المثال, فأن تَكلُفة المواد الأوليّة لتصنيع القمر الإصطناعي هي رُبما بضع مئات من الآلاف من الدولارات وبضمنها التَكلُفة البشريّة, بينما تَبلُغ قيمته حوالي مئات الملايين من الدولارات, وبالنسبة لتكلفة الصواريخ الحاملة لها, فيتم تضخيمها آلاف المرات لتصل إلى مئات الملايين من الدولارات, ولكي تبقى حِكر لتلك الدول بسبب إمكانية أستخداماتها العسكرية, وهذا كان من أهم أسباب حرب الخليج الأولى 1990-1991 بعد أن نَجَحَ العراق بإطلاق صاروخ العابد الحامل للأقمار الإصطناعيّة, مما أستدعاهم للإيقاع بالرئيس العراقي ليَحتل الكويت فيُدمّرونه, فهم يَعرفون جيداً ردود أفعاله وبالتالي يوجّهونه دون أن يَعلم (مصدر).
لقد كانت السياسة الإستعماريّة للدول المُسيطِرة وتَدخُّلها السياسي المُباشر في أنظمة الدول ذات المصادر الطبيعيّة عبر أجهزة المُخابرات والعمليات العسكريّة وحروب الوكالة, هو الذي يُجيب عن تساؤلات كثير من المثقفين الشرقيين عن السبب الذي تعيش فيه شعوبنا لهذه الفجوة الحضاريّة الكبيرة وسوف تبقى فيها مُستقبلاً. وحيث أنّ الإعلام الذي تَمتلكه نفس تلك الدول المُسيطرة يُحاول بأن يرمي السبب على التخلّف الذي تعيشه شعوبنا, أو على أفكارها الدينيّة أو كونها شعوب غبيّة أو فاسدة وبأنها لاتنتمي للشعوب المُتحضّرة! بينما يتناسون بأن تلك الشعوب وأولها العراق كانت السبّاقة مُنذ آلاف السنين في الحضارة الإنسانيّة وعاشت فيها لآلاف السنين, في حين عاشت أوروبا العصور المُظلمة والتخلّف المُجتمعي والديني ولغاية الثورة الصناعيّة مُنتصف القرن الثامن عشر!
ورُبما يكون سَبيل الخلاص الوحيد للشعوب المظلومة, هو بتكوين القاعدة الإيديولوجيّة المُخلصة للبلد الذي تنتمي له بعيداً عن التشرذُم والتَفرقة الدينيّة والعرقيّة التي يَلعب عَليها الإستعمار, وبعد ذلك تستطيع هذه المجموعة بأن تُنظّم نفسها بمؤسسات حقيقيّة تُبنى على أختيار الأفراد الأكفّاء, ومن ثُمّ الدخول في تحالُفات مع القوى العالميّة الصاعدة والبعيدة جغرافياً والتي قد تكون أقل ضرراً, لمُقاومة الإستعمار الغربي الحالي بكافّة الوسائل, والذي سوف ينتهي فقط بزوال جميع ثروات تلك الشعوب المُستعبَدَة.
مصدر
مقالة: الذكاء الإصطناعي وإنتخاب الأغبياء, سنان سامي الجادر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى