رأي

قانون العقوبات الإلهي المعجل والمؤجل

ضياء محسن الاسدي
(( لقد خلق الله تعالى البشر على الكرة الأرضية ومن قبله الكائنات الأخرى مسخرة لخدمته وأغراضه الشخصية وقضاء متطلباته وبعدها كرمه وأعلاه مرتبة إلى الإنسانية وعلمه البيان والتمييز وقلم له الأشياء المحيطة به لاستخدامها في حياته اليومية ( علم الإنسان بالقلم ) والمعرفة وأرسل له الرسل والأنبياء على مراحل من حياته وعلى دفعات بحسب حاجة المجتمع للإصلاح والتطور الزمني الذي يعيشه ومقدار النضج العقلي وفق ضوابط وقوانين وسنن منصوص عليها من قبل الخالق سبحانه وتعالى يراعي حياة الإنسان وعقليته المتطورة وتشددت هذه الشرائع وتطورت حسب نضج وتطور الإنسان حتى وصلت ذروتها إلى الرسالة المحمدية الشاملة للإنسانية جميعا لم يُترك الإنسان في محيطه ومعيشته ونمطه السلوكي على غير هدى بل وضع له القوانين المحكمة الصارمة والغير صارمة من خلال التحريم والأوامر والنواهي ليرتقي هذا الإنسان من الحياة البهيمية التي كان يعيشها في بداية حياته إلى الإنسانية الراقية الناضجة المتعلمة والمبدعة والمسئولة عن تقدم مجتمعه تحت مظلة القوانين الإلهية التي وضعها له خالقه وأستخدمها بطريقة صحيحة وبما أن هذا الإنسان جُبل على الخير والشر في نفسيته وتفكيره وتصرفاته وأن له الخيار في انتهاج الطريقة والأسلوب في العمل بحرية التفكير للوصول إما للخير أو الشر وكل له نهايته أما الجنة أو النار وهي العقوبة الإلهية في الآخرة من حياة هذا الكائن الأرضي المرحلي لحياته الدنيوية كعقوبة مؤجلة يبت بها سبحانه وتعالى .
فقد أوضح الحق تعالى الحد الفاصل بين الحق والباطل والخير والشر والعدل والجور للوصول إلى الجنة أو النار بمنهاج واضح وصريح ومكتوب بلغة بيانية واضحة لدى الأمم جميعا في دستوره منذ الإبراهيمية والديانة اليهودية المتمثلة بالتوراة الحقيقية والمسيحية بالإنجيل والإسلام المحمدي بالقرآن الكريم ووضعها بالطريق المستقيم فكل أحكامه وعقوباته هي مؤجلة إلا القليل منها التي تؤثر على حياة الناس في الدنيا وتعرقل مسيرته الإنسانية فهنا تتجلى قدرة الله تعالى في عقوبته الدنيوية العاجلة لاستئصال التمادي على حقوق البشر وحقوق الله تعالى في الأرض ولكون الله تعالى قد أحب هذا المخلوق ( الإنسان ) وكرمه على جميع خلقه بخُلقه وخلقته فقد أجل عقوبته في الدنيا مشمولة برحمته ومغفرته لأنه كتب على نفسه المقدسة الرحمة والمغفرة الواسعة والتجاوز عن عباده في الآخرة أما من يقطع صلته به ويتحداه ويُشاققه ويحاده ويعصي أوامره ويسير برجله وحواسه نحو الموبقات والفواحش الظاهرة منها والباطنة والمعاصي وإنكاره للربوبية والتوحيد الإلهي فقد أجلت عقوبته إلى يوم الحساب ويوم الدين حين توفى كل نفس ما كسبت ( كل نفس بما كسبت رهينة ) من جرم وباطل أو تمادي على حقوق الله ومحرماته فأن الأمر والقضاء والقرار بالعقوبة فالحاكمية المطلقة في الآخرة له وحده أما في الجنة وأما في النار ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ) سورة غافر الآية 7 وكذلك ( يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) آل عمران الآية 74 أما في الحياة الدنيا فقد أعطى الصلاحية لأنبيائه ورسله بأمر منه أصحاب الرسالات السماوية في وضع أسس القوانين والوضعية من عقوبات ونواهي وأوامر وتشريع وتنظيم العلاقة بين الله تعالى والبشر والعبادات والمعاملات الدنيوية التي تنظم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وإدارة الدولة المدنية في كل مجتمع خاص بها بإطار الزمان والمكان المحدد للرسالة إلى أن جاء خاتم الرسل النبي محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة حيث أرسى دستورا وضعيا مدنيا شاملا لدولة العدل الإلهي للأمة العربية والعالم أجمع عموما وحدد به العبادات والمعاملات والخطوط العريضة التي توصل الإنسان لله تعالى وصلته به وكيفية توحيده على ضوء ما جاء به القرآن الكريم وتوصيات الحق تعالى وهذا الدستور فيه قوانين رادعة للرعية عاجلة ضمن صلاحيات المناطة بالرسول كونه المبلغ والمنذر من قبل السماء وهذه مشروطة بعمله كما جاء به كتاب الله المقدس ( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ) سورة الفرقان الآية 56 و( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ) سورة الفرقان الآية فقد حدد الله تعالى الصلاحية النبي للناس وعلاقته بنفسه في العقوبات الدنيوية فليس للإنسان أن تكون له الحاكمية المطلقة الدينية والدنيوية في الأرض من غير الله تعالى ( وكذلك أوحينا إليك من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وأنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) سورة الشورى الآية 52 لهذا نرى أن الرسول الأعظم لن يُعاقب على أمر دنيوي شخصي وعلى ردود أفعال تتعلق بالكفار الغير مقاتلين والمحاربين للإسلام ولم يؤمنوا بتعاليمه بل تركهم وفوض أمرهم إلى الله تعالى كعقاب مؤجل ليوم القيامة على العكس ما أشيع في السنة النبوية الموضوعة من بعده وفي زماننا في كثير من نصوصها الكثير من العقوبات والحدود بشتى الوسائل التي لم تكن في عصر النبوة المحمدية ولا من بعده بقليل وهي التي أسست للكره والنفور من هذه الرسالة السمحاء من بعد انقطاع الرسالات السماوية فقد فوض الله تعالى الحق أوليائه الأمر من خلقه بسن قوانين دستورية كل حسب مجتمعه وزمانه ومكانه بعقوبات رادعة للحفاظ على حياة الإنسان ما عدى التي تتعلق بالدين ومنهاجه وتطبيقه وحرية الاعتقاد والصلة بين الخالق والمخلوق . وبعد هذا الطرح المسند بالآيات الشريفة نرى أن ليس للإنسان الحاكمية في الأرض بقوانين فردية وأشتهادات شخصية بالعقوبة التي تربط بين الله تعالى وحده عباده فإما تؤجل وترحل من الحياة الدنيا إلى الآخرة وقد تُشمل بالمغفرة والصفح أو القصاص الآني أو التريث إلى وقت معلوم في غيب الله تعالى ) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى