ثقافةدراسات و تحقيقات

أدونيس : الرجل الذي أعاد صياغة الشعر العربي

أدونيس : الرجل الذي أعاد صياغة الشعر العربي
تعكس قصائد أدونيس جدالا مدى الحياة مع ثقافته.
بقلم روبين كريسويل
11 أيلول 2017
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
مراجعة سوسن عبود

ولد أدونيس في سوريا ، وعاش في المنفى منذ عام 1956 ، أولا في بيروت ، ثم في باريس.
في آذار عام 2011 ، عندما اندلعت الاحتجاجات في المدن والبلدات في جميع أنحاء سوريا ، تردد الشاعر
الأكثر شهرة في البلاد ، أدونيس – وهو في الثمانينيات من عمره ويعيش في المنفى منذ منتصف
الخمسينيات – في دعم المتظاهرين. و على الرغم من أنه رحب بالانتفاضات السابقة في تونس ومصر ، إلا
أنه فشل في دعمها عندما جاء دور سوريا. في مقال افتتاحي نشرته صحيفة الحياة ، إحدى الصحف العربية
الرائدة ، في أيار 2011 ، وكان قد قتل أكثر من ألف متظاهر وقصفت الدبابات الحكومية في عدة بلدات ،
كتب أدونيس ، “لن أوافق أبدا على المشاركة في مظاهرة تخرج من المسجد “. لقد صور المعارضة على
أنها ساذجة مراهقة ، استدرجها بسهولة إسلاميون حاذقون يحلمون بتأسيس استبداد ديني سيكون أسوأ من
نظام الرئيس بشار الأسد البعثي.
ردد أدونيس للمتظاهرين الخطاب الصادر عن النظام ، واستاء منه كثير من القراء. على مدار الستين عاما
الماضية ، دعا بلا كلل إلى تغيير جذري في كل مجال من مجالات الحياة العربية ، وهو مؤلف بعض أكثر
القصائد ثورية في اللغة العربية. أصيب صادق جلال العظم ، الفيلسوف البارز بجامعة دمشق ، بالحيرة من
أن أدونيس “رجل الحرية والتحول والثورة والتقدم والحداثة” يمكن أن “يستخف بالثورة السورية إن لم يكن
يدينها منذ بدايتها. ” لكن بالنسبة لأدونيس ، لم تكن الانتفاضة السورية ثورة. في مقابلة حديثة بالفرنسية
(وهو يعيش في باريس منذ منتصف الثمانينيات) ، زعم أدونيس أنه : “من المستحيل في مجتمع مثل
المجتمع العربي أن تحدث ثورة ما لم تكن مبنية على مبدأ العلمانية” – المصطلح الفرنسي للعلمانية
الصارمة. قبل فترة طويلة من ظهور خلافة الدولة الإسلامية ، حذر أدونيس من أن تحالف اللاهوت مع
سلطة الدولة قد يكون الخطر الأكثر عمقا وتأثيرا في المنطقة العربية.
وأتت قصيدة أدونيس الطويلة “كونشيرتو القدس” ، التي نُشرت باللغة العربية في عام 2012 وهي متاحة
الآن في الترجمة الإنجليزية لخالد مطاوع ( من جامعة ييل) ، لتكون خلاصة الشاعر العلماني ، وهي إدانة
للتوحيد صيغت في شكل مونتاج سريالي. موضوعها هو القدس – القدس ، باللغة العربية – المركز الروحي
لجميع الديانات التوحيدية الثلاث وموقع تخيلاتهم الأكثر تنبؤية. في التقليد الإسلامي ، كانت القدس هي
القبلة الأولى (اتجاه الصلاة) ، ونقطة انطلاق رحلة النبي محمد إلى السماء (المعراج) ، وكذلك المكان
الذي ينفخ فيه رئيس الملائكة إسرافيل في بوقه يوم القيامة. في اليهودية ، المدينة هي موقع المعبدين الأول
والثاني ، وكلاهما مدمر ، والموقع المتخيل للثالث. في سفر الرؤيا ، رأى يوحنا “أورشليم جديدة” تنزل من

السماء وسمع صوتا يصف الحياة الآتية: “ويمسح الله كل الدموع من عيونهم. ولا يكون بعد ذلك موت ولا
حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لان الأمور السابقة قد زالت”.
القدس الفعلية مختلفة إلى حد ما ، بالطبع – مدينة يمزقها الصراع الطائفي ، وتشوبها السياحة ، ويشوبها
بناء المستوطنات والجدران ، وندوب الاحتلال. هذا التناقض بين المثالي والواقعي هو منطلق قصيدة
أدونيس ، حيث يحوم النموذج البدائي السماوي مثل السراب فوق المدينة الحديثة المتدهورة. تبدأ القصيدة:
هناك في الأعلى،
 انظر إليها وهي تتدلى من حلق السماء. 
انظر إليها مسيجة برموش الملائكة.
لا أحد يستطيع أن يمشي نحوها،
لكن الرجل يستطيع أن يزحف على جبهته و كتفيه،
وربما حتى سرته.
حافي القدمين،
اطرق على بابها.
سيفتح نبي ، ويعلمك كيف تسير ، وكيف تنحني.


من ديوانه كونشيرتو القدس.


( عن صفحة الشاعر لأدونيس على الحوار المتمدن وهي من اختياري)

كونشرتو القدس

  1. وتر
    في زاويةٍ،
    في أقصى أحشائي،
    غزالةٌ تبكي.
    لهذا، كثيراً، رجوتُ الملحَ أن ينتقدَ الخبز. غير أنه لم يستجبْ.
    وسمعت من يسألني، خِفيةً:
    لماذا يتأخر الموت، عندنا،
    ويظلّ تقدّم الحياة موتاً آخر؟

وكيف يُسْجنُ رأسٌ في قَبْوِ كلماتٍ
ابتكرَها هو نفسه؟
وما تلك الكلمات التي تحمل أفكاراً
تُفرغُ الرأسَ من الفِكر؟
*
إنها بومةُ السُّؤال
تظلُّ جاثمةً بين شفتيّ!
*

  • «شكا بيت المقدس الى ربّه الخراب، فأوحى الله إليه: لَأَمْلأنَّك خدوداً سُجَّداً تحنّ إليك حنين الحمام الى
    بيضها»
  • إتَّقِ الله، يا كعب. هل لبيت المقدس لسان؟
  • نعم. وله قلبٌ مثلك».
    (عن: كعب)
    *
  • «من خرج الى بيت المقدس لغير حاجةٍ إلا الصلاة، فصَلَّى فيها خمسَ صلوات، صبحاً وظهراً وعصراً ومغرباً
    وعشاءً، خرجَ من خطيئته كيوم ولدته أمّه».
    (عن: مكحول)
    *
    أعرفُ اسمكَ، أ صْرُ، أ – الطِّفل الراكض في شوارع القدس. أُمِرْتُ أن أقدّمَ لك عصيرَ
    اليورانيوم. وسوف أقول للقمر أن يوقّع على
    دفتركَ، وللشمس أن تؤرّخ لهذا التوقيع.
    وانظرْ: ها هي جدرانٌ تريقُ حليبَ أحزانها
    على الأرضِ، فَرحاً بكَ.
    وتعرف أنتَ، أ – الشيخ، أيها العصر،
    أنّ النَّمل أكثر علوّاً من الكواكب:
    قدر النّملَ أن يتحدّث مع سليمان،
    ولم تقدر الكواكب.
    ربما، لهذا يتنبّأُ النمل:
    الأحزمة، الأقنعة، الخنادق، الجَرّافات،
    القنابل، الصواريخ، الحقائب، الدواليب، الأدمغة الإلكترونية:
    تلك هيَ الأيامُ المقبلة.
    ربما لهذا،
    تتح قْبٍ سرّ قْف التاريخ.
    *
  1. آَنْدانتي
    يمكرُ الغيب في القدس،
    وهو
    سيّد الماكرين.

II
أَهْلاً بامرئ القيس!
هوذا في طريقه الى بلاد الروم مروراً ببيت المقدس، قبل أن يضع قدميه على عتبتهِ، قرأ:
لِل ريق على ضفاف المتوسط، منذ
البدايات، تاريخ مُدنَّس. لهذا التاريخ الأرضي
موجزٌ سماويٌ اسمه القدس: الناس فيها
اثنان
ميّتٌ يُقيم في السَّفر، وهو مكانٌ متحرّك
وحيٌّ يقيم في القَبر، وهو مكان ثابت.
وكلاهما يُقيم خارج نفسه.
*
كان الليلُ والنهار في صراعٍ يحاول كِلاهما أن يخنقَ الآخر.
وكان الوقت يح وثائقيّ.
غيرَ أنَّ امرأَ القيس، قال مودّعاً:
الكونُ هنا كمثل وردةٍ
بعضهم يريدها عطراً للبشر جميعاً،
وبعضهم يريدها بستاناً له وحده.
برهانٌ آخر:
في بدء العالم، كانت الكلمة،
في بدء الكلمة، كانت الدماء.
*

  • «من زارَ بيت المقدس محتسباً، حرّم الله
    لحمه جسده على النار».
    (عن: أَنَس)
    *
  • «المياه العذبة والرياح اللواقح،
    تخرج من صخرة بيت المقدس.
    وقيل: من أراد أن يشربَ ماءً في جوف
    الليل، فليقل:
    يا ماء،
    ماءُ بيت المقدس، يُقْرئكَ السلام».
    (عن: أبي هريرة)
    *
    هل تَعبتَ، يا امرأَ القيس، من السّير في تلك الشوارع التي
    شَقَّها الغيب؟
    ما أَبرعَها في فَنّ الاقتفاء،
    ما أَنْبَهَ جُدْرانَها في التنصّت.
    ك أن تعانق امرأةً، يسألك حارسٌ:

هل استأذَنْت السماء؟
بلى، ك مرٍ مُرٌّ في هذه الشوارع.
مع ذلك، ها أنتَ تتابع سيركَ أكثرَ إلحاحاً مِن
ذَكَر نَمْلٍ جائعٍ،
صانِعاً من خطواتكَ أوتاراً لموسيقى راقصة،
محفوفاً بقَصبِ أحلامٍ تنفر من ذكورتها بويضاتُ
الظنّ،
ظَنُّكَ أَ ليلٌ آخر،
وثمّةَ ما يوشوشكَ:
يكذب ال نّه صديق الشمس الأكثرُ وفاءً.
غيرَ أنّكَ تعوّدت أن تبدأ دائماً من الصّفر،
لأنك تعوّدتَ أن تَتَنشَّقَ عِطرَ اللانهايات.
كانت جدّتكَ، تلك السماءُ العُكاظيّةُ، تَضَعُ في جيوب
أبنائها عملةً ليست إلا نَردْاً،
وكانت تُوصيهم أن يطرحوها ليلاً، بين رَمْلٍ النجوم، إن كانوا يريدون أن يتماهوا مع أحلامهم.
ووفقاً لوصاياها،
كانوا ينثرون قصائدهم على الرمل،
تب .
أنتَ الآن تحت سماءٍ أخرى. حولكَ جدرانٌ تنزفُ دماً. رؤوسٌ شِبْهُ مقطوعة لا تتوقف عن الكلام. والحياة
شيخةٌ لها شكلُ قنديلٍ يكاد أن ينطفئ، تحاول
الريح أن تشعله.
اطمئني، أيتها الريح،
الأشراك التي تنصبينها تخبئ وراءها غاباتٍ من النار.
وثمة ينابيع من الدم تسيلُ من ثقب إِبْرةٍ تتدلّى من يد السماء.
*
«بيت المقدس، أرض المحشر والمنشَر».
(عن: أبي ذرّ)
*
«يدخل الدجّال الأرض كلّها، إلا أربعة مساجد،
أربعة قرى:
مكّة، المدينة، بيت المقدس، طور سيناء».
(عن: عبدالله بن مسعود)
*
«من مات ببيت المقدس،
فكأنّما مات في السماء».
(عن: أبي هريرة)
*
«من أراد أن ينظرَ الى بقعةٍ

من بقاع الجنّة،
فَلينظُرْ الى بيت المقدس».
(عن: ابن عبّاس)
*

  • كلماتٌ حرابٌ وأسنّةٌ
    والبصير هو دائماً فَرِيستُها.
  • كلا، لن أَزِنَ حياتي إلا بما لا وَزْنَ له،
    وأقصد الضوء.
  • بيديكَ تنقض عروشكَ. عروشٌ تبنيها على الموج. مَوْجٌ: قَصَبٌ غناءٍ بين أثينا وبيروت والاسكندرية.
    قصَبُ ملائكةٍ آثروا أن ينقلبوا الى عُشّاقٍ، وأن يكون المِسْكُ العرب لِتشرّدهم بين الحجاز والقدس.
  • سماؤك نقشٌ لغو حَمّالةُ أوهام. ك ت كلمةٌ في هذا النقش،
    تصط الرؤوس كمثل كُراتٍ دون اتجاه، وفيما تبدو النجوم كمثل حُزَم من القَشّ.
  • تاريخٌ حليبٌ يفرّ من أثداء أمّهاتِنا لكي يُرٍضِعَ القمر وبقيّةَ الكواكب.
  • حين تهجم العاصفة لا تتسلّح إلا بأجسامنا. تملأُ أيامَنا بغيومٍ سوداء لا يستطيع، أحياناً، أن يقرأها حتى
    الضوء.
  • هكذا سنظ النعوشَ قبل الأوان. ندهنها بِعطرٍ مما قَبل التكوين. ونقطَعُ باسمها وريدَ الأرض لكي
    نُغذِّيَ شَرَيان الغيب.
  • أقرأْ بُرْجَكَ، أيها التاريخ، وسوف ترى كيف تنقلبُ التوهمات الى أبراجٍ من الحقائق.
  • الى سرير الفلك، يَسْتَسْلم جسم التاريخ. وها هو يفكّ أزراره.
  1. تِسَارُع
    الريح تقرأ الوَرْدَ
    والعطر يكتبه.
    *
    III
    دَخلت العاشقة حديقة بيتها في القدس حيث يُقيم حبّها.
    الأزهار كلها تح باكٍ تط ها.
    ضحكت وقالَت:
    هَلْ عل من جديدٍ ثوباً آخر لكل زَهْرة؟
    أمسِ، حين التقيتُها، همسَ الليل في أذنيَّ:
    العطر ابْنٌ للوردة،
    لكنه يُولد شاباً.
    *
    (تو بض. إسعاف. مطافئ. ضحايا. إدانات. منع. تم رْق. استحقاق. معتقل. اعتقال.
    سجون. هدم. احتلال)،
    قلتُ لخيالي: تجرّأ. ضع يديك على كتفي القدس.
    وقلت للقدس:
    لماذا أنا المقبل إليكِ، لا أعرف أن أسيرَ إلا الى الوراء؟
    *

(إرهاب. خطف. جهة مجهولة. تشدّد. ا فْي. نَعْي. شَرْع. فساد.
كُ ر. صراع. هيمنة. ملاَذ. غزو. اكتساح.)
الطريقُ خيط عنكبوت. وثمّةَ كونٌ بصيرٌ يزدردهُ كونٌ أعمى. المدنُ احتضارٌ، والزمن هدهدٌ عابر.
الى متى ستظ حمراء؟
*
(صواريخ. عصابات. طوائف. طقوس. هجمات. ألغام. تجارة. اقتتال مذهبي. قَصف. انشقاق. تهدئة. سيادة.
مُرابَحة. أشلاء. جثث. معارك. حلفاء. أعداء. مُسلّحون. اغتيالات. قبائل.)،
طِفْلٌ له هيئةٌ النّعش تحمله أيْدٍ غيرُ مرئية، في اتجاهٍ
بلا اتّجاه. قولوا للأبديّ:
فِرْقتكَ التي تدير المسرح
مجبولةٌ من طينٍ اسمه القَتْل،
وتلبس الفرقة نَسيجاً اسمه الهواء.
*
(نفط. يورانيوم. اختراقٌ للصوت. ذخائر. فضائح. تحقيق. تهريب. قوانين. يمين. يسار. مفاوضات. خيانة.
تعذيب. نزوح… إلخ)،
«في القمر شِقٌّ إيروسيٌّ تحفره السياسة»، قال عالِمٌ فَلكيّ،
«في الأرض ثقوبٌ تتشبّه بثقوب الجسم الإنسان مٌ في الطبيعة،
بينهما، كان الجُودِيُّ الجبَلُ يتح أحمرَ يل لُ الهواء يُموسِقُ رقصه على
إيقاع غبارٍ ذَرّيّ.
خيوطٌ وأسلاكٌ تنسج عباءاتٍ إلكترونّيةً
لمسافرين يجهلون المكانَ،
يجهلهم المكان.
أكداسُ كتبٍ تَرزح تحتَها رؤوسٌ لحِججٍ واهيةٍ خَطَّها قلمُ المعجزة.
لم أقل ذلك لأي ملاكٍ. قلته لِشهابٍ أخرس، لم يكد يشتعلًُ حتى انطفأ.
هناك من تل لا رابعَ له
إلا ظِلّه.
الرُّعب نفسُه نغمٌ في قيثار الشمس.
*

  • «يا رسول الله، أ لق أوّلُ دخولاً الى الجنّة؟
  • الأنبياء.
  • ثمّ من.
  • الشهداء.
  • ث ن؟
  • مؤذّنو بيت المقدس».
    (عن: جابر)
    *
    «لم يُستَشْهد عبدٌ قطُّ، في بَرٍّ أو بَحْرٍ
    إلا وهو يَسمع أذَان مؤذّني

بيت المقدس من السماء».
(عن: كعب)
*
«صخرة بيت المقدس من صخور الجنة».
(ابن عباس)
*
«صخرة بيت المقدس على نَخْلةٍ،
والنخلة على نَهْرٍ من أنهار الجنّة.
تحت النخلة آسيا امرأة فرعون،
ومريم ابنة عمران،
تنظمان سُموطَ أهل الجنة الى يوم القيامة».
(عن: عُبادَة بن الصامت)
*
ماذا نكتب، إذاً، وكيف؟

  • كتابة الواقع استنساخ. انفصالٌ آخر عن الواقع، وعن الكتابة.
  • إن لم نكتب الممكن، فكأنّنا لا نكتب.
  • أهناك معنى لما لا يدخلُ في اللغة؟
  • وما يدخلُ في اللغة، أليس دخولاً في صحراء؟
  • لماذا تكون أحزانُ العقل قبوراً لرغبات الجسد؟
  • لا نكتب الشيء حقّاً إلا إذا رأيناه
    بطريقةٍ يبدو فيها كأنه هو نفسه يرانا.
  • كتابةٌ لا هُوَّة فيها، لا هويّةَ لها.
    (نهاية الحركة الأولى من كونشيرتو القدس، بيروت – باريس، 2010)
    مثل العديد من قصائد أدونيس الطويلة ، “كونشيرتو القدس” عبارة عن بناء حجر فوق حجر ، محشو
    باقتباسات من مصادر العصور الوسطى – وخاصة مؤرخو القدس العرب – وأيضا من النصوص الدينية
    والخيال الحديث. تتناوب الأشعار مع النثر ، وفي بعض الأحيان ، تصبح القصيدة شبكة نصية ، مع أجزاء
    من العبارات متباعدة على الصفحة بطريقة مالارمي (أحد المؤثؤين الرئيسيين على أدونيس). يشير التلميح
    الموسيقي في عنوان العمل إلى أن الاستشهادات المُجمَّعة تهدف إلى أن تكون بمثابة خلفية للأغاني المنفردة
    المتنافرة لصوت الشاعر. بينما تدعم الأجزاء الأوركسترالية الأسطورة السماوية للقدس ، يصر أدونيس
    على تاريخها الأرضي. يستشهد بحديث نبوي يقول: “من أراد أن يرى بقعة من السماء فليحدق في القدس”
    ، لكن القدس هي “قفص إلهي” ، أرض قاحلة من الأسلاك الشائكة وبيوت مهدمة ، حيث “جثث و
    الأطراف المقطوعة “متناثرة فوق الأنقاض. القصيدة ليست ندما على فردوس مفقود ، لكنها إدانة لفكرة أن
    بعض الأماكن على وجه الأرض أقدس من غيرها.
    ولد أدونيس ، واسمه علي أحمد سعيد إسبر ، عام 1930 في قرية قصابين ، جنوب اللاذقية ، شمال غرب
    سوريا. ينحدر أدونيس من عائلته علوية ، لكنه لم يدعي هوية طائفية أبدا. عندما كان في سن المراهقة ،
    انضم إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي ، الذي كان منافسا لحزب البعث العربي ، على الرغم من أن
    الاثنين كان لهما أيديولوجية علمانية. دعا القائد الكاريزمي للحزب السوري القومي الاجتماعي ، المسيحي

الأرثوذكسي اليوناني أنطون سعادة ، إلى إحياء ما أسماه “سوريا الكبرى” ، وهي أرض تضم سوريا
ولبنان والأردن وفلسطين. بالنسبة لسعادة وأتباعه ، كانت سوريا دولة متوسطية. كان المسلمون العرب فقط
أحدث طبقة من الحضارة فيها مع أسسها في أسطورة الشرق الأدنى. اعتمد علي أحمد الاسم المستعار
أدونيس في أواخر الأربعينيات ، تيمنا بالإله اليوناني الفينيقي للموت والقيامة. و نشر عددا من القصائد –
مقطوعات بلاغية بارعة لشاعر في أواخر سن المراهقة – حول موضوع النهضة الوطنية السورية. يشير
الاسم الجديد إلى احتضان أدونيس لهوية متوسطية متعددة الطبقات (اعتقد اليونانيون أن أدونيس كان ابن
الملك الآشوري ثياس) ورفض أي شعور عربي بالانتماء.
فر أدونيس من سوريا إلى لبنان في عام 1956. وكان قد أمضى العام السابق في السجن – “عام من
التعذيب ، جحيم حقيقي” كما يسميه ، و كما أطلق عليها فيما بعد – بعد أن كان أحد أفراد قوات الأمن.
اغتال مسلح ضابطا بالجيش السوري ( عدنان المالكي) ، مما أدى إلى اعتقال أعضاء الحزب المدنيين
والعسكريين. في بيروت ، بذل أدونيس قصارى جهده للتخلص من ماضيه السياسي وإعادة اكتشاف نفسه
كشاعر طليعي. وكما كتب لاحقا في مذكراته عن تلك الفترة ، كانت بيروت بالنسبة له “مدينة البدايات”.
في العقد الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، برزت العاصمة اللبنانية كمركز للحياة الفكرية العربية،
واغتصبت المكانة التي كانت تحتلها القاهرة في السابق. كان لبنان هو المكان المصرفي المفضل لدول
الخليج الغنية بالنفط. توافد السياح على فنادقها الفاخرة وشواطئها المزدحمة بالبيكيني ؛ ووسط صعود الدول
الأحادية ذات الحزب الواحد ، جاء المفكرون الساخطون من جميع أنحاء المنطقة للاستفادة من قوانين
الرقابة الليبرالية.
في عام 1957 ، ساعد أدونيس في إنشاء مجلة “شعر” الفصلية ، وهي مجلة عالمية متألقة ، تم استعارة
اسمها من مجلة الشعر الأمريكية. أصبحت مجلة شعر منبرا للشعر الحديث في اللغة العربية. ومن موقعه
هناك ، كتب أدونيس بيانات لصالح قصيدة النثر – وهو موقف راديكالي في ذلك الوقت ، حيث أن كل
الشعر العربي تقريبا ، منذ فترة ما قبل الإسلام فصاعدا ، كان مؤلفا وفق نظام بحور الشعر العربية
المعروفة. نشرت مجلة ” شعر” ترجمات عربية لشعراء أوروبيين ، من بينهم و. ب. ييتس ، عزرا باوند ،
وت.س.إليوت. و ترجم أدونيس بنفسه أعمال بول كلوديل وسانت جون بيرس وإيف بونفوي.
خلال سنواته الأولى في بيروت ، ابتعد أدونيس عن الشعر ذي الطابع القومي وبدأ في كتابة القصائد التي
جعلت منه الشاعر الأكثر احتراما وإثارة للجدل في الشرق الأوسط. يعتبر كتابه “أغاني مهيار الدمشقي”
عام 1961 (ترجمه إلى الإنجليزية عدنان هدار ومايكل بيرد ، “مهيار دمشق: أغنياته”) ، على نطاق
واسع وهو من أفضل كتاباته. مهيار ، بطل المجموعة ، هو شخصية ذات أبعاد أسطورية ، منفي يتجول
في مشهد متبلور ويطرح عقيدة جديدة – في الواقع ، عقيدة جديدة. تلقي لغة أدونيس تعويذة طقسية:
هنا يأتي من تحت الأنقاض
في مناخ الكلمات الجديدة ،
يقدم قصائده للرياح الحزينة
غير مصقول ولكنه ساحر مثل النحاس.
هو لغة تتلألأ بين الصواري ،
هو فارس الكلمات الغريبة.

يرى بعض القراء أن اغتراب مهيار عن بيئته الأصلية – كلماته الغريبة وتقاربه مع صواري البحر الأبيض
المتوسط – يُعتبر استفزازا. القوميون العرب ، على وجه الخصوص ، اتهموا أدونيس وزملائه الشيعة
(العديد منهم كانوا أيضا في الحزب القومي السوري الاجتماعي بتجاهل تقاليدهم الأدبية. بالنسبة لهؤلاء
النقاد ، المتحمسين لحماية “وحدة” الثقافة العربية ، كانت الأشكال المستوردة مثل قصيدة النثر بمثابة رأس
جسر للغزو الإمبريالي الجديد. لم يكن من المفيد أن يكون أدونيس والعديد من زملائه ينتمون إلى خلفيات
من الأقلية – على وجه التحديد المجتمعات التي سعت إليها القوى الأوروبية تاريخيا كحلفاء. نازك الملائكة،
شاعرة عراقية بارزة ، وصفت مجلة “شعر” بأنها “في بيروت باللغة العربية بروح أوروبية”.
جعل أدونيس من مهمته أن يُظهر لمنتقديه مدى ضآلة معرفتهم بالتراث الذي زعموا الدفاع عنه. أمضى
السنوات العشر التالية منغمسا في مجموعة من الشعر والفلسفة والفقه العربي. كانت النتيجة زوجا من
المساعي الموسوعية: “مختارات من الشعر العربي” من ثلاثة مجلدات (1964-1968) ، والتي تضمنت
قصائد من القرن السادس إلى القرن التاسع عشر ، وعمل من أربعة مجلدات للنقد التاريخي ، ” الثابت
والمتحول “(1974). في كلا العملين ، ادعى أدونيس اكتشافه تراثا مضادا “حديثًا” مدفونا في التراث
الكلاسيكي نفسه. في كتابات الشعراء العباسيين ، وشيوخ الصوفية ، وعلماء الشيعة ، والفلاسفة الأندلسيين،
وجد تقليدا للمنشقين الذين يستهزئون بالأرثوذكسية. كان هذا دليل على أنه لا يوجد شيء اسمه تقليد موحد.
بدلا من ذلك ، كان هناك العديد من الماضي في الماضي ، وبعضها قد يكون مفيدا في الوقت الحاضر.
في عام 1975 ، أدى اندلاع الصراع الأهلي في لبنان إلى وضع حد للحقبة الجميلة في بيروت. لقد
حرضت الحرب المجتمعات المسلمة والمسيحية والدرزية ضد بعضها البعض ، وسرعان ما انقضت القوى
الخارجية. أصبحت العاصمة اللبنانية مرادفة للتعصب العنيف وليس الانفتاح الفكري. المثقفون الذين لجأوا
إلى هناك يبحثون الآن عن مواطن جديدة. في عام 1985 ، وهو العام الذي غادر فيه إلى باريس ، نشر
أدونيس “كتاب الحصار” ، وهو قصيدة وداع مريرة لمنزله الذي عاش فيه ثلاثة عقود و استحضاره لمدينة
تحولت بفعل العنف الطائفي، كان ينذر بقصيدته اللاحقة عن “القدس”:
لقد غيّر القتل شكل المدينة – هذا الحجر
هو رأس الطفل –
ويتم إخراج هذا الدخان من رئتي الإنسان.
كل شيء يقرأ منفاه.
هناك الكثير من القواسم المشتركة بين هجوم أدونيس على الوحدة وحملته القديمة ضد القومية العربية. يبدو
أن فكرة الوحدة – و التجانس – تنفره. بالنسبة لأدونيس ، فإن هوس الوحدة يؤدي حتما إلى العنف ضد
الأشخاص الذين لديهم معتقدات مختلفة. كما أنه يؤدي إلى ضيق الأفق الروحي. “كونشيرتو القدس” مليء
بالأسئلة ، وكأنه توبيخ لحقائق العقيدة:
كيف يمكن للإنسان، خالق المعنى،
رسم مصيره في كلام واحد؟
فكيف تستطيع روحه
أن تسكب في جدار؟

القصيدة هي أيضا أكثر تصريحات أدونيس حماسة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. (هذا موضوع ،
على عكس معظم المثقفين العرب من جيله ، تجنبه بشكل عام ، على الرغم من أنه أوضح منذ فترة طويلة
ازدرائه للقيادة الفلسطينية). – “يمكنك حتى أن تورثها لأبنائك من بعدك ، لتنالها كملكية ؛ يمكنك استخدامهم
كعبيد دائمين “- ومن ثم ، لتوضيح القصة الرمزية الحديثة ، يجد ردا في مقطع من حبقوق:” ويل لمن يبني
بلدة بسفك الدماء ويؤسسها على الظلم! ” تتذكر أقسام أخرى من القصيدة هدم الحي المغربي عام 1967
(هدم لتوسيع ممر الحائط الغربي) والنفق الجاري تحت الحي العربي بوادي حلوة. بالنسبة لأدونيس ، فإن
هذا التاريخ من الدمار والفصل العنصري هو الإرث المشترك لجميع الديانات التوحيدية الثلاث. إن تاريخ
إسرائيل في الاستيطان غير القانوني والاستبعاد الإقليمي هو أحدث مثال على مخاطر الخلط بين الدين
والسياسة.
يستعير أدونيس ، مثل العديد من شعراء الحداثة ، السلطة الأدبية من التقليد الذي أعلن أنه عفا عليه الزمن.
المتكلم في قصيدته في القدس هو نبي في الأيام الأخيرة، ومنذر يعرف أن كتالوج جرائمه سيتم تجاهله
بالتأكيد. من المستحيل قراءة “كونشرتو” – النغمة الشديدة للغة ، وتكراراتها المؤكدة وصورها العنيفة – دون
تذكر العهد القديم والنماذج القرآنية. لا يوجد شاعر عربي معاصر آخر نجح في استحضار الجمال القاتم
للأعمال القديمة حتى أثناء تصويرها بأشكال مأخوذة من طليعة القرن العشرين. جزئيا لأن اللغة العربية
المكتوبة هي لغة أدبية ، تختلف عن اللغات العامية المختلفة التي يتم التحدث بها في جميع أنحاء المنطقة ،
فإن العظمة الخطابية هي اللغة الأصلية للغة العربية بطريقة لا تنتمي إلى اللغة الإنجليزية. تكافح ترجمة
مطاوع لتضاهي أعنف رحلات أدونيس ، لكن بلاغتها وغضبها يأتيان من خلال:
لا يزال الخراب هو الخبز اليومي لأرض الله.
هل ستتحول النبوات أيضا الى حصار؟
وهل ستحفر انفاقا في كلامهم؟
وهل تنقسم رؤاهم إلى صواريخ وقنابل وبراكين غاز وفوسفور؟
يمكن أن تكون قصيدة “كونشيرتو” تجربة خانقة. في نهايتها ، تكتسب القدس كآبة جهنمية يبدو أنها لا
تسمح بدخول الضوء. وهو أقرب ما يمكن لأدونيس أن يقترح بديلا عن ديستوبيا التوحيد في بداية القصيدة.
نقرأ في صفحتين:
أَهْلاً بإمرئ القيس!
هوذا في طريقه الى بلاد الروم مروراً ببيت المقدس،
قبل أن يضع قدميه على عتبتهِ، قرأ:
لِلدّم الذي أُريق على ضفاف المتوسط، منذ

البدايات، تاريخ مُدنَّس. لهذا التاريخ الأرضي
موجزٌ سماويٌ اسمه القدس: الناس فيها
اثنان
ميّتٌ يُقيم في السَّفر، وهو مكانٌ متحرّك
وحيٌّ يقيم في القَبر، وهو مكان ثابت.
وكلاهما يُقيم خارج نفسه.
*
كان الليلُ والنهار في صراعٍ يحاول كِلاهما أن يخنقَ الآخر.
وكان الوقت يحوّل المشهد الى شريطٍ وثائقيّ.
غيرَ أنَّ امرأَ القيس، قال مودّعاً:
الكونُ هنا كمثل وردةٍ
بعضهم يريدها عطراً للبشر جميعاً،
وبعضهم يريدها بستاناً له وحده.
برهانٌ آخر:
في بدء العالم، كانت الكلمة،
في بدء الكلمة، كانت الدماء.
+هل تَعبتَ، يا امرأَ القيس، من السّير في تلك الشوارع التي
شَقَّها الغيب؟
ما أَبرعَها في فَنّ الاقتفاء،
ما أَنْبَهَ جُدْرانَها في التنصّت.
كلّما حاولتَ أن تعانق امرأةً، يسألك حارسٌ:
هل استأذَنْت السماء؟
بلى، كلّ ثَمرٍ مُرٌّ في هذه الشوارع.
مع ذلك، ها أنتَ تتابع سيركَ أكثرَ إلحاحاً مِن
ذَكَر نَمْلٍ جائعٍ،

صانِعاً من خطواتكَ أوتاراً لموسيقى راقصة،
محفوفاً بقَصبِ أحلامٍ تنفر من ذكورتها بويضاتُ
الظنّ،
ظَنُّكَ أَنّ سريركَ ليلٌ آخر،
وثمّةَ ما يوشوشكَ:
يكذب اللّيل هو كذلك، ولو أَنّه صديق الشمس الأكثرُ وفاءً.
غيرَ أنّكَ تعوّدت أن تبدأ دائماً من الصّفر،
لأنك تعوّدتَ أن تَتَنشَّقَ عِطرَ اللانهايات.
كانت جدّتكَ، تلك السماءُ العُكاظيّةُ، تَضَعُ في جيوب
أبنائها عملةً ليست إلا نَردْاً،
وكانت تُوصيهم أن يطرحوها ليلاً، بين رَمْلٍ النجوم، إن كانوا يريدون أن يتماهوا مع أحلامهم.
ووفقاً لوصاياها،
كانوا ينثرون قصائدهم على الرمل،
تبرّكاً واحتفاءً.
أنتَ الآن تحت سماءٍ أخرى. حولكَ جدرانٌ تنزفُ دماً. رؤوسٌ شِبْهُ مقطوعة لا تتوقف عن الكلام. والحياة
شيخةٌ لها شكلُ قنديلٍ يكاد أن ينطفئ، تحاول
الريح أن تشعله.
اطمئني، أيتها الريح،
الأشراك التي تنصبينها تخبئ وراءها غاباتٍ من النار.
وثمة ينابيع من الدم تسيلُ من ثقب إِبْرةٍ تتدلّى من يد السماء.
+- كلماتٌ حرابٌ وأسنّةٌ
والبصير هو دائماً فَرِيستُها.

  • كلا، لن أَزِنَ حياتي إلا بما لا وَزْنَ له،
    وأقصد الضوء

امرؤ القيس (الذي يُترجم أكثر بحروف لغة امرؤ القيس) كان أميرا مشركا عربيا من القرن السادس عشر،
اشتهر جزئيا بتصميمه على الانتقام لمقتل والده على يد قبيلة مجاورة. وفقا للأسطورة ، شعر الأمير بالجنون
بسبب الحاجة إلى الانتقام لدرجة أنه طلب المساعدة من الإمبراطور المسيحي جستنيان ، حاكم بيزنطة.
بالنسبة لبعض العرب ، جعل هذا اسم امرؤ القيس مرادفا للتعاون مع القوى الخارجية.
لكن الأمير اشتهر أيضا بشعره المثير. حتى بالمعايير المعاصرة، فإن بعضها مفعم بالحيوية. في قصيدته
الأكثر شهرة، على سبيل المثال ، المعلَّقة ، أو “القصيدة المعلقة” ، يصف الشاعر ممارسة الحب في هودج
مع امرأة ترضع طفلها:
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعًا
فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِيْ تَمَائِمَ مُغْيَلِ
إذا ما بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْحَرَفَتْ لَهُ
بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لم يُحَوَّلِ
في قصيدة أدونيس ، الأمير هو شخصية شاهد على التاريخ الملطخ بالدماء الذي نحن على وشك قراءته. لا
عجب أن أمرؤ القيس مشرك ومتعاون عابر للطوائف وشاعر حب ، “عابر” فقط في القدس. و لا مكان له
في عاصمة التوحيد ، وسرعان ما يتلاشى من قصيدة أدونيس. لكنه باقٍ ، ربما كممثل لما يمكن أن يكون ،
وبالتالي لما يمكن أن يكون مرة أخرى. يقال أن النبي محمد سمّى امرؤ القيس “زعيم الشعراء في نار
جهنم”. وهي تسمية قد يتخذها أدونيس بفخر على أنها تسميته.
“للغزاة أن يقولوا. للرواة أن يقولوا. للشعراء أن يقولوا عن القدس “موجز سماوي” أو “سماء على
الأرض و للشاعر أن يزجّ ويرصّع ما قالوا، وخاصة رواة المسلمين: “ليست القدس في عقل المسلم وفي
مخيلته أرضاً بقدر ما هي سماء – جنة. “

كونشرتو القدس/ أدونيس
..

نُشر في النسخة المطبوعة العدد 18 و 25 كانون الأول 2017، بعنوان “أصوات مسموعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى