أخبارثقافة

دعوة لتذوق قصيدة بنبوءات

موسى عزوڨ

قصيدة “ما لم تقله زرقاء اليمامة” للشاعر السوداني محمد عبدالباري أصبحت جزءا من منهج الأدب والبلاغة لطلاب المرحلة الثانوية في فلسطين 

القصيدة قمة في الرمزية والتناص والاستشهادات وتداخل الخيال وتشابك الماضي والحاضر والمستقبل ورؤيا استشرافية عميقة . 

تبدأ القصيدة بشطر بيت  بسيط عن شيء ما يطل ، لكن الشطر الثاني يبدأ الترميز حيث يحتاج دمع الانبياء ! لكي يرى ؟ ثم يبوح بأن النص وهذه الرؤيا والهلوسة ! للعراف ؟ ( وهذا أمر معكوس !) أما التأويل فهو للشاعر ثم يستعمل فعل قال للعراف وفسر للشاعر لكن يعلمنا انهما في عراك ، وينطلق ليبني #الحكاية من البداية ( في تفصيل طفيف ).ويستعمل القانوس ” غير السحري !” الذي اخبره بما سيجري ويشير الى الخطيئة التي لا تغتقر بأكل تفاحتين ( على أساس ان آدم غفر له لأنها واحدة!) ويبدأ الإخبار :

1- الأرْضُ سَوفَ تشيخُ قبل أوانِهَا.

2- الموتُ سوفَ يكونُ فينا أنهُرَا.

3- وَسَيعبُرُ الطوفانُ مِن أوطانِنَا – وهنا الشاهد عن طوفان الأقصى كأنها فعلا نبوءة !- وخصوصا بإصافة الشاعر :” مَنْ يُقنع الطُّوفان ألا يَعْبُرَا؟.

من ناحية أخرى هناك اعتلاء الاعلام الكاذب والمشوش للمشهد ممثلا في الذباب إ. والذيابة  :

1- ستقولُ ألْسِنةُ الذّبَابِ قَصيْدَةً.

2- وسيرتقي ذئبُ الجبالِ المِنْبَرَا

– وسينتج عن ذلك ” فَوضى وتنبئ كل من مرّت بهم ، سيعود سيفُ القرمطيّ ليثأرا” إشارة الى القرامطة وسرقة الحجر الاسود ” .

سبقى المشهد ضبابي وغير واضح كالسراب ..

ثم بنتقل الى مستوى جمال كبير بتناص من قصة يوسف عليه السلام لكن بطريقة مستحدثة : حيث يستنجد بيعقوب لكن ليخبره عن النبوءة ! وان تأويلها لن يسقط الغيث في هذه البلاد ! فرد يعقوب بنصيحة غريبة باتخاذ ْ الظلام خَرِيْطَةً ، ليعود فيطمئنه بأن النصر صبر ساعة ( فالبئرُ يومٌ واحِدٌ) وسيكون لك شأن كبير (وغداً تُأمّركَ الرياحُ على القُرَى). ولا تيأس ففي المدينة من يهتم بك ( نسوة قَطّعنَ أيديهنّ عنكَ تَصَبُّرَا) .وبعد الامر بالتهجد عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا :

1- يأمره بأن يكشف لِأخوتِه الطريقَ لِيَدخُلُوا مِنْ ألفِ بابٍ إِنْ أَرادُوا خَيْبَرَا ( وهنا شاهد المزدوج ).

ليعود فيشرح له الخطة الاقتصادية ( اليوسفية) :  سَبعٌ مُرّةٌ .. فلتَخزِنُوا، سبعٌ عِجافٌ .. مِنْ بعدِهَا التّاريخُ يرجِعُ أَخْضَرَا

– وفي مقطع جميل جدا عن القميص الذي اعاد ليعقوب بصره وأنه يجد ريح يوسف :” استعمل الشاعر معنى  أشتمُّ رائِحَةَ القَمِيصِ .. وطالمَا هطَلَ القَميصُ على العُيُون وبَشّرَا.

واليك نص القصيدة : 

1- شَيءٌ يُطلُّ الآنَ مِنْ هذي الذُّرى…أَحتاجُ دَمعَ الأنبِياءِ لِكَيْ أَرَى.

2- النصُّ للعرَّافِ والتّأويلُ لِيْ..يَتَشَاكَسَانِ هُنَاكَ قَالَ، وفَسّرَا

3- مَا قُلْتُ للنجمِ المُعلّقِ دُلّنِيْ..مَا نمتُ كي أصطادَ رُؤيا في الكَرَى.

4- شَجَرٌ من الحدسِ القَدِيْمِ هَزَزتُهُ..حَتّى قَبضتُ المَاءَ حينَ تبخّرَا.

5- لا سِرّ .. فانُوسُ النُبوة قالَ لِيْ..ماذا سيجري حينَ طالعَ مَا جَرَى

1- فِيْ الموسمِ الآتي سيأكُلُ آدمٌ

تفاحَتَيْنِ وَذنبهُ لن يُغْفَرَا

الأرْضُ سَوفَ تشيخُ قبل أوانِهَا

الموتُ سوفَ يكونُ فينا أنهُرَا

وَسَيعبُرُ الطوفانُ مِن أوطانِنَا

مَنْ يُقنع الطُّوفان ألا يَعْبُرَا

ستقولُ ألْسِنةُ الذّبَابِ قَصيْدَةً

وسيرتقي ذئبُ الجبالِ المِنْبَرَا

فَوضى وتنبئ كل من مرّت بهم

سيعود سيفُ القرمطيّ ليثأرا

وسيسقط المعنى على أنقاضِنَا

حَتّى الأمامُ سيستَدِيْرُ إِلَى الوَرَا

2- في الموسم الآتي ستشتبكُ الرؤى

ستزيدُ أشجارُ الضّبابِ تَجَذُرَا

وَسَيُنكرُ الأعمَى عَصَاهُ ويَرتَدِيْ

نظّارتينِ من السّرَابِ لِيبصِرَا

سيرَى القَبِيْلَةَ وهي تَصلُبُ عبْدَها

فالأزْدُ لا زالت تخافُ الشّنفرَا

سيرى المُؤذّنَ والإمام كِلاهُما

سيقولُ إنّا لاحِقَانِ بقيصرا

في الموسمِ الآتِيْ مزادٌ مُعلنٌ

حتّى دَمُ الموتى يُباعُ ويُشتَرَى

ناديتُ يَا يَعْقُوب تِلكَ نُبُوءَتِيْ

الغيمةُ الحُبْلَى هُنَا لن تُمْطِرَا

قَالَ اتّخِذْ هَذَا الظلام خَرِيْطَةً

عندَ الصّباحِ سيحمد القَوم السُّرَى

لا تَبتَئِس فالبئرُ يومٌ واحِدٌ

وغداً تُأمّركَ الرياحُ على القُرَى

إخلعْ سَوادَكَ .. في المدينة نسوةٌ

قَطّعنَ أيديهنّ عنكَ تَصَبُّرَا

قُمْ .. صَلّ نَافلة الوصولِ تحيّةً

للخارجينَ الآن مِنْ صَمتِ الثّرَى

واكْشِف لِأخوتِكَ الطريقَ لِيَدخُلُوا

مِنْ ألفِ بابٍ إِنْ أَرادُوا خَيْبَرَا

ستَجيءُ سَبعٌ مُرّةٌ .. فلتَخزِنُوا

من حكمةِ الوجعِ المُصَابِر سُكّرَا

سبعٌ عِجافٌ .. فاضبِطُوا أنفَاسَكُم

مِنْ بعدِهَا التّاريخُ يرجِعُ أَخْضَرَا

هِيَ تلكَ قافلةُ البشيرِ تَلُوحُ لِيْ

مُدُّوا خيامَ القلبِ، واشتَعِلُوا قِرَى

أشتمُّ رائِحَةَ القَمِيصِ .. وطالمَا

هطَلَ القَميصُ على العُيُون وبَشّرَا

محمد عبد الباري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى