صحة و جمال

العلاقة الحميمة في رمضان .. بين الحرام المباح و الحلال


صبحة بغورة
تكتنف العلاقة الحميمية بين الزوجين في أيام الشهر الفضيل الكثير من المغالاة في الأقاويل والمزايدة في الاجتهادات على نحو يحجب عن ديننا الحنيف الاعتدال في الحكم والوسطية في الموقف فتتسع الفجوة بين النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة من جهة، وبين العرف الاجتماعي الذي ما زال يعتبر مجرد تقرب الزوج من زوجته أو محاولة الزوجة الإيقاع به ولو في حدود المباح هو من المنبوذات عرفا خلال أيام الصيام، فما هو المباح المجهول في الإطار الشرعي؟.

غالبا ما يتسم سلوك بعض الأزواج في رمضان بالكثير من الفظاظة المتوارثة عرفا في مجتمعاتنا العربية ذلك حين يحجم الزوج مثلا عن إظهار أي مشاعر رقيقة نحو زوجته أو يوجه لها مغازلة بحلو الكلام، بل وتراه يستهجن ذلك بشدة ناهيك عن رفضه القاطع مجرد محاولة تقبيل زوجته ولو من باب التودد والرحمة خلال الصيام بحجة أن هذا الفعل من المفطرات.

هذا في حين نكاد لا نلمس حججا أو أي سند شرعي يبرر هذا السلوك، بل على العكس كان الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – يقبل ويباشر وهو صائم، والمعنى أن مداعبة الزوج لزوجته دون الإيلاج أي الإنزال ودون خروج المني من الرجل أو بلوغ المرأة الرعشة يعتبر أمرا مباحا.

والحقيقة أن هناك اختلاف بين الأئمة في ذلك، ولكن الرأي الغالب أن مسألة مداعبة الزوج لزوجته في رمضان أو العكس مناطة بمدى قدرة كلا منهما على السيطرة على مشاعره أي إمساك إربه وامتلاك نفسه من الإنزال أو الوقوع في الجماع، أما لو علم الإنسان ما بنفسه من ضعف العزيمة وهشاشة الإرادة وعدم المقدرة فتحرم في حقه وقتها المداعبة؛ لأنها ستعد ذريعة لفساد الصوم وإفساد الصوم حرام، وكل ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، وللأمانة نقول أيضا أن القاعدة في إفساد الصوم هو دخول شيء إلى جوف الصائم إلا ما نص عليه العلماء وجمهور أهل العلم على اغتفاره مثل غبار الطريق ودخان السيارات ولعاب الإنسان نفسه.

أمّا لو قبّل الصائم زوجته أو قبّلت المرأة زوجها ودخل ريق أحدهما فم الآخر وابتلعه عامدا فإنه يفسد صيامه وعليه القضاء، وعند المالكية تلزمه الكفارة مع القضاء حال ابتلعه عامدا وإمّا القضاء فقط لو كان ناسيا.

إن المعاشرة الزوجية في ليلة الصيام أكثر من ضرورية لما فيها من فوائد صحية كبيرة ومعنوية هامة تعود على المرأة والرجل أثناء النهار، فهي تنظم الشهوة وتكسبهما هدوءًا عصبيا واتزانا نفسيا وسكونا روحيا يساعد على التحكم بالنفس طوال فترة الصيام، كما نلاحظ أن الجماع أثناء الليل قد اكتسى بصيغة الأمر شرعا في الكثير من الآيات.

فعلى الرجل ألا يبخل على زوجته من نفسه في الليل متحججا بأن شهر رمضان هو شهر للعبادة، وهذا الاعتقاد لا يستند على أي ركيزة دينية صحيحة، بل يذهب البعض إلى أنه على الزوجة أيضا أن تدعو زوجها للفراش قصد إرضاء شهوتيهما الطبيعية.

معلوم أن مواقيت مفردات العمل اليومي سواء خارج المنزل أو داخله ستتغير في أيام الصيام عن باقي أيام السنة، سيحدث اضطراب طفيف ولا شك في نظام الحياة الأسرية نتيجة تغير أوقات العمل وتناول الطعام والنوم، ومنه سيكون من الضروري الحديث عن الوقت الأمثل للجماع في شهر رمضان.

إن عملية الجماع مباشرة بعد تناول الإفطار ستسبب للزوجين على السواء إزعاجا كبيرا، أولا بسبب التخمة المقلقة وعسر الهضم المؤلم، ثانيا يمكن أن لا تنجح العلاقة الجنسية نتيجة عدم وصول كميات كافية من الدم إلى الجهاز التناسلي لحاجة الجهاز الهضمي إليه لإتمام عملية الهضم وهذا ما سينتج عنه الشعور المخيب بالفتور والخمول وملاحظة الارتخاء المؤسف في العضلات والأعصاب؛ ولتجنب مواجهة هذه الحالة الحرجة والصعبة ينصح لممارسة الجماع الانتظار لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات على الأقل بعد تناول الإفطار، كما ويمكن أن تكون فترة ما قبل تناول وجبة السحور التي توصف “بالممتازة” مناسبة جدا لينعم كلا من الزوجين بالآخر.

المرأة في حاجة دائما للشعور بحب من حولها سواء في الإطار العائلي أو الاجتماعي، ومن باب أولى حب زوجها لها لأنه أهم عندها من الطعام والهواء، وللقبلة بصفة عامة أثر عظيم على الحياة العاطفية للزوجين، فمعظم النساء يشعرن بالرضا العاطفي والجسدي من القبلة والمداعبة أكثر من الممارسة الجنسية، والزوجة تشعر بالتجدد العاطفي كلما قام زوجها بتقبيلها لأنها دليل على الحب وتأكيد على وجود الرغبة في التماس القرب منها وهذا يرضيها كثيرا، وأثناء الصيام يكون الأمر كما تقدم أعلاه من المحاذير، فالمرأة الصائمة تكون متعبة طوال النهار في إنجاز شؤون البيت ورعاية الأطفال وإعداد طعام الإفطار، وفي غمرة هذه الانشغالات ستكون أي لمسة حانية أو قبلة خاطفة من زوجها حتى خلال فترة الصيام دليلا على تأكيد حبه وتجديد تقدير لها، وهو ما يزيد من قوة تماسك الأسرة في رحاب الغفران والرضوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى