في الواجهة

بحرٌ مات عطشاً

كاظم فنجان الحمامي

كانت مساحة بحر آرال Aral أوسع من مساحة دولة سيريلانكا، حيث تبلغ مساحته 68.000 كم²، بينما تبلغ مساحة سيريلانكا 65.610 كم². .
كان هذا البحر المغلق مزدهراً بمياهه العميقة العذبة، ويعج بسفن النقل وقوارب الصيد وزوارق النزهة. .
فيه ميناء كبير، ومرافئ ثانوية، ومراسي صغيرة، وترتبط به مدن وقرى ومعامل وأسواق ومراكز تجارية. لكنها اختفت كلها بخطة تبناها الإتحاد السوڤيتي قبل نصف قرن تضمنت تجفيف منابعه، وذلك بتحويل مصبات نهري (آمو دَاريا) و (سير داَريا) نحو مزارع القطن في تركمانستان واوزباكستان وكازاخستان. ثم حاصرته مشاريع بناء السدود والقنوات الإروائية القائمة على فكرة التوسع الزراعي على حساب البحر، الذي انحسرت مياهه تدريجياً، فانشطر بحلول عام 1987 إلى نصفين: بحر شمالي في كازاخستان، وبحر جنوبي أوسع داخل منطقة (قرقل باغستان) الواقعة في أوزبكستان. ثم انكمش البحر الجنوبي عام 2002، وانشطر إلى نصفين (شرقي وغربي)، واختفى الجزء الشرقي نهائيا بحلول عام 2014، وقد تسبب انحسار المياه العذبة عن هذا البحر في تفاقم حزمة من المشاكل البيئية. حيث ارتفعت الأملاح بشكل كبير، مما جعل المياه غير صالحة للشرب، وأدى أيضاً إلى هلاك الثروة السمكية، وتعطل الموانئ والمرافئ، وتهجير السكان من المناطق الواقعة في الواجهات الساحلية. وتغيرت العوامل المناخية نحو الأسوأ، وأصبحت العواصف الترابية مشبعة بالسموم والملوثات والأتربة المالحة، وعانى سكان المنطقة من مشاكل صحية غير مسبوقة وبأرقام عالية، وسجلت وفيات الرضع أعلى معدلاتها على الصعيد العالمي. .
اما السفن والقوارب والزوارق فقد استقرت فوق قاع البحر المتصحر، وتحولت السواحل إلى مقابر مفتوحة للسفن المهجورة والزوارق المعطوبة. .
كانت هذه احدى الكوارث البيئية الناجمة عن التلاعب بقوانين الطبيعة، وهذا ما حصل معنا في العراق عندما ارتكبت الحكومة أخطر هفواتها بتجفيف الأهوار بذريعة القضاء على المعارضة. .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى