أحوال عربيةأخبارأمن وإستراتيجية

هل ستعود إسرائيل الى سيناء مجدداً ؟

الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات

يمكن لنا أن نقولها وبأريحية، إن سيناء هي هدف اليهود باعتبارها (صندوق الذهب)، وفقاً لما وصفه المفكر جمال حمدان، فالصهاينة حاولوا الاستيطان في سيناء منذ زمن طويل، وهناك أطماع ممتدة لإقامة كيان صهيوني بالمنطقة، لذلك يكرر الاحتلال الإسرائيلي في غزة ما فعلته عصابات الصهاينة “شتيرن” والهاغاناه” قبل حوالي 75 عاماً من عمليّات القتل والترويع لإجبار سكان القطاع على ترك بيوتهم ليعيد طرح سيناريوات “الوطن البديل” بعد خروج تسريبات من قبل مراكز بحثية إسرائيلية وإعلام غربي في شأن مشروعات تستهدف تحويل أجزاء من سيناء إلى مناطق مخصصة للفلسطينيين.

تعد الضربة الخاطفة التي قامت بها حماس (طوفان الأقصى( حجة مواتية من الحجج الاسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من غزة الفلسطينية إلى سيناء المصرية التي طال انتظارها، والأدلة على ذلك كثيرة، حيث كشف تقرير نشرته وكالة أسوشيتدبرس، عن أن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية طرحت اقتراحاً، لنقل سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وإعادة توطينهم بشكل دائم.

وتقترح هذه الوثيقة نقل السكان المدنيين في  غزة إلى مدن الخيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد، وسيتم إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع النازحين الفلسطينيين من الدخول للقطاع مجدداً.

فالإسرائيليين يطلقون هذه الأيام تصريحات أكبر من شأنهم، ولكن خشيتهم باتت واضحة من خلال هذه التصریحات الرخيصة ، فالكاتب الإسرائيلي إيدي كوهين ذهب إلى عرض توطين الفلسطينيين في سيناء مقابل حذف ديون مصر الخارجية، مستبعداً أن ترفض مصر هذا الحل بسبب أزمتها الاقتصادية مع دعم أميركي للفكرة بشكل كبير.

بالمقابل مع تزايد عدد غارات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية وما يحصل من مجازر دموية إسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ، وحديث المسؤولين الإسرائيليين عن خطة لاجتياح المدينة المزدحمة بالنازحين برياً، زادت المخاوف من نجاح الاحتلال في تنفيذ مخطط تهجير أهالي القطاع إلى سيناء.

وعلى الطرف الأخر تخشى إسرائيل القنبلة الديموجرافية الفلسطينية حيث إنه بعد سنوات قليلة فإن الفلسطينيين سيزداد عددهم عن اليهود في فلسطين، وهو ما يجعل فكرة الدولة الواحدة خرافية، خاصة أن إسرائيل تسعى دائماً للقول بأنها دولة كل اليهود وليست دولة لكل مواطنيها، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم.

ولا يخفى على أحد أَن أمريكا وذيلوها من كانوا ولا يزالون سبب مشاكل الأمة العربية إذ عمدوا إلى نشر الخراب في المنطقة ذلك ضمن المخطط التآمري ، لتدخل المنطقة العربية في نفق التدخلات الإقليمية، وبعد أن سقطت أدواته في غزة، هناك حالة من القلق والتخبط يعيشها تحالف العدوان على غزة يدل عن الشعور بخيبة أمل وفشل ذريع في تحقيق ما يرمي إليه، فتلاحم الشعب ووحدة الصف الفلسطيني أدخلهم في حالة من الخوف والإرباك فأصبحوا يتخبطون ويعيشون حالة من الهستيريا الإنهزامية، ويبحثون عن الحلول التي تجعلهم يحافظون على ما تبقى من ماء وجههم، ومن هنا كان أحد الأهداف الإسرائيلية الأساسية هي تهجير الفلسطينيين خارج فلسطين لأى مكان، وكسر المقاومة الفلسطينية، وبمباركة الصمت العربي المخيف الذي نراه حالياً ،

لاشك إن إسرائيل تريد من المجتمع الدولي أن يبارك خطوتها، ولم أستبعد وجود دعم دولي للخطوة الإسرائيلية، أو غض الطرف عنها، في ظل حالة التشتت العربي فهناك أطرافا دولية، في مقدمتها أمريكا تدعم هذا الوضع، وتدعم الهجرة الى سيناء، مستغلة  في ذلك المتغيرات الإقليمية والدولية التي تخدم في مجملها موقف حكومة نتنياهو وتتيح أمامها الفرصة لاتخاذ خطوة تالية بإعلان قرار توطين الفلسطينيين بصورة رسمية في سيناء ومن ثم اتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لترجمة هذا القرار لواقع جديد

مما سبق يمكنني القول، إن الكيان الصهيوني ومن يناصره في الغرب أو الشرق يعتقد أنه حان الوقت لإعادة تجريب فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء للتخلص من كابوس غزة أولاً، ومحو القضية الفلسطينية ثانياً، لكن حماقة إسرائيل أنها لا تتعلم من التاريخ خصوصاً حينما يقول إنه يستحيل هزيمة شعب قوي وصامد يتمسك بالحياة وبالأرض.

وأختم بالقول، لقد نقلت المقاومة ببسالتها وصمودها القضية الفلسطينية وحصار غزة، من حالة الجمود والنسيان إلى مظاهرات في كل مدن وعواصم العالم، وأصبحت الشغل الشاغل للدول الغربية وأمريكا، ليس حباً وحزناً على أطفال غزة، بل لإنقاذ نتنياهو من ورطته وإخراجه من مستنقع غزة بأقل الخسائر وحفظ ماء وجهه المسود، فغزة اليوم بمعادلة المقاومة قوية وعزيزة وتحمل جراحها لتصنع الإنتصار التاريخي في المنطقة.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى