إسلامثقافة

رحلة في ظلال السّنّة النّبوية

رحلة في ظلال السّنّة النّبوية
سأعبر مسافرا بين دفاتر السّنّة النّبوية ، لأقطف من عبقها اللطائف و الرّوائع ، نستحضر منها الدروس ، و نقتفي من أثرها العبر ، من معين سيرة خير البرية – محمد صلى الله عليه وسلم، – التي رسمت لنا منهج حياة نسعد به .
المؤسف اليوم أصبحنا نشتاق تلمس ولو البصيص من سيرته ، فنستذرك محطات تربوية مهمة ، كانت سببا في صناعة حضارة تركت بصمتها في سجل الإنسانية الحافل ، بل استلهمت منها الحضارات مشاريع نهضة ، في عصور التخلف ، و غرست قيما مثلى ، لا ينكرها إلا جاحد متعصب .

لعل أصدق توصيف بتناسب مع حال الأمة اليوم قول الفاروق عمر رضي الله عنه
( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، مهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله )
لعلّ ذكرى الأيّام تستنهض فينا العزائم ، نستذكر أيّام العزة ، يوم كان للأمة مكان بين الأمم .

لعلّ ذكرى الأيّام تحملنا معها لمعالي ريادة النفوس ، فتكون التربية والتزكية سبيلنا الأسلم لإصلاح أوضاعنا ، فكلّما كنا أقدر على التحكم في زمام أنفسنا ، سهُل علينا قيادة أمورنا بسهولة و يسر.

و لعلّ ذكرى الأيّام تنبؤنا الأخلاق و الفضائل والمكرمات ، كانت أهمّ دعائم تلك الحضارة ، وأن الأخلاق كانت هي جسر الإيمان وثمرة غرسه ، فدليل تميز أي حضارة و أي نهضة في مدى تحقيق الالتزام بالقيم الأخلاقية ، والقيم الإنسانية .

فكان الإسلام من أسمى مبادئه ، توثيق الإيمان ، وغرس الفضائل و الأخلاق ، وتعزيز القيّم الإنسانية ، فكان الإيمان بالله وتوحيده المنطلق الأول ، ويتعمق الدعائم ؛ بالإيمان بالملائكة و الرسل و الكتب السّماوية واليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره .

و تتقوى ركائز مبادئ الإسلام بتقوية السّلوك والأخلاق ، فتكون الأمانة والصدق والوفاء ، الكرم والشجاعة ، والرحمة والعفو، من موسوعة قيّمه في التعامل مع المسلم وغير المسلم ، بتلك المنظومة الخلقية هي من صميم منطلقات الإيمان و العقيدة .

و من ركائز الإسلام المهمة البعد الإنساني ، التي حرص الإسلام على حمايتها في تشريعاته الحفاظ على كرامة الإنسان ، لأنه خلق مكرما ، مصداقا لقوله تعالى :
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ الإسراء: 70
و أن هذه الكرامة تفرض التكريم بصرف النّظر عن المعتقد و الجنس و الأصل والفصل والرتبة و المكانة ومنزلته الاجتماعية ، و بينما يبقى التفاضل عند الله أساسه التقوى والعمل الصالح .

كل هذه المعاني يحب علينا أن نستحضرها ، ونحن نعبر على السنة النبوية المطهرة ، نستحضرها و نحن نستذكر لطائفها ، فتكون لنا دليلا منهجا في اقتفاء أثره والتأسي بسيرته ، تطبيقا لا ثراء معرفيا ، فسنّة رسولنا كانت حياة مليئة بالأعمال الخيّرة مست صلاح الفرد و المجتمع ، يوضحها الحديث الشريف الذي رواه الحاكم، والبيهقي، وابن عبد البر، والإمام مالك عن عمرو بن عوف رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كَتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّتِي».

الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى