ثقافة

الأسير المشتبك

في مطالع العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، قرن الذكاء الصناعي والتحرر والتقدم، وتبلور الهويات السياسية والرقمية والثقافية والجنسية، يطل من فوهة منظومة الأبارتهايد الكولونيالي الصهيوني،
كائن كولونيالي مسيطر حديث العهد في إدارة هذه المنظومة يُدعى إيتمار بن غفير، وقد عزم على تطبيق حزمة من الإجراءات والسياسات العقابية التنكيلية بحق الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونه
الظالمة، حيث شرع بحرمان الأسرى من الخبز الساخن، وتقليص مدة استخدامهم للمياه الساخنة المخصصة للإستحمام لأربع دقائق فقط،بالإضافة إلى سلسلة من الإجراءات الأخرى التي سينفذها
بالفترة القادمة.
غير أن المسألة ليست مجرد تضييق للخناق ومعاقبة الأسرى الفلسطيين، بل تكمن بالإمعان أكثر في عميلة  تفكيك إنسانيتهم في سبيل تسهيل إجراءات وسيادات إزاحتهم وتصفيتهم النهائية عن الوجود، إذ أن العقلية التي يتجلى بها المستوطن المتطرف بن غفير
هي عقلية عنصرية إقصائية قائمة على أسس مضادة للإنسانية، من أهمها الخشية من الآخر والمختلف والقادر على الرفض والمعارضة والمقاومة، فهو لم يعاقب الأسرى المحرومين أساساً من حريتهم
ووجودهم الزمكاني الطبيعي لمجرد أنهم أسرى أو سجناء ارتكبوا جرائم ومخالفات كارثية، بل لأنهم ليسوا مثله، ومخالفين للطبيعة المشوهة للمواصفات والمقاييس الصهيونية الكولونيالية، أنه يعاقبهم وينكل بهم
لأنهم قاوموه ويقاومونه في سياق اشتباكٍ مستمر ما بينهم وبينه.
اشتباك تسبب له بالعتء وبالجنون والتوحش، إذ كيف لمكسور أن يقاوم؟
كيف لمقموع أن يُسمع صوته للعالم؟
هي أربع دقائق إذاً، أربع دقائق شَفّت عن الضمير الأخلاقي والزمان الصهيوني، هي المدة المتاحة للأسير الفلسطيني لكي يستمتع بها بالمياه الساخنة، ولكن بن غفير وأمثاله من الكائنات الكولونيالية
المسيطرة لا يدركون أن أربع دقائق هي مدة كافية للإشتباك وللرفض والمقاومة، أربع دقائق هي ما يحتاجه الأسير الفلسطيني لكي يحطم معادلة الكينونة الكولونيالية الصهيونية، من خلال رفضه لقدر الكائن
الكولونيالي الخاضع، أربع دقائق ليستعيد الأسير الفلسطيني ملامحه الانسانية التي يسعى بن غفير المسيطر إلى تشويهها وتفكيكها، أربع دقائق لكي يستفيد المقهور والخاضع والأسير إلى مقاوم ومقاتل
ومشتبك في سبيل حريته لا في سبيل الخبز والماء الساخنين. 
باسم خندقجي
سجن نفحة الكولونيالي

الأسير فلسطيني يقبع في سجن الإحتلال

الأسير/ باسم “محمد صالح” أديب خندقجي،من مواليد 1984، من سكان مدينة نابلس، وينحدر من عائلة مناضلة، وكان قد اعتقل من منزله في مثل هذا اليوم الثاني من تشرين ثاني/نوفمبر عام 2004، بتهمة مقاومة الاحتلال والمشاركة في عملية سوق الكرمل الفدائية التي قتل فيها ثلاثة من الإسرائيليين، وحكم عليه في السابع من آيلول/سبتمبر عام 2005 بالسجن المؤبد (مدى الحياة) ثلاث مرات، وخلال فترة سجنه توفي والده عام 2016.

الأسير باسم، درس الصحافة والإعلام في جامعة النجاح الوطنية، وتميز خلال فترة دراسته الجامعية بالنشاط الوطني والحيوية داخل وخارج الجامعة، وأجاد كتابة الأدب المقاوم والشعر الملتزم والقصائد الوطنية والروايات، المعبرة، واصدر العديد من الكتب الأدبية والمقالات والقصائد والأشعار و هو خلف القضبان و بذلك تحدّى السجّان و ما يزال يكتب و يُبدع و آخر أعماله الأدبية رواية قناع بلون السماء الصادرة في 2022 عن دار الآداب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى