أحوال عربيةأخبار العالم

قانون من هو اليهودي في إسرائيل مستوحى من القانون النازي

سعيد مضيه

ألتعريف الصهيوني العنصري لليهودي والفلسطيني تركيبة اجتماعية للتلاعب السياسي

“كان أخذ الصهيونية بمفهوم العرق وإقرار هوية لليهود كعرق منفصل جزءًا أساسيا من مشروعها منذ بداية القرن العشرين. لم يطرأ تخفيف على هذا الالتزام بالعِلْم العنصري ، وفي العام 2017 ابتهجت مجموعة من الخبراء اليهود بالجينات وقانون الديانة اليهودي لدى توفر إمكانية تحديد هوية ” الجين اليهودي” المتوهم ؛ كان هذا ينظر اليه كحل لمسائل تواجه “المهاجرين وخاصة أولئك القادمين من الاتحاد السوفييتي السابق ولا يملكون الوثائق الضرورية” .
“وفرضت إسرائيل ، مباشرة بعد تأسيسها، أيضا معيارا عرقيا- عنصريا على شعب فلسطين المحتل؛ قسمت الفلسطينيين الى عرب ومسلمين ومسيحيين واستثنت من صيغة “العرب” الدروز والبدو”. هذا ما خلص اليه وتعمد الكشف عنه الباحث الاجتماعي ، الدكتور جوزيف مساد، في تحليل نشره في 17 شباط الماضي . وفي تحليله يشير مساد الى الرابطة العنصرية مع تعريف لليهودي لما وضعته النازية الألمانية عام 1935. يكتب جوزيف مساد في تحليله:

نشرت المنظمة الصهيونية في أميركا بيانا عبرت فيه عن حنقها على الدولة اليهودية توشك ان “تلغي يهودية”ها ؛ حمل بيان المنظمة التي يرأسها حاليا مورتون كلا ين، مسئولية الجريمة، كما تبين، على ” قانون العودة” العنصري الكريه المقر عام 1950، وليس غيره. أدخل تعديل على القانون عام 1970 سمح لكل فرد في العالم أحد جديه يهودي ، بمن فيهم أطفال ونسل غير اليهود، لأن يكسبوا الجنسية الإسرائيلية ، يستعمرون فلسطين. يعلن بيان الحركة الصهيونية ان تعديل 1970 سمح لنصف مليون من “غير اليهود” في الاتحاد السوفييتي السابق ان يستوطنوا في دولة إسرائيل؛ سبب إحساس الصهاينة الأميركيين بالرعب وعدم الاطمئنان هي تقارير تستند الى معطيات حكومة إسرائيل ” نتيجة بند الجد الى حد كبير فإن اكثر من 50 بالمائة من جميع المهاجرين للدولة اليهودية في العام الماضي ليسوا يهودا، و 72 بالمائة من المهاجرين من بلدان الاتحاد السوفييتي سابقا، مواطني الدولة اليهودية ليسوا يهودا”. حذرت المجموهة الصهيونية من أن ” هذا قد تسبب في هبوط ملموس في النسبة المئوية لليهود داخل إسرائيل، ما يلحق الضرر بدوام إسرائيل دولة يهودية” . المنظمة الصهيونية الأميركية ينتابها الفزع من أن ” الأغلبية اليهودية في الدولة اليهودية تتقلص بنسبة واحد بالمائة كل ثلاث سنوات”، وبذلك فخلال ” السنوات الثلاثين الماضية تقلصت الأغلبية اليهودية بالدولة اليهودية بنسبة 10 بالمائة ، وحاليا توقفت عند النسبة 73.6 بالمائة، بعد أن كانت 84 بالمائة.
يفهم من هذه الحالة “المروعة” ، طبقا لتقييم المنظمة الصهيونية الأميركية ، ان ” غير اليهود” سوف يكون لهم “نفوذ أقوى في تقرير قيادة الدولة اليهودية وقوانينها وقراراتها الأمنية “، وأن “على يهود الشتات ممن يرغبون العيش في وطن اليهود ربما ينتقلون مستقبلا الى دولة يهودية غالبيتها غير يهودية”.
نظرا لأن “مادة الجد” كانت ولم تزل الركيزة لادعاء اليهودية في الاتحاد السوفييتي السابق، وبات مدّعو اليهودية يشكلون غالبية المستفيدين من المادة كي يستعمروا فلسطين، تصر المنظمة الصهيونية الأميركية على أن إلغاء المادة سوف لن يؤثر على اليهود الأميركيين، موضع اهتمام المنظمة الصهيونية الأميركية بصورة رئيسة؛ في العقد الماضي، تؤكد المنظمة الصهيونية الأميركية أن ما لا يزيد عن 67 بالمائة من الأميركيين غير اليهود استفادوا من المادة. وفي مركز اهتمام المنظمة الصهيونية الأميركية تعريف” من هو اليهودي”، “خاصة ما من فرع داخل اليهودية يعرف’من هو اليهودي‘ ليشمل غير اليهود ذوي الجد اليهودي الواحد”.
بالطبع، المنظمة الصهيونية الأميركية مصيبة بالقول ان اليهودية تعرّف اليهود بأنهم أبناء امهات يهودية، او من اعتنقوا الديانة اليهودية طبقا للقانون الديني اليهودي. في الحقيقة التعريف الوحيد الأوسع لليهود السابق للتعديل الإسرائيلي عام 1970 نجده في قوانين نورمبرغ النازية عام 1935؛ عرفت اليهودي من له جد يهودي واحد على الأقل. وفي إسرائيل هناك “اعتقاد منتشر بأن تعديل 1970 ، ب ’مادته المتعلقة ب الحفيد‘ استوحى قوانين نورمبرغ النازية”؛ ينظر اليه في الحقيقة ” نوعا من صورة مرآة” عن القوانين النازية . وعلى كل حال فالتعريف الموسع لقوانين نورمبرغ، كان اكثر محدودية من القانون الإسرائيلي. وبناء على تعريف النازيين فاليهودي المكتمل هو من نسل ثلاثة او أربعة أجداد يهود. كان من له جد او جدان يهوديان يعتبر “ميستشلينغ” او “مونغرلز- مختلطين”، ولم يخضعوا لتنظيمات ألمانيا النازية اللاسامية . حقا ، كان العديدون من المعتبرين ” ميستشلينغ”، شأن الآريين الألمان ، مجندين وخدمواا بالجيش الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية. والبارز ، على كل حال، هو التماثل في تعريف اليهودي الذي أقرته عام 1970 حكومة إسرائيل مع سابقه النازي.
مكمن السخرية في قوانين نورمبرغ العنصرية أن تعريفها لليهود استند الى العقيدة الدينية وليس العرق: فإذا كان جدا شخص ما يهوديان وتحولا الى المسيحية ، ووالدا ذلك الشخص، تبعا لذلك، ولدا مسيحيين فما لم يعتنق الحفيد اليهودية فسيعتبر ذكرا أم انثى (آريان) . يعني ذلك ، طبقا للمفهوم النازي، ان الخروج من اليهودية سيكون المعيار النهائي لتقرير اللا يهودية عبر اجيال ثلاثة. ما يثير الاهتمام ان القانون الإسرائيلي يطبق المعيار ذاته ، إن لم يكن أوثق قيدا، لتقرير لايهودية أشخاص يهود قدموا طلبات الاستيطان بإسرائيل. فعندما قدم الى إسرائيل عام 1959 اوزوالد روفيزن، صهيوني يهودي بولندي ، أحد الناجين من الهولوكوست تحول الى الكاثوليكية أثناء الحرب ، رُفِض حقه بالمواطنة الإسرائيلية على أساس قانون العودة – نظرا لكونه لم يعد يعتبر من قومية يهودية إثر اعتناقه الكثلكة. استأنف روفيزن القرار ، خاصة واليهودية الأرثوذكسية تعتبر اليهود ممن يتحولون الى ديانة أخرى انهم مازالوا يهودا. وبالنظر لاستناد قانون العودة الإسرائيلي الى التعريف الهلاخي لليهودية الأرثوذكسية لمن هو اليهودي، فقد جاء القرار الحقوقي ينتهك التعريف ومذكرا من جديد بالسابقة النازية وبمزيد من التشدد.

في عام 1962 أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية قرار رفض استئناف روفيزن؛ فأصر بدوره على ” ان الأصل العرقي يهودي وسيظل على الدوام يهوديا. وليس لي قومية أخرى . إذا لم أكن يهوديا فماذا أكون؟ لم أقبل المسيحية لهجر شعبي ؛ فقد أضفتها الى يهوديتي؛ أشعر بنفسي كيهودي”. هنا بدت محاكم إسرائيل تضيف العرق الى الديانة كمعيار لليهودية .

كان أخذ الصهيونية بمفهوم العرق وإقرار هوية لليهود كعرق منفصل جزءًا أساسيا من مشروعها منذ بداية القرن العشرين. لم يطرأ تخفيف على هذا الالتزام بالعِلْم العنصري ، وفي العام 2017 ابتهجت مجموعة من الخبراء اليهود بالجينات وقانون الديانة اليهودي لدى توفر إمكانية تحديد هوية ” الجين اليهودي” المتوهم ؛ كان هذا ينظر اليه كحل لمسائل تواجه “المهاجرين وخاصة أولئك القادمين من الاتحاد السوفييتي السابق ولا يملكون الوثائق الضرورية” .
وفرضت إسرائيل ، مباشرة بعد تأسيسها، أيضا معيارا عرقيا- عنصريا على شعب فلسطين المحتل؛ قسمت الفلسطينيين الى عرب ومسلمين ومسيحيين واستثنت من صيغة “العرب” الدروز والبدو. بالفعل تجند إسرائيل الدروز المجردين من عروبتهم للخدمة في جيشها ، وتتباهى بوصولهم أعلى المراتب. وهذا لا يختلف عن أسلوب النازيين في تجنيد ” الميستشلينغ” نصف وربع اليهودي بالجيش الألماني؛ حيث نال وظيفة رفيعة بالقوات المسلحة الألمانية عدد من أفراد ال”ميستشلينغ”، أمثال المارشال ومجرم الحرب إيرهارد ميلتش. كما اوضح الصحفي إيتا برينس –غيبسون “قدمت حقيقة خدمة اليهودية في المراتب العليا للنازية ذاتها البرهان الإضافي على أن مفهوم اليهودي كان بالنسبة للنازيين ، شان العديد من ضحاياهم، مجرد تركيبة اجتماعية”. تحليلها ينطبق بالتساوي على فكرة اليهودية، وكذلك ” العربنة” و” الدروزة”؛ تعريفات ظلت دوما خاضعة لتلاعب البروباغاندا والقانون الإسرائيليين، لكي تلائم الأهداف السياسية الصهيونية.
إن اهم جوانب قانون العودة الإسرائيلي، بالطبع، متطلباته العملية التي تمنح اليهود في انحاء العالم الغير مواطنين في إسرائيل حق الاستيطان بأرض الفلسطينيين ، بينما تنكر ذلك الحق على أبناء البلاد الأصليين ممن طردتهم إسرائيل أو من عجزت عن طردهم. غير ان هذا التمييز ليس ما يثير قلق المنظمة الصهيونية الأميركية؛ فهي تختم بيانها بطلب “استئصال مادة الجد او إصلاحها / تحويرها. علينا عمل كل شيء بمقدورنا كي نضمن بقاء دولة اليهود يهودية”. ليس واضحا ماذا تقصد المنظمة الصهيونية الأميركية بكلمة ” كل شيء”؛ البيان يقصر دون الطلب الصريح بأن تطرد إسرائيل نصف مليون اوروبي مستوطن ” غير يهود”، مثلما فعلت إسرائيل مع المواطنين الفلسطينيين، وغير واضح إن كان البيان إذ يطالب ب ” استئصال” المادة القانونية يطلب نزع الجنسية بأثر رجعي عن “غير اليهود” هؤلاء كمقدمة لطردهم.
من حق المنظمة الصهيونية الأميركية ان تقلق؛ بات اليهود أقلية، منذ خمس سنوات خلت، فوق ألأرض الفلسطينية ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط ؛ وإذا ما قدر للفلسطينيين قبول تعريف المنظمة الصهيونية الأميركية من هو اليهودي ، ومن هو غير اليهودي، فإنهم بذلك يفوقون من حيث العدد المستعمرين اليهود. لقد فشل احتلال الصاينة فلسطين وتطهيرها العرقي بعد العام 1948، حيث شكلوا الأكثرية هناك، في الاحتفاظ بالأكثرية العددية؛ والطريقة الوحيدة لاستعادة الأكثرية أن تصغي لدعوات سياسيين إسرائيليين طرد المزيد من الفلسطينيين ، ولدعوات المنظمة الصهيونية الأميركية استئصال تيار “غير اليهود” الروس. وبدون ذلك لا مناص من تقبل هذه الحقائق على الأرض ، والتي تحيل دولة اليهود في فلسطين غير واقعية وغير قابلة للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى