أخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

ضرب الكرملين بين الغموض الاستراتيجي و التفاهمات الكونية

د. محسن عقيلان

قبل البدء في الحديث عن المسيرتين فوق مبنى الكرملين صباح الاربعاء السابق . هناك تساؤلات كثيرة فرضت نفسها . من اين انطلقتا . اذا من الاراضي الاوكرانية فحجمهم لا يتناسب مع طول المسافة و اذا انطلقتا من داخل روسيا فهذا يثبت وجود اذرع لاوكرانيا على الارض الروسية . و من حيث طريقة اسقاطهما لم تتضح . اذا من خلال الدفاع الجوي المحيط بالكرملين ام تم تفجيرها داخليا بصفة متعمدة قبل وصولها للمبني من خلال المشغل . ام تم السيطرة عليهما الكترونيا و التخلص منهما عن بعد . و التساؤل الاخر حجم الحطام القليل و عدم تضرر قبة البرلمان . كل تلك اسئلة تحتاج لاجابات . لكن ما يهمنا الان هو ردة الفعل الروسي و طريقة الرد . و ربط ما سبق بما ورد في تسريبات وثائق وزارة الدفاع الامريكية البنتاجون و تصوراتها لوقف الحرب في اوكرانيا عن طريق ضرب الكرملين . و التخلص من بوتين او التخلص من زيلينسكي و التساؤل الخطير هل حقا هناك توجه لتنفيذ تلك التسريبات . ام كل ما ذكر تفاصيل وان ما يجري من تحت الطاولة اخطر واعمق بين القوى العالمية .سنؤجل الاجابة بعد الانتهاء من تحليل الضربة .

في اعتقادي اذا كانت كييف من ضرب الكرملين فهناك رسائل ارادت ايصالها تضاف الى الغموض الاستراتيجي من طرف كييف بعدم الاعتراف و الاحتفال بها داخليا فقط . و اذا كانت بدون علم امريكا فهذا تكتيك اوكراني خطير ستحاسب عليه . و اذا بعلمها فهناك رسائل امريكية اوكرانيا مشتركة .

واذا كانت بعمل داخلي من روسيا من المعارضين للحرب فالامر صعب على بوتين . و اذا كانت من الداخل بتحريض اوكراني فاذرع اوكرانيا طويلة في الداخل الروسي .

واذا كانت عمل امريكى كامل فهو خروج عن النص و لنستعد للمواجهة . و اذا كانت الخطة امريكية و التنفيذ اوكراني فقد تم ايصال رسائلهما المشتركة.

بعد كل ما ذكر ما هي خيارات روسيا للرد .

١ رد عنيف بضربات نووية تكتيكية لتدمير كييف و المنشأت الحيوية وشل القيادة . و هذا امر مستبعد لتعارضه مع سياسة روسيا الباردة للرد .

٢ تنفيذ التكهنات والمطالبات باغتيال زيلينسكي وهذا يتعارض مع التصريح العلني لرئيس وزراء اسرائيل الاسبق باخذ تعهد من بوتين بعدم قتل زيلينسكي.

٣ جر موسكو لطاولة المفاوضات بسقف مطالب اقل من السابق وهذا صعب على مستقبل بوتين السياسي امام شعبه .

٤ احتفاظ موسكو بوتيرة الحرب الحالية وتجرع الضربة و زيادة عدد الضربات بالمسيرات الانتحارية . وهذا الاحتمال الاقرب للصواب

ولكي نجيب على تساؤل ان الضربة تمت بدون موافقة امريكية سيكون التكتيك الاوكراني خطير و مكشوف بغرض تسريع المواجهة الشاملة . و توريط امريكا بحرب مباشرة و مدمرة .

لكن لو تمت بعلم امريكي سيكون هناك اكثر من تحليل .

الاول ان امريكا تريد ارسال رسالة ان كييف تمتلك اسلحة حديثة و منظومات تشويش و تخفي متطورة تستطيع الوصول لغرفة نوم بوتين . اما التحليل الثاني المتشائم ما ربطوه بتسريبات الوثائق الامريكية و السيناريوهات الاربعة لانهاء الحرب . و احد هذه السيناريوهات هو التخلص من زيلينسكي .

لكن ماذا لو كانت الضربة من صنع روسي مخابراتي لتكون مبرر لضربة روسية شاملة و مبرر لاغتيال زيلينسكي .

رغم كل ما سبق الحرب الروسية الاوكرانية طالت و الخسائر من الطرفين كبيرة و لايوجد بصيص امل لانهاء القتال . و تأثيرات الحرب على العالم اجمع واضحة . اذا يجب ان يكون هناك طريقة ما للتعجيل بانهاء تلك الحرب المدمرة لجميع الاطراف لكن لا يوجد نقاط ممكن الالتقاء عندها . روسيا ضمت القرم في ٢٠١٤ والان تجتاح اقاليم شرق و جنوب اوكرانيا و اعترفت باعلان استقلال الاقاليم الاربعة لوغانسك ودونيتسك وخيرسون و زابوريجيا . اما من الجانب الأوكراني فهناك رفض بفكرة التفريط باي شبر من اراضيها و الناتو لا يريد مواجهة مباشرة مع روسيا . اذا ما الحل . حسب سير الاحداث وطريقة و حجم و توقيت و نوعية المساعدات العسكرية . بدأنا نشعر ان هناك تفاهمات غير مكتوبة بين الاقطاب الدولية امريكا و الصين و روسيا بعدم المواجهة المباشرة و تقاسم مناطق النفوذ في العالم . حسب القرب و البعد و الاهمية الجغرافية الاستراتيجية لاحد الاقطاب و حجم الخسائر المتوقعة في الارواح و حجم المعدات المحرمة داخل المنطقة المستهدفة . و امكانية التفاهم الغير مكتوب على المقايضة بين المناطق المتنازع عليها تبعا لنسبة اهميتها لاحد الاقطاب . و هذا ما سنراه في الحلول القادمة في كثير من الملفات الساخنة مثل اوكرانيا و سورية و اسرائيل و فلسطين و ايران و السودان و ليبيا و تايوان و مناطق اخرى لا يتسع المجال لذكرها . كل ذلك بخسائر مقبولة مع وجود عمليات جراحية اذا لزم الامر لمنع اي مواجهة نووية لكن اذا لم يتم صياغة نظام عالمي جديد فالمواجهة النووية اتية لا محالة

الكاتب / باحث في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى