كيف يمكن أن تتطور لتصبح.. حمارا!

زيد شحاثة
رغم مظلومية هذا الحيوان المسكين ” الحمار” فهو صار محلا للتندر والإمتهان وتقليل القيمة, رغم كل ما يتحمل من أعباء ومسؤوليات,
أقلها ما نحمله إياه من أثقال فوق ظهره.. ورغم كل ذلك فهو صبور جلد لا يشتكي ويقبل بأي قوت يمنح له, ومع ذلك فهو صار مقياسا
للغباء المطبق!
ما علينا من الهرطقة السابقة فهذا ما وجدنا عليها أبائنا.. ولنرى السب الناجعة والناجحة بأحدهم, ليتطور ويصبح “فذا” لدرجة يمكن ان
يقال عنه أنه حمار!
لن تحتاج لأن تنمو أذنيك وتصبحا طويلتين لتكون حمارا, فيكفي أن تقود سيارتك بطريقة مجنونة ضاربا عرض الحائط كل قوانين السير
وقواعده, بل وتدور يمينا وشمالا دون إشارة أو تنبيه, متشبها بمن يقود سيارته في الصحراء لوحده, فهذا سيطابق الحمار في تصرفاته,
بل سيكون وكأنه حمار يركب حمارا!
لن تضطر لإمتلاك قدرة عالية بالنهيق لا يقدر عليها حتى “الحمار” عندما تتصور نفسك عالما وطبيبا ومهندسا ومعماريا, بل وربما
أحيانا محللا سياسا أو زعيما أو قائدا, وربا تترقى فتتوهم نفسك مرجعا فكريا أو فقهيا, فتقوم بتقديم الأراء والإستشارات وربما الفتاوى
العلمية والدينية حتى, وفي حقيقتك أنك لا تجيد حتى تناول طعامك بشكل لائق, وربما يكون “الحمار” وهو يتناول علفه, أكثر تحضرا
وذوقا منك!
قد يتفوق بعظهم أكثر من ذلك, وبمراحل لن يستطيع ” حمارنا” الوصول إليها مهما “إستمطى وأستحمر” فيكون مطية لغيره بالحرام,
فيسرق وينهب ويختلس ويزور, ويفعل كل ما يلزم ليغتني سيده, وما يهمه فقط أن يبقى في منصبه, وبعد أن تستنفذ أغراضه ويحترق
كورقة بائسة, يستغنى عنه بأبخس الاثمان, وهنا هو قد يتساوى مع “حمار أعرج”.. لا أكثر.
المستوى الأخطر الذي قد يصله بعضهم, في محاولته التشبه ” بالحمار” هو عندما يقوم بشتم الحكومة وكل أحزابها, ثم يدافع عن شخص
أو جهة فاسدين رغم علمه بفسادهما, بل ويقدسهما ويستقتل بالدفاع عنهما.. أو عويله وشكواه ليلا ونهارا, من فشل الحكومة في تقديم
ما يريده من خدمات, وعندما يأتي يوم الإنتخابات, وتتاح فرصته في التغيير, يذهب ليصوت لفاسد أو فاشل, أو ربما أسوء من ذلك فيظل
نائما في بيته, ينتظر أن يحصل التغيير من تلقاء نفسه, كنتيجة لجهوده “الجبارة” في شتم الحكومة, وهو لا يعلم أن نهيق “حمار” أكثر
تأثيرا على الحكومة من شتائمه الفارغة!
من المنصف أن نعتذر من هذا المخلوق المسكين, الذي لطالما أتهمناه بالغباء نحن البشر, وجعلناه محلا لإستخفافنا وإستهانتنا, وهو في
حقيقته أفضل من كثير ممن يدعون أنهم “بشر” فتلك الصفة كثيرة عليهم جدا.. فهم لم يتطورا بعد أو يترقوا, ليحق لهم أن يوصفوا بأنهم
” حمير”..
ما يحير حقا هو إيجاد توصيف لأمثال هؤلاء وكثيرين غيرهم, فهم أقل من أن يكونوا حميرا, فماذا يمكن أن يكونوا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى