رأي

دول نامية ودول نائمة

محمد حمد

يمكن اعتبار جميع الدول العربية، من المحيط الى الخليج، دول نائمة ورجليها بالشمس، كما يقول المثل. فمنذ أربعة عقود او اكثر ما زالت دولنا العتيدة تراوح في مكانها. ويتم ادراجها في خانة “العالم الثالث” وكانّ الاقدار فرضت علينا ان تبقى هذه الدول في نفس المربع المغلق. ولم تنفع خيرات وثروات امّة الناطقين بالضاد والصاد (ذات الرنين) ان تغيّر فكرة الآخرين عنّا أو عنها. ولم تشفع لنا عمالتنا وانبطاحنا وخضوعنا للاجنبي (الغازي والمحتل لبلداننا) من السير ولو خطوة واحدة الى الامام. والانتقال الى مرحلة متقدّمة بعض الشيء تنال اعجاب الآخرين. طبعا مونديال قطر موضوع آخر.
ان سبب تعثرنا وتلكؤ تطوّرنا هو اننا نخضع لهيمنة تنائية القطب: الدين والانظمة الحاكمة. وكلاهما وجد في الآخر مقوّمات البقاء والاستمرار والسيطرة. وبالرغم من ان الدين ليس بالضرورة سبب مباشر في ابتعادنا عن جادة التطوّر الا أنه استغلّ بشكل لا اخلاقي ولا شرعي ولا حتى ديني، من قبل المتديّنين انفسهم. وتمّ تطويعه واعادة صياغة الكثير من مضامينه ونصوصه لكي تنسجم وتتناسب مع الوضع السياسي الراهن، الذي يصبّ في النهاية في مصلحة الحكّام. فجميع الأنظمة الحاكمة، على مرّ الزمان، استفادت من الدين وجميع الأديان استفادت من الأنظمة الحاكمة.
والحاكم العربي الذي وصل الى السلطة بقوة المال والسلاح او بالوراثة. لا يمكنه التخلي عن التزاماته (كعميل فوق العادة) للدول الكبرى التي حرمته من نعمة التفكير بشكل سليم، واتخاذ القرارات الصائبة في مصلحة ابناء شعبه. لان وجوده الخالي من الشرعية في السلطة، يجعله دائما رهين املاءات وشروط
رب نعمته المتواجد، اما في واشنطن واما في لندن.
هناك دول صغيرة وبامكانيات متواضعة، تعمل بهدوء وبعيدا عن الأضواء. اتخذت من الانسان راس مال حقيقي (الانسان اثمن راس مال كما قال ماركس) وبالتالي وظّفت كل الجهود وعناصر النهوض من اجل تفجير طاقات البشر ونوجيه كل إبداع او ابتكار نحو النجاح والتفوّق. واصبح لها شان مميّز بين البلدان.
ان مشكلتنا الاساسية هي اننا نعيش في الماضي ثلاثة ارباع زمننا الحاضر. ونرهن بالغيب كل حركة او تصرّف او عمل. وكل خطوة مهما كان الهدف منها, نرفقها بعبارة “ان شاء الله”. وهذه العبارة تتكرر أحيانا لأكثر من مرّة في الجملة الواحدة. خصوصا عند العراقيين. الى درجة اننا جعلنا كل امورنا، الصغير منها والكبير، رهن طرف آخر: الله…دولة خارجية او نظرية المؤامرة…الخ. نتفاعل مع الأحداث التي تخصّنا جميعا كمتفرجين عبر سياج حديدي واطيء.
كما فعلنا في مونديال قطر لكرة القدم. بينما يخوض الآخرون بهمة ونشاط وحيوية غمار الاحداث، ولو خطوة خطوة، نحو التقدم والرقي والمستقبل السعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى