أحوال عربية

قلق في العراق

أياد الزهيري

لقد صُعق الشعب العراق بما أظهرته شاشات التلفاز , والتي أخذت قناة الشرقية قصب السبق فيه توقيتاً وأستعراضاً من الهجوم الكاسح الذي قام به أتباع التيار الصدري على البرلمان العراقي , وبطريقة بلطجية أستباحوا فيه حرمة مكان له قدسية في العرف السياسي , وهو عمل مُستنكر جماهيرياً , لأنه أنتهاك لحرمة مكان يمثل رمزياً أرادة الشعب.
لاشك أن ما حدث بالأمس من تظاهرات , لم تكن تعبير عن مطالب جماهيرية عفوية , وأنما تعبير عن زعيمهم السياسي السيد مقتدى الصدر , بأعتبارها مظاهرات حزبية وليس عامة . السؤال المطروح ؛ ما هي الغاية من هذه الزوبعة السياسية التي نحن في غنى عنها , والتي تسعى الى تعكير أجواء نحن بأمس الحاجة الى تهدأتها , وأرساء جو من الهدوء والأستقرار في بلد عانى كثيراً من الفوضى والحروب. أنا شخصياً لا أرى فيما حصل الا جرياً على مبدأ ( لو ألعب لو أخرب الملعب) من قِبل السيد مقتدى الصدر , وهي رسالة واضحة الى خصومه السياسيون , وهو تعبير عن غضب شخص القائد بهذه التظاهرات ، وقد أثار هذا السلوك الغير حضاري والمستهجن ، غضب جماهيري كبير , وهو محق في ذلك لأن العملية السياسية باتت قاب قوسين أو أدنى من الأقتراب من تشكيل الحكومة الجديدة , والكل يتأمل ذلك.
أن تفسير ما حدث لا يبتعد عن باعثين أثنين ؛ أولهم الشعور بالأحباط الشديد من فعل خاطيء أقدم عليه زعيم التيار , وهو الأستقالة الجماعية لنوابه الفائزين بالأنتخابات الأخيرة والتي حصدوا فيها 73 مقعد , وهو أكبر عدد تحصل عليه جهة سياسية منفردة , وشعور بالخسارة الكبيرة لمغادرتهم البرلمان . هذا الشعور ولد لديهم نوع من الأحتقان النفسي , فعبروا عنه بهكذا فعل عنفي لعله يرجع عقارب الساعة الى الوراء , ويرجع اليهم مقاعدهم التي خسروها بأيديهم , وبقصور تفكيرهم , وبفعل هاجسهم الذي يصرخ بأعماقهم , أما أنا من يحكم , أو أهدم السقف على رؤوس الجميع , وما كان بالأمس الا مصداق لذلك , وهو شعور غير ناضج بالندم على قرار هم أتخذوه وعليهم تحمل تبعاته وأن يتحمل السيد الصدر مسؤوليته أمام جمهوره الذي منحه أصواته. أما الباعث الثاني فأعتقد هو رفع الحرج عن الحزب الديمقراطي الكردي , الذي بات في موقف حرج بعد ما كان يرمي سبب تشكيل تأخير الحكومة على الأطار التنسيقي , كما أن السيد مقتدى شعر بأن نهاية عهد الكاظمي شارفت على النهاية , وأن فرصته في التغلغل بتأسيس الحكومة العميقة سيفقدها تماماً بأقتراب تشكيل الحكومة بشخصية أطارية ستطيح بالكثير من الشخصيات التي زرعها التيار والحلبوسي ومسعود في مفاصل الدولة العراقية , وبذلك سيسقط المشروع الذي تعهد الأتلاف الثلاثي من تنفيذه برعاية السعودية والأمارات وأمريكا , وبذلك سيسقط مشروع طالما تعهدوا لهذه الدول بتنفيذه , والعمل على سحق مجموعة سياسي الأطار الغير مرغوب بهم أمريكياً وخليجياً وعلى رأسهم السيد المالكي. أن ما حصل من تصرف أهوج لم يكن صاحبه يتصرف الا بدافع المأوزم والمتوتر والمهزوم , والا الأختلاف لا يلغي الأنصاف كما يُقال , فالرجل المرشح معروف عنه بالنزاهة ونظافة اليد والكفاءة والتاريخ النظيف , وسليل عائلة مجاهدة ومضحية, فعلام هذا الرفض ياسيد مقتدى وأنت من صدعت رؤوسنا بشعارات الأصلاح , وقد جاء المصلح , وهو السيد محمد السوداني , وقد تحقق المراد , فما حدى مما بدى , وهنا لا يسع المراقب لما حدث الا القناعة أن ما حدث قد دُبر بليل , وأن هناك مؤامرة تحاك يكون ضحيتها الشعب العراقي , وأن هناك طبخة تُعد للبلد للرجوع به الى المربع الأول يكون طباخيها ( مسعود-مقتدى –الحلبوسي) بالتعاون مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته السيد الكاظمي .
أن ما يحدث في العراق يكون لمسعود البرزاني دور فاعل , ولا يقل عن دور مقتدى والحلبوسي , وقد أشرت في مقالة سابقة بأن مسعود يعتبر أتلافه مع السيد مقتدى غنيمة كبرى ينفذ من خلاله أجندته الأنفصالية والتأمرية , سواء يعلم بها السيد مقتدى أم لم يعلم مستغلاً الخلاف الشيعي الشيعي , وهي محاولة لضرب عصفورين بحجر واحد , قاصداً التخلص من المالكي والمقربين منه , وتضعيف التيار الصدري في المستقبل وجعله في وضع لا يُحسد عليه , حيث يستجيب لكل ما يُطلب منه . أن ما يقوم به التيار الصدري هو خارج عن كل السياقات والياقات السياسية السليمة , ومحاولة لزعزعت وأستقرار أمن البلد , وتعريضه لكل المخاطر المحتملة , وهي سياقات عنفية لا تمت للعقل بشيء , ويبدو أنهم للأسف يسيرون على قاعدة ( أذا توقفت العقول تحركت الأيدي) , وهي قاعدة سوف تعيد علينا مراحل الأنقلابات والثورات التي دفع العراقيون أثمانها الباهضة في عصور سابقة , من سفك دماء وزهق أرواح وهدر ثروات , وأقول لكل من يعبث بأمن البلد , الا يحرك ضمائركم أنين الجياع , وصراخ الأرامل والأيتام , الا تهزكم الثكالى والأرامل , الا يأنبكم ضميركم على مستقبل بلدكم وتأخره عن بقية دول الجوار , نتمنى ان ترجعوا الى عقولكم وتستنطقوا ضمائركم وترجعوا عن غيكم وتتوبوا الى بارءكم , والا ستكون غضبة الجماهير تقض مضاجعكم , وتخرجكم من قصوركم , وتعاقبكم على تقصيركم , ولات حين مندم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى