كتاب إدارة التوحش … الكتاب الذي يجب على كل مثقف أن يقرأه
إقرأوا هذا الكتاب:
هذا الكتاب الذى نعرض له، واحد من أهم وأخطر الكتب التى نُشرت هذا العام، إن لم يكن الأهم والأخطر، وهو كتاب يتوجب على كل مثقف وسياسى، وعسكرى وصانع قرار، على كل المستويات، بل وعلى كل مواطن عادى، يريد أن يعيش فى سلام، وأن يحمى وجوده ووجود أسرته، وأن يدرأ عن بيته وعائلته، غوائل الشر والهمجية، والخراب واَلتوحش، أن يقرأه بعناية وتدقيق، وأن يفكر فيه بعمقٍ وتروٍ، لا بهدف الشجب والإدانة ، وصب اللعنات والإهانة، بل بدواعى الفهم والاستيعاب، والتدبر فى كيفية الرد على رؤى وتحركات أصحاب هذه الأفكار المجنونة، الملتذة بسفك الدماء، وإشاعة الترهيب والذعر فى مختلف الأنحاء!.
كتاب غير كل الكتب!
والمؤكد أن كتاب “إدارة التوحش”، ليس من نوعية الكتب التى تُقتنى لكى تُزين بها المكتبات، أو تصلح كأداة للتظاهر بالعلم، وادِّعاء الثقافة، والمباهاة بالمعرفة. إنه كتابٌ مُقلقٌ. يُطير النوم من العيون، ويُرجف الوجدان، ويهُز القلوب، ويفرض التفكير العميق، لأنه يناقش مالا يصلح التراخى بشأنه: الحياة!… حياة الشعوب والأوطان. الجماعات والأفراد، حياة الإنسان بعامة، والحضارة البشرية بمجملها، التى يُنَظّرُ كتاب “إدارة التوحش” لمرحلة شديدة الحرج من مراحل مسيرتها الإنسانية.
والذى يثير الدهشة، (ولم الدهشة!)، فى هذا الكتاب، الصادر باسم حركى: “أبو بكر الناجى”، الذى نتحدث عنه، أمران:
الأول: أنه مكتوب فى تاريخ قديمٌ نسبياً، بعد”غزوة نيويورك”، أى واقعة تفجير برج التجارة العالمى، فى 11سبتمبر 2001.
والثانى: أنه تُرجم ونُشر بواسطة “وزارة الدفاع الأمريكية”، (البنتاجون)، وهو أمر يثير عشرات علامات الاستفهام، حول الهدف من ترجمة ونشر وتوزيع مثل هذا الكتاب، وإتاحته على مواقع شبكة التواصل الاجتماعى، الإنترنت”، للمسلمين كافة!.
“داعش” حاجة أمريكية – إسرائيلية!
– ويلفت النظر، فى البداية ما التقطه الباحث العراقى المتميِّز،”فاضل الربيعى”، من أوجه التشابه والتماثل، بين كل من “مشروع داعش”، وبين “المشروع الصهيونى”، إن كان لجهة سعى كليهما لتأسيس دولة “دينية”: “الدولة اليهودية” فى الحالة الصهيونية، و”دولة الخلافة الإسلامية”، فى حالة “داعش”!، أو لجهة اصطناع أرض موعودة: “أرض الميعاد”، لليهود، من جهة، و”أرض الخلافة”، للمسلمين، من جهة أخرى!.
– وفى الحالتين، يتم إنشاء الكيان المقترح على حساب مصالح الملايين الغفيرة من مواطنى “الأرض الموعودة”: أصحاب الأرض من الفلسطينيين العرب، فى حالة “الدولة الصهيونية”، ومواطنى سوريا والعراق ومصر والأردن، وغيرها من الدول العربية، من جهة أخرى!.
– كما أن التشابه يطال، إلى ذلك، ارتكاز الفكرتان على أساس عنصرى طائفى لا تخطئه عين خبير، فكلاهما، “الحركة الصهيونية” و”داعش”، ينطلقان من نظرة استعلائية، تتصور أنها محط “الاصطفاء الإلهى”، حيث يعتبر الطرف الأول فيها أنهم ” شعب الله المختار”، بينما تنطلق “داعش”، من اعتقادٍ أنها “خير أمة”، وأنها “الفرقة الناجية”، وما عداها من فرق (إسلامية) على ضلال مبين!.
– وكما أن “الحركة الصهيونية” لم تضع حدوداً لأطماعها فى بلادنا، إلا الحدود التى تتوقف عندها مدرعات “جيش الدفاع!”، فحركة “داعش”، لا تتوقف عن الامتداد لقضم كل مايمكن هضمه، من أراضٍ هنا أو هناك!.
– وكذلك فكلا المشروعان يستندان على نزوع داخلى للقتل الطائفى، والترويع والاغتصاب، ويعتمد كل منهما على عمليات التطهير العرقى، ويستخدمان القوة الغاشمة، ويُمنهجان التخويف وأساليب الترويع، ويعتمدان سياسة “الحد الأقصى من العنف”، للتأثير على معنويات الخصوم والأعداء، فى حين لا تأخذهم أدنى شفقة تجاه مايُسببه هذا المشروع من ألام قاتلة، ومآسٍ مدمرة لمئات الآلاف من فقراء الشعب والوطن!، ومافعلته العصابات الصهيونية، مثل الهاجاناه”، و”شتيرن” وغيرها، فى القرى الفلسطينية، كـ “دير ياسين”، و”كفر قاسم”، من قتل للرجال، وبقر لبطون الحوامل من النساء، وتنكيل بالموتى، هو ذاته مافعلته وتفعله “داعش”، فى الكثير من مناطق سوريا والعراق ولبنان وغيرها، من حرق وتدمير وجز للرقاب، وغيرها من أشكال وألوان الترويع والترهيب!.
إن الوضع على هذا الحال، يُشير إلى أن الدولة الصهيونية، كانت من أوائل الممنتفعين من إعلان تكوين “داعش”. إنهما وجهان لعملة عنصرية واحدة، حيث قدمت الأخيرة مسوغات وجود، وضرورة استمرار”الدولة اليهودية”، فى مواجهة (همجية) المسلمين، لقد وفرت “داعش”، بسلوكها اليومى، أكمل برهان، كما يقول “الربيعى”، على أن: ” الدولة الإسلامية فى الشام والعراق، هى حاجة أمريكية ـ إسرائيلية لتبرير وجود الدولة اليهودية” !.
الكل باطل !
ولا يرفض تنظيم “داعش”، كما يظن البعض مخطئاً، “الآخر” الفرنجى، أو “الصليبى”، أو العلمانى، أو ابن الطائفة الأخرى، أو مُختَلِف الملّة، … إلخ، وحدهم وحسب، وإنما يرفض قبلهم كل الجماعات والتنظيمات الإسلامية الأخرى، على اختلاف تلاوينها ومشاريبها، بدءاً من تيار”التبليغ والدعوة”، ومايُسميه الكتاب بـ” تيار سلفية التصفية والتربية”، والمقصود به “تيار الصوفية”، فضلاً عن أربعة تيارات أساسية، هى، من وجهة نظر “داعش”:
1. تيار سلفية الصحوة
2. تيار الإخوان (الحركة الأم … التنظيم الدولى).
3. تيار إخوان الترابى.
4. تيار الجهاد الشعبى (مثل حركة “حماس”، وجبهة تحرير مورو وغيرها).
وبعد أن يتم تحليل أفكار ومواقف ونقاط ضعف وأسباب رفض الاعتراف بكل طرف من هذه الأطراف، يتناول الكاتب بالتوضيح جماعة “الإخوان المسلمين”، الذى يرى أنه وإن كان ثمة تشابهات بين المشروع “الداعشى”و”مشروع الإخوان”، إلا أن مشروعها مجرد مشروع “بدعى”، أومشروع “علمانى”، مُزيِّف، وقد “مررت الجماعة هذا المشروع “العفن”، على القواعد التحتية من الشباب، من خلال المنهج النظرى المكتوب، والشعارات البرّاقة”!.
ولاينتظر مُنشئ الكتاب مستقبلاً لأى من الجماعات الإسلامية الأربع التى أشرنا إليها، ولا يرى متمسكا بعروة “الشريعة” الوثقى، إلا التيار الخامس الذى ينتمى إليه: “تيار السلفية الجهادية”، التى يوكل إلى كوادرها أمر ما يسميه “إدارة التوحش”!.
“إدارة التوحش”:
أما “إدارة التوحش”، فيُعَرِّفها باعتبارها “المرحلة القادمة التى ستمر بها الأمة”، كنتيجة طبيعية لحالة “الفوضى” التى تدب، عادةً، فى أوصال دولة ما، أو منطقة بعينها، إذا ما زالت عنها قبضة السلطات الحاكمة، وهى حالة تتسم بالتوحش، يعانى فيها السكان فى كل مناحى حياتهم، وعلى تنظيم “القاعدة”، (الذى حل محله تنظيم “داعش”)، أن يملأ الفراغ الناشئ عن غياب السلطات المحلية، تمهيداً لإنشاء “الدولة الإسلامية”، وهو ما يُطلق عليه : “إدارة التوحش”!.
وسيكون على هذه الإدارة الإسلامية للتوحش المرتقب، أن تنهض بمجموعة من المهام الأساسية، فى مقدمتها:
نشر الأمن الداخلى.
توفير الطعام والعلاج.
تأمين “منطقة التوحش” من غارات الأعداء.
إقامة القضاء الشرعى بين الناسي.
رفع المستوى الإيمانى، ورفع الكفاءة القتالية لشباب منطقة التوحش.
بث العلم الشرعى والدنيوى (الأهم فالمهم).
بث العيون واستكمال إنشاء جهاز الاستخبارات.
تأليف قلوب أهل الدنيا بشيئ من المال (رشوتهم!!).
ردع المنافقين بالحجة، وإجبارهم على كبت وكتم نفاقهم.
الترقى حتى تتحقق إمكانية التوسع، والقدرة على الإغارة على الأعداء لردعهم، وغنم أموالهم، وإبقائهم فى توجس دائم وحاجة للموادعة.
إقامة التحالفات مع من يجوز التحالف معه.
النصيحة الذهبية !
والنصيحة الذهبية التى يقدمها الكتاب لعناصر تنظيمه، فى سياق تبنِّى فلسفة “إدارة التوحش”، هو ألا تأخذهم فى القتل والترويع لومة لائم!، لأنه، كما يذكر الكتاب، “أفحش درجات التوحش، أخف من الاستمرار تحت نظام الكفر”!، وهو يعتبر، طبعاً، كل أنظمة العالم، وبالذات أنظمة منطقتنا وأنظمة الدول الإسلامية، أنظمة “كافرة” لابد من تقويضها.ٍٍ
لا يؤمن دعاة “إدارة التوحش” بما يؤمن به الكثيرون من عناصرالفرق المتطرفة خارجهم، الذين يسعون – خلال مراحل”الاستضعاف”ـ إلى التحايل على “الآخرين”، أو حتى خداعهم، مستخدمين سبل الالتفاف والتمويه، فيما يُعرف بـ”التقيِّة”، بل يدعون إلى “المجاهرة” وإعلان النيّة، والعمل على “تسويق”(مشروع)”الخلافة الإسلامية”، واستخدام وسائل الإعلام لإظهار”عدالة القضية”، عن طريق السطوة والترهيب، ولإبراز بطش وهيمنة القائمين على “المشروع”، والمسيطرين على الحكم!.
وقد استقى كتاب “إدارة التوحش” العديد من أفكاره، وبطريقة انتقائية، من مجموع خبرات وكتابات “حروب العصابات”، التى أرستها تجارب شعوب أخرى، فى مواجهة قوى أكبر منها عددا وعدّة، مع التحويرات “الداعشية” اللازمة. فالجيوش النظامية “إذا تمركزت تفقد السيطرة، وإذا انتشرت تفقد الفعالية”، و”الانتصارات الكبيرة هى مجموع الانتصارات الصغيرة”، كما استندت فى التخطيط لتحركاتها على توفير استخبارات فاعلة، أما تكتيكاتها، فاعتمدت تكتيكاتها على نشر الرعب، وإثارة الهلع، واعتماد الشدّة، وسفك الدماء ونشر الترهيب لفرض خضوع الناس، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة، فى تصوير وبث كل العمليات العسكرية، واستعراضات القوة، ومظاهر القسوة والتبشيع والتنكيل بالأسرى، على نحو ما صُنع مع الصحفيين الأجانب، وأخرهم الصحفيين اليابانيين، وحرق “معاذ السكاكنة” الطيار الأردنى، منذ أيام.
إدارة التوحش!(2)*
مصر مُستهدفه: فهل نحن مستعدون؟!
أحمد بهاء الدين شعبان
تناولنا فى العدد السابق الإشارة إلى “مانيفستو” جماعة داعش” الإرهابية، المسمّى : “إدارة التوحش”، وهو البيان الإيديولوجى الذى يفسر آليات حركة الجماعة، ويوضح تكتيكاتها العملية، التى تستهدف من ورائها، وعبرعمليات الترويع التى برعوا فى إخراج مشاهدها الصادمة، كقطع الرؤوس، وحرق الأحياء، …إلخ، إحداث تأثيرات نفسية تثير الفزع فى الأبدان، وتُلقى الرعب فى القلوب، وبما ينتج عنه خضوعا كاملا لإرادة الجماعة، وانصياعا كليا لتعليماتها !.
• جغرافية (مناطق) التوحش:
وبحسب رؤية “داعش”، فقد رشَّحت الجماعة مجموعة من الدول، أو (المناطق) ـ التى يمكن أن تكون دولة أو قسما من دولة، أو حتى مدينة أو قرية أو حى، أو جزءً من مدينة كبيرة ـ التى ينبغى التركيز عليها من قِبل (المجاهدين)، نظرا لتمتعها بشروط مناسبة، وتوافر ظروف مواتية، تسمح للجماعة بالسيطرة عليها والتمدد فى أنحائها، وحتى “لا تتشتت القوة الضاربة لـ (المجاهدين) فى دول لا مردود من وراء العمل المُركَّز فيها”، ومن هذه (المناطق) التى رشحتها “داعش” لمد نطاق حركتها فيها: “الأردن، وبلاد المغرب، ونيجيريا، وباكستان، وبلاد الحرمين، واليمن”، وهو”ترشيح مبدئى” لا يعنى التوقف عند حدوده، لو ظهرت (مناطق) أخرى مؤهلة للخضوع لعملية “إدارة التوحش” الداعشية.
• الوطنية الكافرة!
ولا تُقيم “داعش”، فى هذا السياق، أدنى اعتبار لمفهوم “الوطن”، أو فكرة “الوطنية” ، أو لـ “ضلال دعوة” بعض من تسميهم بـ “قادة الحركات المهترئة”، المنادين بـوجوب الحفاظ على “النسيج الوطنى”، أو “اللحمة الوطنية”، أو “الوحدة الوطنية”، ذلك أن هذا القول، حسب رؤيتها “فيه شبهة الوطنية الكافرة!”، فضلاً على أنهم “لم يفهموا قط الطريقة السنُنية، لسقوط الحضارات وبنائها”!.
• شروط (مناطق) إدارة التوحش:
أما الشروط التى وضعتها الحركة لترشيح هذه (المناطق) كأهداف لممارسة “إدارة التوحش” فيها، فهى :
• وجود عُمق جغرافى وتضاريس تسمح بإقامة مناطق بها تُدار بنظام إدارة التوحش.
• ضعف النظام الحاكم، وضعف تواجد قواته على أطراف الدولة.
• وجود مد إسلامى فى هذه المناطق.
• طبيعة سكان هذه المناطق، وقابليتهم لتوجهات الجماعة.
• انتشار السلاح بها.
• تواجد هذه المناطق فى جهات مُتباعدة مما يؤثر سلبياً على أى قوات دولية معادية تسعى لمحاصرتها.
• مراحل “إدارة التوحش”:
تحدد جماعة ” داعش” فى متن دستورها :”إدارة التوحش”، ثلاثة مراحل متتابعة لقطع ماتسميه “طريق التمكين”.
المرحلة الأولى: مرحلة “شوكة النكاية والإنهاك”،
والثانية: مرحلة “إدارة التوحش”،
والثالثة: مرحلة : ” شوكة التمكين، أو قيام الدولة”.
• مرحلة “شوكة النكاية والإنهاك”
وتتم مرحلة “شوكة النكاية والإنهاك” عن طريق مجموعات وخلايا منفصلة فى كل مناطق العالم الإسلامى ـ الرئيسية وغير الرئيسية ـ حتى تُحدث “فوضى وتوحش متوقعة فى مناطق عديدة بالدول الرئيسية المُختارة، … ثم ترتقى مناطق الفوضى والتوحش إلى مرحلة “إدارة التوحش”، بينما تستمر باقى مناطق ودول العالم الإسلامى بجناحين، جناح الدعم اللوجستى لمناطق التوحش، المداراة بواسطة الجماعة (بالمال ومحطات انتقال الأفراد، وإيواء العناصر، والإعلام .. إلخ)، وجناح “شوكة النكاية والإنهاك للأنظمة حتى يأتيها الفتح من الخارج بإذن الله”!.
أما أهداف مرحلة “شوكة النكاية والإنهاك”، فهى:
• إحداث تراكمات كميِّة صغيرة، تؤدى إلى إنتاج متغيِّر كيفى كبير، عن طريق إنهاك قوات العدو وتشتيت جهودها و”العمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم والأثر، إلا أن انتشارها سيكون له تأثير على المدى البعيد”.
• “جذب شباب جدد للعمل الجهادى”، عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة، من حيث التوقيت والقدرة، بعمليات نوعية تلفت الأنظار، وتجلب الأنفار.
• إخراج المناطق المختارة من سيطرة الأنظمة، ومن ثم “العمل على إدارة التوحش الذى سيحدث فيها”.
• الارتقاء بمجموعات النكاية، بالتدريب والممارسة العملية، لك يكونوا “مُهيئين نفسياً وعملياً لإدارة التوحش”.
• استراتيجية الإنهاك والتشتيت:
ولتحقيق هذه الأهداف توجه الجماعة الإرهابية عناصرها إلى ضرب وتخريب اﻷهداف الاقتصادية، وخاصة البترول”، الذى يمثل محرك حضارة العالم، وهو مايُوقع أذىً كبيراً باقتصاديات (العدو)، ويجبره على تشتيت قواه، واستنزاف قدراته، للدفاع عن المراكز الاقتصادية، ويبرزضعفه أمام العالم، كما حدث فى مصر، حينما ضربت الجماعة الإسلامية السياحة فى التسعينيات، لكنها لم تستمر فى هذا المنحى، ولم تُحسن الرد على الحملات اﻹعلامية، التى شهرت بها وبأفعالها، كما يقول التقرير!.
والهدف الاستراتيجى من مثل هذه النوعية من الضربات، هو إجباراﻷنظمة الحاكمة على الارتداد إلى الخطوط الخلفية، لحماية المراكزالاقتصادية للدولة، مهتزةً أمام ضربات الردع التى تطول القادة والأتباع، فيخاف القادة، وتندفع جماعات اﻷتباع إلى التحول والانضمام إلى (المجاهدين)، حتى “تموت على الشهادة بدلا من أن تموت مع الكافرين الظالمين.!”
ويؤدى هذا الوضع، إلى المزيد من التدهور، مُسببا المزيد من الانسحابات لقوات النظام، وهو ما يترتب عليه “مزيد من التوحش، الذى علينا، بعد دراسة منطقته، والاتصال بطلائعنا فيها، التقدم ﻹدارته”، … وهكذا.
• سرقة تراث “كفاح الشعوب”!
وتستفيد “داعش” وغيرها من جماعات العنف واﻹرهاب المعاصر ، من نظريات وتجارب الكفاح المسلح و”حرب العصابات”، وغيرها من اﻷساليب الكفاحية، لاستغلال الدروس المستخلصة، التى راكمتها الشعوب وحركات التحرير الثورية، بعد صبغها بـ “التيمات” الدينية، وإغراقها فى مستنقعات الدم والقتل والعنصرية والتخريب، ومن ذلك مثلا العمل على تشتيت جهود وتمركزات الخصم العسكرية، واستنزاف قواه عن طريق ضربات نوعية متنوعة، تطال “أكبرعدد من اﻷهداف، كماً ونوعاً، وعلى أكبر رقعة من اﻷرض”، على أن تكون هذه الضربات “بقوتك الضاربة، وأقصى قوة لديك، وفى أكثر نقاط العدو ضعفاً”، و”بمعدلات ثابتة، أو تصاعدية، أو على هيئة موجات”، أو جميع هذه اﻷشكال معاً، لإرباك القوى المعادية، وإفقادها التركيز والسيطرة… ونلاحظ أن ماحدث ويحدث فى مصر، فى الفترة الأخيرة، يتضمن ملامح عديدة من هذه الأساليب المشار إليها.
• قضية “الشدّة”، أو سياسة دفع الثمن:
ومن أخطر ماتضمنه مانيفستو “إدارة التوحش”، ولأنه يخص مصر، على وجه التحديد، القسم الخاص بـ”قضية الشدّة”، أو “سياسة دفع الثمن”، وهو يُركِّزُ على ضرورة ألا يمر وقوع إيذاء على هذه الجماعات الإرهابية، أوعلى”الأمة”، بدون جعل (العدو) يدفع الثمن، حيث يبث ذلك اليأس فى نفسه، “فأى عمل إجهاضى لمجموعات النكاية، من أى نوع، ينبغى أن يُقابل برد فعل يجعل العدو يدفع ثمن إجرامه كاملاً، حتى يرتدع عن العودة لمثله، ويفكر ألف مرة قبل القيام بعمل هجومى تجاهنا”، خاصة إذا كانت المنطقة التى تتم فيها عملية “دفع الثمن” تخضع لسيطرة أنظمة الكفر أو أنظمة الردة، فلن يجد مجالا جيدا للرد عليها”!.
.
والهدف الاستراتيجى من مثل هذه النوعية من الضربات، هو إجباراﻷنظمة الحاكمة على الارتداد إلى الخطوط الخلفية، لحماية المراكز الاقتصادية للدولة، مهتزةً أمام ضربات الردع التى تطول القادة والأتباع، فيخاف القادة، وتندفع جماعات اﻷتباع إلى التحول والانضمام إلى(المجاهدين)، حتى “تموت على الشهادة بدلا من أن تموت مع الكفرين الظالمين”!.
ويؤدى هذا الوضع، إلى المزيد من التدهور، مُسبباً المزيد من الانسحابات لقوات النظام، وهو ما يترتب عليه “مزيد من التوحش، الذى علينا، بعد دراسة منطقته والاتصال بطلائعنا فيها، التقدم ﻹدارته”، … وهكذا.
• … مصر مُستهدفه: فهل نحن مستعدون؟!.
ويستمر التقرير : “ولا يقتصر دفع الثمن فى الصورة السابقة على العدو الصليبى، فعلى سبيل المثال، إذا قام النظام المصرى المرتد، بعمل قام فيه بقتل وأسر مجموعة من (المجاهدين)، يمكن أن يقوم شباب الجهاد فى الجزيرة أو المغرب، بتوجيه ضربة للسفارة المصرية، مع بيان تبريرى لها، أو القيام بخطف دبلوماسيين مصريين كرهائن، حتى يتم اﻹفراج عن مجموعة من (المجاهدين) مثلا، ونحو ذلك، مع اتباع “سياسة الشدة “، بحيث إذا لم يتم تنفيذ المطالب، يتم تصفية الرهائن، بصورة مروعة، تقذف الرعب فى قلوب العدو وأعوانه”!.
نحن إذن أمام جماعة تخريبية بالغة الإجرام والخطر، ذات بُعد أممى، تعمل على نطاق واسع، ميدانها العالم كله، وإن بدأ بهذه المنطقة أو تلك، ولديها برنامج طموح لحكم منطقتنا، وتملك إمكانات مادية ولوجستية هائلة، تؤازرها وتساندها أجهزة استخبارات ودول استعمارية، لها مصالح كبرى فى بلادنا، وتخدمها هذه الجماعات اﻹرهابية فى تحقيق أهدافها، وأهمها السيطرة على ثروات المنطقة، عبر إغراقها فى دوامات الفوضى والتوحش والتخريب والترويع!.
إذن ما العمل فى مواجهة هذا الوضع البالغ الخطورة، الذى يتهدد فيه وطننا ومنطقتنا اجتياح طوفان التتار الجدد، الذى لا يخفى نواياه، ولا يتذرع بالتمويه على أغراضه ومراميه؟!.
لا شك أننا أمام وضع حرج، وفى مواجهة ظرف عصيب، يحتاج إلى درجة من الفكر، والتخطيط الاستراتيجى، والتحرك العملياتى، يختلف نوعياً عما هو واقع اﻵن!.
فالمؤكد أن الفكر الذى تعامل مع قضية الشهيدة “شيماء الصباغ”، باتهام “د.زهدى الشامى”، أستاذ الاقتصاد، وأمين حزب التحالف، بقتلها، بدلا من الاعتذار عن الجريمة، وتقديم المسؤل عنها إلى العدالة!!…
والتخطيط الغبى الذى واجه المتفرجين الذين تدفقوا لمشاهدة مباراة الكرة اﻷخيرة، بما أدى ﻹيقاع أكثر من عشرين ضحية بريئة، دون أدنى مبررٍ أو داعٍ، لن يكون قادراً، ولنكن صرحاء، على مواجهة هذا المشروع الجهنمى، الذى يحيط بنا، ويبسط خطره على حدودنا من كل الجوانب!.
نحن أمام حرب حقيقية تدور على صعيد العالم كله، ضد مصالحنا واستقرارنا، وعلى حساب مستقبل وطننا ووحدة أراضيه، والتهديد واضح لكل من وماينتمى إلى مصر، هنا أو هناك… فى الداخل أو الخارج… فهل نحن، بأوضاعنا الحالية التى نعرفها، قادرين على مواجهة التحدى والانتصار عليه؟!..
طبعا نستطيع أن ننتصر، بل ويجب أن ننتصر، ﻷننا لا نملك سوى ذلك… لكن بهذا اﻷداء المتراخى، العشوائى، المتخبط للسلطة، ولجهاز الحكم، سيكون من المشكوك فيه تحقيق اﻷمل المرجو، وإذا تحقق فسيكون اﻷمر بثمنٍ باهظٍ، لا قِبل لنا على احتمال تكاليفه!.
الوضع يحتاج لمراجعة سريعة، ولعقل رشيد، ولفكر جديد، قبل فوات اﻷوان!.