أحوال عربية

على كرسيه لا يجلس غريب

محمد زهدي شاهين

كاتب مقدسي

لا شك بأن الثقافات تتأثر وتؤثر في بعضها البعض، وبشكل خاص يكون تأثيرها وتأثرها اكبر في حال ما كان هنالك احتكاك وتفاعل قوي بينها، كما هو الحال ما بين الثقافة اليهودية والثقافة العربية والإسلامية، إذ يلعب المحيط الاجتماعي دورا بارزا في ذلك الأمر.
“على كرسيه لا يجلس غريب”
هذه احدى تغريدات يانكي درعي على تويتر التي غرد بها في اشارة منه بأنه قد يتولى منصب وزير الداخلية الاسرائيلية عوضاً عن والده أرييه درعي رئيس حركة شاس الاسرائيلية، على اثر قرار المحكمة الاسرائيلية العليا ببطلان قرار تعيينه وزيراً للداخلية في الحكومة الاسرائيلية الجديدة من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يرجح البعض بأنه سيقر هذا التعيين للحيلولة دون وقوع ازمة تعرقل عمل الحكومة الجديدة، حتى ولو كان ذلك على حساب مخالفته القوانين المعمول بها لديهم، أو من خلال التحايل عليها عبر سن قوانين جديدة، كون سٍجّل أرييه درعي حافل بمخالفات فساد خطيرة وكمية مخالفات قانونية متعددة وغير مألوفة، وتقول إستير حيوت رئيسة المحكمة بأنه “يكرر المس بسلطة القانون” وتقول ايضاً في قرارها “بشأن تعيين درعي وزيراً في الحكومة وعدم استخدام الصلاحية بنقله من منصبه هو قرار يتجاوز حدود المعقولية بشكل متطرف”
لو تمعنا جيداً في تغريدة يانكي درعي ذات الكلمات المعدودة، لوجدنا فيها معاني ذات دلالات كبيرة، تحمل في طياتها رسائل لاتجاهات متعددة.
فهي من باب توحي لنا وتقودنا إلى استفحال وتنامي ظاهرة مفهوم المحاصصة، أو ما يسمى تقاسم الكعكة من منطلق ارضية الاستحقاق المكتسب، والملكية في الوسط السياسي الاسرائيلي، وهذا بحد ذاته نتيجة لتدني القيم والمفاهيم في هذا الوسط.
ومن باب اخر تفيد بمفهوم الضرب تحت الحزام، اذ يحمل هذا التأويل في طياته تهديدا مبطنا وغير مباشر لجهتين، أولهما نتنياهو وهذا ما يسمى بسياسة التلويح بالتهديد والوعيد في حال ما تم حرف الحقيبة الوزارية عن عائلة درعي، ونقل عن أرييه درعي بأنه قال بأن مسؤولية بقاءه في الحكومة تقع على عاتق نتنياهو ويجب عليه حل هذه المشكلة، وهذا القول له دلالاته، والثاني على مستوى الحزب أو ما يسمى حركة شاس، من أجل قطع الطريق على منافسي والده، وكما يقول المثل العربي “الطلق الي ما بصيب بِدْوِش” وهذا ما حدث فعلا جراء هذه التغريدة التي أصابت بدون أدنى شك اتجاهات اسرائيلية عدة في مقتل، وهذا مؤشر على عمق ازماتهم وهشاشة المجتمع الصهيوني من الداخل حتى وإن بدا قويا في الظاهر.
إن هذا الأمر وضجيج الازمات -وإن صغرت- ما هي إلا رأس قمة جبل الجليد، الذي يظهر لنا، والذي يعصف بالجبهة الداخلية الاسرائيلية، وهذا الغول الكامن ايضا سيواجه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة الجديدة التي لا تعتبر متطرفة فقط ،فيما يتعلق بنا نحن الفلسطينيين، بل متطرفة حتى على المستوى الداخلي الصهيوني، كونها لا تعير انتباها ولا تأخذ في حسبانها معنى ومفهوم دولة القانون التي يتغنون بها. وفي ظل الازمات الكبيرة التي تنتظر هذه الحكومة المتطرفة بالاضافة الى الازمات التي ستقوم هي بخلقها أيضا لا شك بأنها ستنكص على عقبيها لا محالة، وسيرتد كيدها في نحرها عاجلا أو آجلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى