رأيمجتمع

قطوف تجارب العمر

حشاني زغيدي

قطوف تجارب العمر

اَلْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَةُ بَقَاتُ وُرُودٍ جَمِيلَةٍ فِي بُسْتَانٍ جَمِيلٍ ، لَا نَدْرِي مَنْ تُعَطِّرُهُ بِجَمَالِهَا الْأَخَّاذِ ، فَقَدْ تَفْرَحُ حَزِينًا ، أَوْ تَسْعَدُ يَائِسًا فَيَسْتَمْتِعُ بِعَبِيرِهَا الْفَوَّاحِ ، فَلْنَزْرَعْ الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَةَ فِي بَسَاتِينِ الْحَيَاةِ .

فَكِّرْ أَنْ تَعِيشَ حَيَاةً مَرْسُومَةَ الْأَهْدَافِ ، مُحَدَّدَةَ الْمَعَالِمِ ، جَرِّبْ أَنْ تَعِيشَ حَيَاةً لَهَا بَرَامِجُ مُسَطَّرَةٌ ، لَهَا جَدَاوِلُ خِدْمَاتٍ خَاصَّةٍ ؛ فَحَيَاتُنَا أَمَانَةٌ .

وَجَدَتْ الْحَيَاةُ تَسْتَمِرُّ بِالْعَطَاءِ ، وَ تَسْتَمِرُّ بِالْمُثَابَرَةِ ، وَ تَسْتَمِرُّ بِالسَّيْرِ نَحْوَ الْهَدَفِ الْمَرْسُومِ ، وَ تَسْتَمِرُّ أَيْضًا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ بِالْأَمَلِ فِي اللَّهِ تَعَالَى .

يَتَمَنَّى النَّاسُ مُجْتَمَعًا قِوَامُهُ الْأَخْلَاقُ الْفَاضِلَةُ ، وَ نَنْسَى أَنَّ اَلْمُجْتَمَعَ لِبَنَاتِهِ اَلصَّحِيحَةِ اَلْفَرْدُ الصَّالِحُ وَالْأُسْرَةُ الصَّالِحَةُ ، وَ اَلَّتِي تَأْتِي مِنْ خِلَالِ الْقُدْوَةِ صَالِحَةٌ فِي الْمُجْتَمَعِ ، وَ النَّفْسُ تَطِيبُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْدُ قُدْوَةً صَالِحَةً . .

يَقُولُ اَلْأُسْتَاذُ مُحَمَّدُ اَلْبَشِيرِ زَمَّالِيٍّ : ” اَلْمُغَيِّرُ مَازَلْتُ بِخَيْرٍ بِوُجُودِ هَؤُلَاءِ اَلْبَرَاعِمِ اَلصِّغَارِ ، اَلَّذِينَ سَيَكْبُرُونَ وَ سَيُصْبِحُونَ فِي اَلْمُسْتَقْبَلِ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ قُدُوَاتٍ صَالِحَةً يَكُونُ لَهَا شَأْنٌ فِي اَلْبَلَدِ “

هي عيون ترصد الأمل في الأفق ..

مِنْ السَّهْلِ أَنْ تُعَالِجَ الِانْحِرَافَ الْخُلُقِيَّ بِالتَّرْبِيَةِ الصَّحِيحَةِ ، وَ لَكِنْ مِنْ الصَّعْبِ مُعَالَجَةُ الِانْحِرَافِ الْفِكْرِيِّ الْمُتَطَرِّفِ بِالْمَوَاعِظِ وَ الْخُطَبِ الرَّنَّانَةِ ، فَالْخَوْفُ كُلُّ الْخَوْفِ مِنْ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ .

يُرْجِعُ الْبَعْضُ سِلْسِلَةَ الْهَزَائِمِ وَ تَرَاجُعَ الْأَدَاءِ وَ خُسْرَانَ مَوَاقِعِ الصَّدَارَةِ إِلَى نَظَرِيَّةِ الْمُؤَامَرَةِ ، وَ نَنْسَى أَنَّ كُلَّ الْإِخْفَاقَاتِ وَ الْمُخَيِّبَاتِ هِيَ مِنْ صِنَاعَةِ أَيْدِينَا .

يَصِفُ الْبَعْضُ طِيِّبَةَ النُّفُوسِ أَنَّهَا غَبَاءٌ وَ بَلَاهَةٌ ، وَ هِيَ فِي حَقِيقَتِهَا رَحْمَةٌ فِي النَّفْسِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، تُسْتَخْرَجُ مِنْ مَصْنَعِ التَّرْبِيَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ خُلَاصَةُ تَرْبِيَةٍ عَالِيَةٍ ، يَتَمَيَّزُ بِهَا أَصْحَابُ لِلنُّفُوسِ الرَّاقِيَةِ .

اَلْأَسْوِيَاءُ يَنْظُرُونَ أَنَّ الرُّوحَ الْوَطَنِيَّةَ سِيَاجٌ وَ حِصْنٌ مَنِيعٌ ، مِنْ خِلَالِهِ نُحَافِظُ عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ وَالثَّرَوَاتِ وَالْإِنْجَازَاتِ الْمُكْتَسَبَةِ .

كُلَّمَا انْحَرَفَتْ الْمَرْءُ عَنْ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ ، مَالَتْ النَّفْسُ إِلَى الشُّذُوذِ وَ التَّطَرُّفِ ، وَ نَفَرَتْ مِنْ الْمُبَاحَاتِ الْمَشْرُوعَةِ ، لِهَذَا نَجِدُ صُنَّاعَ التَّطَرُّفِ يُضَيِّقُونَ وَاسِعَ مِسَاحَاتِ الْمُبَاحَاتِ الْمَشْرُوعَةِ .

أَحُطُّ مُسْتَوَى التَّوَاصُلِ بَيْنَ النَّاسِ صِلَةُ مَصْلَحَةٍ ، وَ سُؤَالُ مَصْلَحَةٍ ، وَ زِيَارَةُ مَصْلَحَةٍ ، وَ صَدَاقَةُ مَصْلَحَةٍ .

لَا نَخْسَرُ شَيْئًا ، حِينَ نَسْتَبْشِرُ خَيْرًا ، حِينَ نُلَوِّحُ وَ نَرْفَعُ شَارَاتِ الْأَمَلِ ، فَدَيْدُنُ السُّعَدَاءِ رَسَمَ الْبَسْمَةَ فِي الْوُجُوهِ .

لَا تُضَيِّعُ الْوَقْتَ فِي غَيْبَةِ شَخْصٍ أَوْ شَتِيمَتِهِ أَوْ تَمْجِيدِهِ أَوْ احْتِقَارِهِ ، فَخَيْرٌ لَكَ وَلِي أَنْ نَصْرِفَ أَوْقَاتَنَا فِي كَسْبِ مَوَدَّةٍ ، وَ زَرْعِ بَسْمَةٍ ، وَ تَأْلِيفِ قَلْبٍ .

الأستاذ حشاني زغيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى